نضيق فى بعض الأحيان بسبب سلبيات الشعب المصرى ومن أهمها عدم الالتزام بالقانون والرغبة فى الحركة حسب هواهم وليس حسب تعليمات، وهذا قد يعطى انطباعاً سلبياً بأن هذا شعب غير ملتزم ولا يعرف الوطنية ولكن التاريخ يؤكد عكس ذلك.. الشعب المصرى يتمتع بميزة هائلة لا يتمتع بها شعب آخر وهو سريع الانفعال والإحساس بكرامته وكرامة وطنه والتاريخ يقول ذلك، فقد مر على مصر شعوب الأرض فى محاولة لاستعماره وتغيير وطنيته أو انتزاع أرضه ولكن لم يتغير ولم يفقد شبراً واحداً من هذه الأرض الطاهرة، وأذكر فى التاريخ القديم والحديث عدة أمثلة.
لست خبيراً فى التاريخ المصرى ولو أنى كنت أتمنى ذلك وأغبط صديقى وزميلى الدكتور وسيم السيسى على خبرته الفائقة، وأرجو أن يصحح لى بعض المعلومات.
غزا الهكسوس مصر أثناء الأسرة السادسة عشرة (أو الخامسة عشرة) وبقوا فى مصر ثلاثمائة من السنين وكنت أتصور أنهم احتلوا مصر بأكملها ولكن الحقيقة أنهم احتلوا جزءاً من الدلتا وبقى الصعيد ومصر الوسطى قيادة لملوك المصريين. والهكسوس هم من الساميين ومن أقرباء اليهود وفى عهدهم استوطن اليهود مصر فى منطقة بلبيس وما حولها والذى طردهم من مصر هو فرعون، خامس ملوك الهكسوس. وقرأت فى أحد الكتب أن فرعون هو اسم الملك وليس اسم يطلق على ملك مصر وأصبح يعنى فرعون والفراعنة وهم الملوك المسيطرون والظلمة وهذا فى رأى مؤلف الكتاب، وكلامه مقنع جداً هو اسم الملك «اذهب إلى فرعون».
ولم يقل القرآن (اذهب إلى فرعون الملك)، وغير معقول أن كل ملوك مصر فراعنة ومنهم أخناتون الذى يدعى أنه أصلاً نبى وهو أول ملك يطالب بالوحدانية فى العبادة وأنه إله واحد يجب أن نتجه إليه جميعاً. غير معقول أن يكون ذلك وغيره من عظماء مصر فراعنة (يقول الكاتب لا يوجد اسم واحد من المسلمين والمصريين يسمى فرعون ولكن بعض العائلات اللبنانية من المسيحيين يطلق عليهم هذا الاسم).
هزم الهكسوس المصريين باستخدام الأسلحة الحديدية والعجلات الحربية وطرد أحمس الهكسوس باستخدام عجلات حربية أكثر تقدماً وأسلحة حديدية أكثر حدة وبعد ذلك اتسعت الإمبراطورية المصرية حتى وصلت إلى قلب العراق ونهر الفرات وكانت الوطنية المصرية هى القائد والحافظ والمنتصر على سلامة مصر.
سأتجاوز عن كثير من التاريخ المصرى المشرف وحرص المصريين على أرضهم وثقافتهم ودينهم وأنتقل إلى ثورة 19.. شيخ كبير هو سعد زغلول ليس له تاريخ نضالى ولكنه رجل قانون دافع عن المتهمين فى حادث دنشواى وكان وزيراً للعدل وذهب إلى المندوب السامى البريطانى بصحبة شيخين آخرين طالباً السفر لعرض المشكلة المصرية والاحتلال البريطانى على المجتمع الدولى، وعندما رفض خرج المصريون جميعاً وكانوا تحت الاحتلال لفترة أربعين عاماً وتزيد حالتهم الاقتصادية والصحية والسياسية لا تسر صديقاً أو عدواً ومع ذلك خلال أيام خرجت جموع المصريين فى ثورة عتيدة لا نظير لها جمعت السيدات والرجال والمسلمين والأقباط والأغنياء والفقراء واستمرت الثورة حتى الإفراج عن سعد باشا وزملائه وبداية إجراءات الاستقلال.
