حريق المسجد الأقصى .. 43 عامًا من المحاولات المستمرة لتهويد القدس
"بأكفانهم العارية.. وأجسادهم المنهكة.. وأرواحهم الغالية" تصدى أهل القدس لمحاولات اقتحام وإحراق المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل المزعوم".. عبارات تصدرت صدر الصحف العربية بعد محاولة إحراق الجناح الشرقي من المسجد الأقصى عام 1969، على يد أسترالي يهودي متطرف.
في مثل هذا اليوم 21 أغسطس 1969، شب حريق ضخم في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى، أتى على كامل محتويات الجناح، بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، وكاد يطال قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة اللامعة. مايكل دينيس روهن، يهودي متشدد، تسبب في تفجر ثورة عارمة في أرجاء العالم الإسلامي.
اليوم.. الذكرى 43 لحريق المسجد الأقصى، التهم الحريق أجزاءا مهمة منه، ولكنه مع تهديده لمحتويات الجناح الشرقي، لم يتسبب في إحراق كافة المحتويات. في اليوم التالي لحريق المسجد الأقصى، أدى آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد، وخرجت مظاهرات في أنحاء القدس احتجاجا على الحريق، وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب.
خلال الحريق، تعمدت سلطات الاحتلال قطع المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد في نفس اليوم، وتعمدت سيارات الإطفاء التابعة لبلدية القدس، والتي يسيطر عليها السلطات الإسرائيلية، التأخير لعدم المشاركة في عمليات إطفاء الحريق، وهو ما دفع سلطات الإطفاء العربية من الخليل ورام الله، لإرسال سيارات الإطفاء لمكان الحريق.
ونتيجة للاحتجاجات التي عمت أنحاء القدس، وتداعيات الموقف التي تسببت في توجيه المجتمع الدولي الاتهامات لإسرائيل، ألقت السلطات الإسرائيلية القبض على روهن، وادعت إصابته بالجنون، فرحلته إلى أستراليا، حيث مازال يعيش هناك حتى الآن.
على الجانب الآخر، اتهمت الصحافة العربية، إسرائيل بإحراق المسجد الأقصى، في حين أن روهن ادعى أنه حاول إحراقه بعد قراءته لمقالة كتبها هربرت أرمسترونج في مجلة "بلين تروث"، الصادرة في يوليو 1967، وتضمنت نبوءات عديدة ثبت خطأها بعد ذلك، حيث جاء في مقالة أرمسترونج تنبؤات باقتراب موعد إقامة الهيكل اليهودي في القدس، خلال أربعة أعوام ونصف كحد أقصى.
واستمرارا لتبعات الحريق، أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات صراحة، عن أن الحريق هو السبب الأساسي الذي يدفعه لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل، متجنبا ذكر اسم روهن نفسه. وأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا رقم 271 لعام 1969، بتاريخ 15 سبتمبر، أدان إسرائيل فيه لحرق المسجد الأقصى، داعيا في الوقت ذاته لإلغاء الإجراءات التي قد تغير وضع مدينة القدس، مشددا على ضرورة التقيد باتفاقيات جنيف والقانون الدولي، إلا أن إسرائيل تعللت بأن الجاني يعاني من أمراض عقلية.
أجريت عدة عمليات ترميم شاملة للمصلى القبلي الرئيسي في المسجد الأقصى المبارك، عقب الحريق، فتم ترميم القبة الخشبية الداخلية للمصلى، وكذلك الرخام والأسقف والأقواس والأعمدة والزخارف، وتم إعادة تركيب القبة الخارجية باستبدال ألواح الألومنيوم بأخرى من الرصاص، كما أعيد تركيب سورة الإسراء بالفسيفساء المذهبة فوق المحراب.
ورغم مرور 43 عاما على الحريق، مازالت محاولات تهويد القدس مستمرة، فما بين حفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى في محاولة لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم، وإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل دولة لـ "اليهود" فقط، وحتى محاولات إقرار تشريعات ومشاريع قوانين تسهل عمليات بناء الهيكل على أنقاض الأقصى، مازالت محاولات انتزاع المسجد الأقصى مستمرة حتى الآن.
القناة السابعة الإسرائيلية في تقريرها اليوم عن ذكرى حريق المسجد الأقصى، أكدت أن جماعة "المقاومة الشعبية" الفلسطينية، والتي وصفتها القناة بأنها جماعة إرهابية، قد أرسلت تهديدا، اليوم الثلاثاء، لإسرائيل، تحذرها فيه من المساس بالمسجد الأقصى، مؤكدة أن خطوة كهذه من شأنها أن "تفتح أبواب جهنم".