فلاحون: البيت في الريف كان وحدة متنامية.. والزيادة السكانية سبب الانهيار
البيت الريفى.. كان ينتج كل شىء
«نزيف القرية المنتجة بدأ منذ منتصف التسعينات، عندما تحولت القرية من كونها منتجة إلى قرية مستهلكة أهلها يبحثون عن مسكن ووظيفة وحياة تواكب التطور»، بهذه الكلمات أكد فلاحون على تراجع دور القرية المنتجة حتى اختفى، مشيرين إلى أن مشكلة تسويق المحاصيل من أكثر الأزمات التى يعانى منها صغار المزارعين، وارتفاع أسعار الأدوات الزراعية والسماد، من أكثر المشكلات التى ساهمت فى قيام العديد من الفلاحين بتغيير مهنتهم للبحث عن مهنة أخرى.
"برغش": لم تعد لدينا دورة زراعية حقيقية.. و50% من الأسمدة رديئة وتخرج من مصانع بير السلم
قال المزارع محمد برغش، الملقب بـ«الفلاح الفصيح»: سابقاً كان البيت فى الريف عبارة عن وحدة إنتاج وتصنيع متكاملة والفائض منه كان يتم بيعه، فكان البيت عبارة عن وحدة متنامية، موضحاً أن ذلك لم يعد موجوداً الآن، وهو ما أدى إلى تراجع دور القرية المنتجة. وأضاف «برغش»، لـ«الوطن»، أن طمى النيل كان يأتى بالخير ووقتها لم نكن نعرف اليوريا والنترات ولا الأسمدة الكيماوية، بالإضافة إلى أنه كانت هناك دورة زراعية حقيقية، مشيراً إلى أنه فى السابق كان يتم الاعتماد على التقاوى التى كانت تنتج لمرات عديدة، ولكن أصبح الآن الفلاح يعتمد على التقاوى التى تنتج مرة واحدة.
ولفت الفلاح الفصيح إلى أن مصانع بير السلم تنتج أكثر من 50% من مستلزمات الإنتاج الرديئة للفلاحين من أسمدة ومخصبات زراعية ومبيدات، مشدداً على ضرورة عودة الاهتمام بالزراعات التى كانت تشتهر بها مصر، حيث العمل على بذرة القطن لتوفر الزيت، وأيضاً الكُسب لتغذية المواشى، وهذا لن يأتى إلا بالاهتمام بمحصول القطن. وقال «برغش» إن بنك التسليف الزراعى كان يخدم كل الفلاحين، فلم يكن بنكاً تجارياً ينهب الفلاحين، مؤكداً أنه لولا تدخل «السيسى» وتوجيهه بأن يكون الاقتراض للمحاصيل الزراعية فقط بـ5% خلال فترة المحصول، لم نكن لنتمكن من الزراعة.
وشدد على ضرورة إصدار وثيقة تأمين لتغطية جميع مخاطر الزراعة المصرية ضد القوة القاهرة والتقلبات الجوية فهى أهم السُبل لكى تعود القرية المنتجة، بالإضافة إلى أهمية العمل على إحياء الصناعات التقليدية التى تعتمد على الزراعة والمشهورة فى المحافظات المصرية، مستدركاً: «الريف المصرى يعيش فيه أكثر من 70% من المصريين، فإذا أرادت الدولة إصلاحا سريعاً فليكن الريف المصرى أهم الملفات التى يجب وضعها على مائدة الرئيس السيسى اليوم قبل الغد».
