فى هذا المقال أكمل الرد على مقال الأستاذ «وائل لطفى» المنشور فى «الوطن» بعنوان: (الشعراوى فى ميزان الحاضر)، حيث ذهب إلى أن الشيخ الشعراوى كان مؤيداً للإخوان، وأنه لا يرى فيهم عيباً سوى أنهم استعجلوا قطف الثمار، وقد بينا فى المقال السابق أن عبارة «الشعراوى» عن الإخوان تم اقتطاعها من سياقها الكامل، واليوم نذكر أن الشيخ كان يبغض الإخوان، وإليكم هذا التصريح الجلى الواضح لما سألته مجلة المصور: قلت إن أعدائى هم الشيوعيون والإخوان المسلمون، فلماذا الإخوان؟ فقال: «لأن الإخوان لا يسمعون الإسلام إلا من حناجرهم، إن قام واحد ليقول فى الإسلام وليس منهم فلا يسمعون حديثه». (حوار الشيخ مع مجلة المصور، العدد رقم 2996، 12 مارس 1982م)، وهل يوجد كلام بعد هذا؟
أيضاً قال: (هل نشأت جماعة الإخوان لتحكم أم تُحكم بالإسلام؟ المخلص للإسلام يريد الإسلام، فمن غير الضرورى أن يكون حاكماً، إنما منطق «فيها أو أخفيها» لا يوصل لشىء»! (مجلة المصور)، فهو هنا يقول إن الجماعة ترفع شعار: (فيها أو أخفيها) الذى هو: (إما أبنى أنا أو أهدم).
وحين سُئل عن علاقة «البنا» بالعنف؟ أجاب: «حين أُوجد تنظيماً لأقوى به على غيرى ألا يقوى علىّ هذا التنظيم؟ إن التنظيم الذى كان يريد أن يقوى به على غيره قوى عليه هو، مثل ما شكينا من مراكز القوى، وهذا هو الذى جعلنا لا نعمل تنظيمات». (المصور).
ويقول: «لقد تحولت المسألة داخل الإخوان إلى مراكز قوى ضد البنا، وأنا رأيت بعينى عبدالرحمن السندى وهو يزق البنا ويكاد يوقعه على الأرض». (سعيد أبوالعينين، الشعراوى الذى لا نعرفه).
ويحكى عن علاقته بالإخوان قائلاً: «لقد كنت من الإخوان، لكنى اختلفت معهم بعد أن كتبت أول منشور، لأننى سمعتهم يقولون إن النحاس باشا هو عدونا الحقيقى، لأنه زعيم الأغلبية، وهذه الأغلبية هى التى تضايقنا فى شعبيتنا!! أما غيره من الزعماء وبقية الأحزاب فنحن نبصق عليها جميعاً فتنطفئ!! وكان هذا الكلام جديداً ومفاجئاً لى، ولم أكن أتوقعه، فعرفت ليلتها النوايا، وأن المسألة ليست دعوة وجماعة دينية، وإنما هى مسألة سياسة وأغلبية وأقلية وطموح للحكم، وفى تلك الليلة اتخذت قرارى وهو الابتعاد عنهم». (الشعراوى الذى لا نعرفه).
يقول الكاتب الأستاذ «رجب البنا»، وقد كان مقرباً من الشيخ الشعراوى:
«كان الشيخ مأخوذاً بما يُقال من أن الإخوان جماعة لنشر التربية، ولكنه اكتشف بعد ذلك أنها ليست جماعة دينية، لكنها تسعى إلى السلطة باستخدام العنف، واكتشف أن لها نشاطاً خفياً يتمثل فى الجناح العسكرى، فافترق عن الجماعة، وأعلن بعد ذلك رفضة قيام أى حزب على أساس دينى» (رجب البنا، مع الشيخ الشعراوى).
وعن رأيه فى التيارات السياسية الدينية يقول الشيخ الشعراوى: «لا تلونوا الماء حتى لا تفسدوه، ولا تلونوا الإسلام بأى مذهب حتى لا تصنعوا منه شيئاً آخر، ولقد عانينا من انحراف الشباب، ومن العجيب أن الذين تصدر عنهم هذه الانحرافات ينسبونها وينسبون أنفسهم إلى الدين، ولقد وصلنا إلى وجود جماعات اتخذت لنفسها القدرة والاجتراء على تكفير الناس، وتبرر الاغتيال أو السرقة». (حوار الشيخ مع د. حسين مؤنس، وانظر: محمد يس جزر «الشعراوى فى عيون معاصريه»).
وأخيراً فإننى أدعو الكاتب وغيره لقراءة مقال كتبه مرشد الإخوان «عمر التلمسانى» فى مجلة المصور بعنوان: تصحيح لوقائع، فى 9 أبريل 1982م، حيث شن هجوماً على الشيخ، وقال إنه يكره الإخوان ويتحامل عليهم!! فكيف يأتى بعد ذلك من يقول إنه كان مؤيداً للإخوان؟!!