يوم الخميس الموافق 24 يناير 2019م، استمتعت جماهير كرة القدم المصرية، بمختلف أطيافها واتجاهاتها، بمباراة من العيار الثقيل بين فريقى الزمالك وبيراميدز، وانتهت نتيجتها بالتعادل الإيجابى بثلاثة أهداف لكل فريق. وفى صباح اليوم التالى للمباراة، وفى تغريدة على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، قال النجم أحمد حسام «ميدو»: «تخيلوا لو 4 أو 5 مستثمرين أجانب و3 أو 4 مستثمرين مصريين اشتروا أندية مصرية وأصبح لدينا 5 أندية أخرى مثل بيراميدز، و30 مباراة قوية فى الموسم مثل مباراة الأمس، والمدرجات ممتلئة عن آخرها بالجمهور، وأصبح لدينا نظام وكل عناصر المنظومة الرياضية تعرف ما لها من حقوق وما عليها من واجبات. حلم أحلم به من زمان، لأن الدورى المصرى عريق يستحق الحلم» (منقول بتصرف مراعاة لاستعمال اللغة العربية الفصحى بدلاً من اللغة العامية).
لقد تغيرت المنظومة الرياضية فى العالم المتقدم، وأصبحت الرياضة صناعة متكاملة الأركان، وغدت الأندية الرياضية «مشروعات استثمارية» بكل ما تحمله هذه العبارة من معنى. إن اتخاذ النادى الرياضى شكل الشركة يتفق مع النظم العالمية الجديدة لإدارة أندية المحترفين، ويتسق مع متطلبات الاتحادين الدولى والأفريقى لكرة القدم، والخاصة بضرورة تأسيس شركات مساهمة تدير المنظومة الاحترافية لكرة القدم فى الأندية. ووفقاً لهذا النظام، يتكون مجلس إدارة النادى المحترف (الشركة) من كبار حمَلة الأسهم، والذى يعين إدارة تنفيذية محترفة تدير كل شئون كرة القدم الفنية والاقتصادية، بينما يتولى مجلس إدارة آخر، منتخب من الجمعية العمومية للأعضاء العاملين (كما هو موجود فى مصر فى الوقت الحالى) إدارة شئون النادى الاجتماعية وتوفير الخدمات لأعضائه، إلى جانب الفرق الرياضية غير المحترفة. وقد سبق لبعض الخبراء فى الشأن الرياضى المصرى أن طالبوا بتطبيق هذا النظام، ومع ذلك لم تجد هذه الأصوات صدى أو استجابة حتى تاريخه (الأستاذ عصام عبدالمنعم، توابع زلزال أورلاندو!! جريدة الأهرام، قضايا وآراء، الخميس 8 أكتوبر 2015م).
فهل يحق لنا أن نحلم بأن يأتى اليوم الذى نسمع فيه عن شركة النادى الأهلى لكرة القدم، وشركة نادى الزمالك لكرة القدم، وشركة النادى الإسماعيلى، وشركة نادى الاتحاد السكندرى، وشركة النادى المصرى البورسعيدى. وهل يمكن أن يأتى اليوم الذى يكون فيه كل نادٍ مملوكاً لأحد المستثمرين المصريين أو الأجانب القادرين على النهوض به فنياً وإدارياً، بدلاً من إدارتها بواسطة مجموعة من الهواة الذين لا يتورعون عن اللجوء إلى رجال الأعمال بزعم الإنفاق على الفرق الرياضية وشراء اللاعبين؟!!! وكم أستغرب أن تنشر الصحف القومية أخباراً عن أموال مدفوعة تحت الترابيزة من أجل شراء أحد اللاعبين، دون أن يتساءل أحد عن حق الدولة فى هذه الأموال. وربما يكون من المناسب فى هذا الصدد أن تعلن مصلحة الضرائب أمام الرأى العام عن حجم الأموال التى قامت المصلحة بتحصيلها من تجربة نادى بيراميدز، منذ نشأة النادى وحتى تاريخه، مع المقارنة بينها وبين ما تم تحصيله من الأندية الأخرى.
لقد أحسن قانون الرياضة المصرى الجديد صنعاً عندما كرس الباب الثامن منه للنص على «الاستثمار فى المجال الرياضى». ولكن التساؤل الذى يطرح نفسه هو: متى يتم تطبيق هذه الأحكام؟ ومتى تخرج إدارات الأندية الكبرى من سيطرة الهواة، وتدخل فى عصر الاحتراف الحقيقى؟ هل يمكن أن نحلم باليوم الذى يشارك فيه أول وثانى الدورى المصرى فى كأس أوروبا للأندية الأبطال (تشامبيون ليج)، بينما يشارك الثالث والرابع فى كأس أبطال أفريقيا؟! والله من وراء القصد.