فيما قال فريد واصل، نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، إن نزيف القرية المنتجة وتراجع دورها بدأ منذ منتصف التسعينات، حيث تحولت القرية من كونها منتجة إلى قرية مستهلكة، أهلها يبحثون عن مسكن ووظيفة وحياة تواكب التطور، بعدما وجدوا أن اعتمادهم على الزراعة لن يمكنهم من تحمل ظروف الحياة. وأضاف «واصل»، لـ«الوطن»، أن الزيادة السكانية العامل الأبرز فى انهيار القرية المنتجة، ومثال على ذلك قرية 100 بدر حلاوة بمحافظة الغربية، التى تبلغ مساحتها 1700 فدان، وكان من قبل يسكنها 3000 مواطن يمتلكون 80% من الأراضى، والآن زادت النسبة السكانية 10 أضعاف لتصل إلى 30000 مواطن بنفس مساحة الأرض. وأشار «واصل» إلى أن نسبة التعديات زادت، حيث بلغت المساحة التى جرى التعدى عليها منذ يناير 2011 وحتى منتصف شهر أغسطس الماضى حوالى مليون و941 ألفاً و605 حالات على مساحة من الأراضى الخصبة بلغت 87 ألفاً و14 فداناً، وبلغ إجمالى عدد الحالات التى تم إزالتها 594 ألفاً و727 حالة، على مساحة من الأراضى بلغت 33 ألفاً و421 فداناً، موضحاً أن الكثير من الأراضى المتعدى عليها تحولت إلى عشوائيات تسببت فى مشكلات غذائية وأمنية.
وأكد نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين أنه لا بد من وجود مجتمع زراعى حول المدن، وذلك حتى يحدث التكامل بين القرية والحضر. مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من أزمة القرية المنتجة سببه عدم الاستعانة بالمراكز البحثية وعلماء مصر فى مجال الزراعة وهم كثيرون. وأوضح «واصل» أن تنصل المسئولين من تسويق المنتج الزراعى للفلاح كان سبباً فى العزوف عن مهنة الفلاحة، رغم أنها من المهن القديمة فى تاريخ مصر.
"فرج": تكبدنا خسائر عديدة
وأكد محمد فرج، رئيس اتحاد الفلاحين، أن مشكلة تسويق المحاصيل من أكثر الأزمات التى يعانى منها صغار المزارعين، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوات الزراعية والسماد، ما ساهم بشكل كبير فى اتخاذ العديد من الفلاحين قرارات بيع الأرض والاتجاه إلى التجارة بزعم أنها الأكثر ربحاً، موضحاً أن السماسرة هم من يتحكمون فى منظومة التسويق مما يقلل من أسعار المنتجات الزراعية التى يحصلون عليها من الفلاحين، وبالتالى لا يحققون هامش الربح المرجو.
وأضاف «فرج» أنه على الرغم من توفير البنك الزراعى لصغار المزارعين القروض إلا أنهم ما زالوا يعانون من مشكلة فى التمويل، متابعاً أن أهم المشكلات التى واجهت الفلاح هو تسويق المحاصيل وذلك بسبب تكلفة الإنتاج نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج والمحروقات.
وأوضح أن الفلاح تكبد خسائر عديدة أثرت على مهنته، وعلى سبيل المثال القطن الذى يصل سعر تكلفة القنطار الواحد 1500 جنيه ويبيعه الفلاح بسعر 1800 جنيه، وكذلك الرمان الذى يتم جمعه حالياً وبيعه من الأرض بجنيه واحد فقط للكيلو، وذلك بسبب عدم وجود سياسة للتسعير عادلة طبقاً للمادة 29 من الدستور، التى تنص على إلزام الحكومة بتسويق المحاصيل الزراعية بسعر عادل، كما أن وزارة الزراعة تعد دائماً بتطبيق الزراعة التعاقدية دون تنفيذ.
وأشار رئيس اتحاد الفلاحين، إلى أن ذلك له تأثير كبير على تسويق المحاصيل، فنجد أننا نصنع القطن ولا نزرعه نتيجة استيراد الأقطان من الخارج، كما أن مشكلة انخفاض أسعار الماشية من أهم أسبابها الاستيراد لأعداد كبيرة من رؤوس الماشية خلال الفترة الماضية، يجب على الحكومة أن تساعد الفلاح لأن الزراعة لها دور كبير فى تنمية الاقتصاد القومى.