«أشرح لسيادتك مدى المعاناة التى مررت بها منذ أكثر من عشر سنوات وأنا أشيد مصنعاً كبيراً للأثاث المنزلى والمكتبى والفندقى بمساحة 6000 متر على ثلاثة طوابق، وقد أنهيت بناء المصنع وتجهيزه منذ سنتين تقريباً وقمت بشراء أحدث خطوط الإنتاج من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، وبدأت المعاناة الكبيرة مع الجهاز الإدارى لترخيص المصنع رغم أنه فى المنطقة الصناعية بمدينة 6 أكتوبر، وبعد الانتهاء من الترخيص بدأت المعاناة الأكبر مع التشغيل، الذى يتطلب منى شراء السيارات والخامات وإعداد الجهاز الفنى للتصنيع مع طاقم المهندسين والإداريين، وقد لجأت إلى البنك الأهلى للحصول على قرض قيمته خمسة ملايين جنيه من مبادرة الرئيس، وتم إعداد الأوراق المطلوبة للمشروع، التى استغرقت أكثر من خمسة أشهر، وبعد استكمالها قيل لى مطلوب منك وثيقة تأمين بقيمة مبلغ القرض، وهذه الوثيقة تكلفنى الكثير وهو غير متاح بالنسبة لى، ولجأت أخيراً للدكتورة نيفين جامع، رئيس جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبعد الاجتماع مع المسئولين بالجهاز ثلاث مرات كان آخرها بالمصنع، وأبدوا إعجابهم به وبتجهيزاته التى لا مثيل لها فى أى مكان آخر داخل مصر وخارجها، وبعد مفاوضات طويلة أخبرونى أن المتاح ثلاثة ملايين فقط، بشرط أن يكون هناك تأمين 30% من أصل هذا المبلغ، ووصلنا إلى 20% أى لكى أحصل على القرض مطلوب أن يكون لدىّ ستمائة ألف جنيه، علماً بأننى أنفقت كل ما أملك على بناء وتجهيز وترخيص المصنع، الذى تقدر قيمته الحالية بأكثر من خمسين مليون جنيه، وسوف يوفر خمسمائة فرصة عمل كمرحلة أولى لشباب الصناع والفنيين والمهندسين والإداريين، المصنع سوف يلبى متطلبات السوق المحلية علاوة على التصدير، وقد لجأت إلى أبواب كثيرة لكى أفتح هذا الصرح الكبير ولكن فشلت، والمصنع حالياً مغلق بعد كل التشطيبات التى تمت به على الوجه الأكمل منذ أكثر من سنتين».
مهندس عيد يوسف كامل (نيو آرت للأثاث امتداد المنطقة الصناعية الثالثة بالسادس من أكتوبر قطعة 447).
إلى هنا انتهت رسالة المستثمر، التى تحمل مأساة حقيقية تعتبر نموذجاً لحالات كثيرة ضحية للروتين والبيروقراطية وأيضاً للوائح والقوانين العقيمة، التى تؤدى إلى ضياع كثير من الفرص فى هذه الظروف الصعبة التى تشهدها البلاد، أتمنى من محافظ البنك المركزى وأيضاً وزيرة الاستثمار ووزير الصناعة ورئيس جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة والرقابة الإدارية إيجاد حل لهذه المشكلة، ليس من أجل صاحب المصنع الذى أنفق كل ما يملك فى بنائه، ولكن من أجل فتح أبواب رزق لـ500 شاب عاطل، وليعلم الجميع أن البطالة هى السبب الرئيسى للإرهاب والتطرف الذى يهددنا جميعاً، قيادات الدولة العليا تشجع الاستثمار وتبذل قصارى جهدها لتهيئة مناخه وتنفق الكثير لجذب مستثمرين جدد أجانب ومحليين، ولكن ما زالت لدينا بعض العقبات فى التطبيق وتحتاج إلى حلول جذرية، وقد تكون المشكلة فى المسئول نفسه، وربما يكون معذوراً ويخاف من اتخاذ قرارات جريئة تلقى به خلف القضبان، لذلك يجب على الدولة حماية المسئولين ونسف القوانين المكبلة لهم، حل مشاكل المستثمرين القدامى هو أفضل دعاية للاستثمار، وظروفنا الاقتصادية تتطلب من المسئولين العمل بإخلاص على إزالة العقبات أمام المستثمرين لتوفير فرص العمل وتخفيض الأسعار، وليس منطقياً أن يلجأ المواطن إلى رئيس الجمهورية فى كل كبيرة وصغيرة وتحيا مصر.