فى عام 52 خرج المصريون جميعاً خلف القوات المسلحة فى ثورة يوليو التى غيرت مسار مصر وجعلت مصر قائدة للعالم الثالث فى مجال الاستقلال الوطنى والتنمية الشعبية والتآلف مع أفريقيا وآسيا.
لكن بعد نكسة 67 خرج المواطنون فى الشارع طالبين الثأر والانتصار ضد الهزيمة وعودة الأرض المصرية كاملة وكان انتصار 73.
ولى قصة لإبراز حقيقة الشعب المصرى الذى كان فى حالة من التراخى وعدم الاهتمام وظن الكثيرون أن مصر قد نسيت الانتصار للأرض والعرض: الساعة 2 يوم 6 أكتوبر ذهبت لمكتب العميد أشكو له أن والد مريض طفل أزرق كان سيجرى عملية إصلاح للتشوه القلبى صباح اليوم وطلبنا من الوالد التبرع بالدم لابنه لأننا فى حاجة إلى دم طازج، اصفر الرجل وارتعش وبدأ يغادر الحجرة ويجرى حتى لا يلاحقه أحد خوفاً من التبرع. الساعة 2 بدأ أول بيان من القوات المسلحة وبعدها بيان آخر بالعبور.. تركت المكتب وذهبت إلى القسم لأبدأ الاستعداد لقبول أى جرحى وإذ بى أجد طابوراً أمام المستشفى طوله أكبر من كيلومتر لأناس حضروا للتبرع بالدم بدون تكليف استعداداً للمعركة، هذا هو الشعب المصرى.
أصل إلى نهاية المقال وأقول: جاء وزير الدفاع السيسى.. لم نسمع عنه من قبل. تصورنا أنه من الإخوان أو متعاطف معهم لذلك اختاروه لمنصب وزير الدفاع.. الحقيقة أن اختياره كان بتوفيق من الله فلولا السيسى لحكمت «الإخوان» مصر خمسمائة عام بكل ما كنا نتوقع من قهر وظلم وتفريط فى أرض الوطن ولا يمكن أن يكون اختياره عشوائياً ولكن كان بتوفيق من الله الذى يرعى مصر.. أعطى وزير الدفاع قيادة الإخوان إنذاراً بالرحيل خلال 48 ساعة لإجراء استفتاء ولما لم يتم ذلك أنهى نظامهم بالقوة وطلب من الشعب الدعم.. لا يمكن لإنسان اتخاذ مثل هذا القرار إلا إذا كان مدعوماً بدعم إلهى.
فى 24 ساعة كان هناك أكثر من ثلاثة ملايين مواطن فى الشارع هذا هو الشعب المصرى الذى أنشأ مئات الكيلومترات من المسارات الحديثة والكبارى والعديد من المدن الجديدة والأنفاق تحت قناة السويس والعاصمة الجديدة والمصانع الجديدة والمدارس والمستشفيات فى وقت قياسى وبالإحساس بالوطنية والرغبة فى الامتياز والوصول إلى الدولة الحديثة وأقول هذا بتوفيق من الله واختيار منه وأننا على ثقة بأننا سنكمل المشوار وسيكون هذا إنجاز ليسجل فى التاريخ لصالح الشعب المصرى والذى سيحصل على قمة الحضارة والتمدن وسيضيف إلى تاريخه القديم الباهر تاريخاً حديثاً آخر بإذن الله ورعايته وبقيادة راعى مصر الحديثة الرئيس عبدالفتاح السيسى حفظه الله ورعاه وسدد على طريقة المجد والتقدم خطاه.