خلال العام الدراسى (2013/ 2014م)، شهدت ساحات الحرم الجامعى أسوأ موجة من أعمال العنف، لم تعرف الجامعات المصرية مثلها من قبل. بل إن هذه الأحداث المستمرة دون انقطاع منذ بداية العام الجامعى فى شهر سبتمبر 2013م، هى التى دفعت القيادات الجامعية إلى التعجيل بامتحانات نهاية العام التى بدأت، على غير العادة، فى نهاية شهر أبريل 2014م. ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى تلجأ فيها جماعة الإخوان إلى أعمال العنف فى الساحات الجامعية، مستغلة الطلاب فى تحقيق مآربها السياسية، دونما أدنى اكتراث بمستقبلهم الدراسى. ففى ديسمبر 2006م، حدثت وقائع القضية المعروفة إعلامياً باسم «ميليشيات الأزهر»، حيث قام العشرات من الطلاب المنتمين إلى الجماعة الإرهابية باستعراض شبه عسكرى فى جامعة الأزهر، اعتراضاً على ما اعتبروه وقتها تزويراً لانتخابات اتحاد طلاب الجامعة.
وإذا كانت قضية ميليشيات الأزهر قد تم التعامل معها فى ساحات القضاء، فإن أحداث العنف الجامعى فى أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو 2013م قد استدعت إجراء بعض التعديلات التشريعية. ففى 16 فبراير 2014م، صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 15 لسنة 2014م، متضمناً إضافة مادة جديدة إلى قانون تنظيم الجامعات، بحيث تخول لرئيس الجامعة توقيع عقوبة الفصل على الطالب الذى يمارس أعمالاً تخريبية تضر بالعملية التعليمية أو تعرضها للخطر أو تستهدف منشآت الجامعة أو الامتحانات أو العمل داخل الجامعة أو الاعتداء على الأشخاص أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تحريض الطلاب على العنف. كذلك، كان صادماً أن يشارك بعض أعضاء هيئات التدريس بالجامعات من المنتمين لجماعة الإخوان فى أحداث العنف الجامعى، الأمر الذى استدعى صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 3 لسنة 2015م بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، مستبدلاً نص الفقرة الثانية من المادة 110 من هذا القانون، بحيث يعاقب بالعزل عضو هيئة التدريس الذى يرتكب أفعال الاشتراك أو التحريض أو المساعدة على العنف أو أحداث الشغب داخل الجامعات أو أى من منشآتها أو إدخال سلاح أو مفرقعات أو ألعاب نارية أو مواد حارقة أو غير ذلك من الأدوات والمواد التى تعرّض الأفراد أو المنشآت أو الممتلكات للضرر أو للخطر.
ورغم تسليمنا بضرورة التعديلات التشريعية آنفة الذكر، فإن مسار الأحداث داخل الجامعات فى أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو 2013م ينبئ عن عدم وجود خطة طوارئ جامعية للتعامل مع الأزمات أو رؤية استباقية فى «إدارة المخاطر» (Risk Management). والمقصود بهذا المصطلح هو النشاط الإدارى الذى يهدف إلى التحكم بالمخاطر وتخفيضها إلى مستويات مقبولة، أو التنبؤ المسبق بالمخاطر التى يمكن أن تتعرض لها المؤسسة وقياسها وتجهيز خطة متكاملة للسيطرة عليها أو على الأقل تخفيض آثارها السلبية إلى مستويات مقبولة تضمن استمرار أداء الخدمة العامة فى كل الظروف ورغم كل الأزمات. ويبدو مستساغاً أن تعتمد خطة الطوارئ الجامعية على طريقة «التعليم عن بعد» أو «التعليم الإلكترونى» كبديل للتعليم فى قاعات الدروس. ويمكن لجامعة القاهرة الاعتماد أيضاً فى هذه الخطة على قنواتها التليفزيونية كبديل لقاعات المحاضرات، ولا سيما فى الكليات ذات الأعداد الكبيرة مثل الحقوق والتجارة. كذلك، أتاحت شبكة الإنترنت بعض الإمكانيات الجديدة، والتى لا تتكلف كثيراً، مثل إنشاء قنوات على اليوتيوب، وبحيث يتم التواصل مع الطلاب ومواصلة الدروس من خلال الفيديوهات التى يتم نشرها على اليوتيوب. وتكفل هذه الوسائل، بلا شك، استمرار العملية التعليمية وعدم تأثرها بأعمال العنف. والله من وراء القصد.