منذ فجر التاريخ، قبل الميلاد بعدة قرون، قرر المجتمع الإنسانى حاجة المجتمع إلى قانون أو لائحة آداب المهنة المطلوبة عندما يمارس الأطباء مهمتهم حيث يتعاملون مع الإنسان فى أضعف أوقاته وفى بعض الأحيان عدم قدرته على اتخاذ قرار أو على حماية نفسه.. وصدر قانون «أبوقراط»، الطبيب الإغريقى الشهير، قانون مزاولة آداب المهنة، الذى تطور على مدى سنوات ممارسة المهنة.
واتفق وزراء الصحة العرب على قانون مزاولة مهنة الطب فى البلاد العربية وهو قطعة من الأدب الإنسانى والأخلاقى ولا يجوز مزاولة مهنة الطب بعد انتهاء فترة التعليم والتدريب إلا بعد أداء الطبيب هذا القسم أمام مسئول من نقابة الأطباء حيث يتم إعطاؤه تصريحاً بترخيص مزاولة المهنة بعد ذلك وتقوم لجان خاصة بمحاسبة الأطباء عند الاتهام بمخالفة آداب المهنة.
وفى رأيى أن من أهم بنود لائحة آداب المهنة «أن أبذل جهدى فى استنقاذ الحياة من المرض والألم والقلق للمريض الفقير والغنى والقريب والبعيد والصالح والخاطئ (المسجون) والصديق والعدو (أثناء الحرب)».
فى أثناء حكم الخلفاء كان مسئولو الحسبة يتابعون أداء الأطباء ومسئولى الصحة للتأكد من الممارسة الأخلاقية لمزاولة مهنة الطب.
وفى البلاد الأوروبية كانوا ولا يزالون يؤدون قسم أبوقراط، وتقوم المجالس الطبية المختصة بمحاسبة الأطباء عند مخالفة أخلاقيات هذا القسم.
ابن ميمون، الفيلسوف والطبيب اليهودى، كان فى مصر أيام الحكم الأيوبى وكان رئيس الطائفة اليهودية فى مصر وله قسم جميل يطلب ممن يزاول مهنة الطب أن يقسم عليه قبل مزاولة المهنة.
ما جعلنى أعيد الحديث فى هذا الموضوع أننى كنت رئيس لجنة آداب المهنة فى نقابة الأطباء قبل انتخابى نقيباً وكنت أتابع التحقيق فى مخالفة آداب المهنة، وغيرت قانون مزاولة المهنة حيث يكون هناك دور للمجتمع عند التحقيق والمحاكمة التأديبية حتى لا تتهم بالمجاملة، وحذرت مراراً من تدهور هذه الأخلاقيات فى ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية للأطباء والتنافس غير الشريف وسوء معاملة المرضى فى التأمين الصحى والعلاج المجانى والإعلام الطبى غير الأخلاقى فى الصحافة والتليفزيون بدون محاسبة النقابة وتدخل وزارة الصحة لإيقاف هذه الفوضى المخالفة للقانون.. وأخيراً، وليس آخِراً ما شغل أجهزة الإعلام ومجلس الشعب حول قرار الأستاذة الدكتورة وزيرة الصحة حول استبدال مدير أحد المستشفيات بالرغم من أنه مدير ناجح، وحاولت أن أعرف سبب هذا القرار وعلمت أن هناك تقريراً عن هذا المدير أنه يفرق فى رعاية المرضى بين من هم عن طريق المسئولين فى الدولة أو مجلس الشعب أو أجهزة الإعلام أما فقراء الأمة وعديمو المحسوبية فيعاملهم بإهمال وعدم اهتمام، ووصلتنى شكوى من أكثر من مواطن سافر 14 ساعة من الصعيد للوصول إلى المستشفى وكان فى حالة تستدعى دخول المستشفى ولكنه تم تأجيله شهراً، هذا فضلاً عن أن السيد المدير لم يعامل الوزيرة أثناء المناقشة معها وهى (قمة الجهاز الإدارى فى مجال الصحة) بما يليق من احترام، وأذكر أننى عملت مع 18 وزير صحة على مدى رئاستى للنقابة وكان منهم زملائى فى الدراسة والتخرج والصداقة ومنهم تلامذتى ولم أخاطب أياً منهم باسمه مجرداً ولكن بلقب معالى الوزير، طوال فترة وزارته وأيضاً ما بعدها.