إن أسوأ أنواع السرقة وأكثرها بذاءة هو سرقة الأحلام من شباب يقتات حلمه كل يوم لكى يحيا غداً أفضل، هذا هو أقل تعريف لما قامت به مجموعة من الهواة، حينما أعلنوا عن تنظيم دورة تدريبية للشباب فى فن تقديم البرامج الإذاعية والإعداد، خُضت التجربة بعد أن حملت أحلامى شأنى شأن 26 شاباً وفتاة قدم بعضهم من محافظات مصر المختلفة ركضاً وراء حلمهم المُعنون فى ذلك الإعلان «دورة إعداد معدى ومقدمى برامج إذاعية وكيفية صناعة الإعلان الصوتى»، الدورة التدريبية الكاذبة لم تقدم أى شىء مما تم إعلانه لمن يملكون أحلاماً بعرض السماء تحت اسم «راديو مصر»، والأدهى والأمر أن الدورة التدريبية أو «النصباية» تكلفت 1000 جنيه كاملة، وهو مبلغ ليس بالقليل على شباب يبدأون حياتهم، والبعض منهم دفع أهله هذا المبلغ لك يساعد ابنه فى خطوة جديدة لأجل موهبته التى يؤمن بها.
لقد ذهبت لكى أتعلم، وكم كنت سعيدة مثلى مثل الآخرين بالعودة إلى صفوف الدراسة، لكن لم أجد إلا وعوداً كاذبة وضحكاً على الذقون، الكورس المزعوم لم يكن إلا حلقات نقاشية واستعراضاً للتجارب الشخصية «مذيع، مذيعة، معدة برامج شهيرة» ليس أكثر، وحينما قرر السادة الأفاضل أن يقوموا بتعليم المنتسبين للدورة التدريبية أعطوهم «واجبات» مدرسية لمقرر لم يتم شرحه أصلاً، فمثلاً طلب منهم فكرة إعداد برنامج وهم لم يعرفوا أصلاً معنى الإعداد البرامجى، وذهب الطلبة إلى موقع «جوجل» للبحث عن معنى الإعداد، لكى يكونوا طلاباً نجباء على شىء لم يدرسوه، فى سرقة مباشرة لحقهم فى التعلم والحلم.
ادّعوا أن هذه الدورة هى الثامنة، وقد خرّجت من قبل العديد من المواهب الشابة التى انطلقت فى العمل فى الحقل الإعلامى والإذاعى، لكنها كانت كذبة أخرى ومجرد «سبوبة» للثلاثة تحت اسم تلك المحطة الراقية «راديو مصر»، الأدهى والأمر أنهم وعدوهم بالتعيين فى «راديو مصر» وبعض المحطات الفضائية الأخرى عقب انتهاء الدورة التدريبية! فى حين أن واحداً منهم لم يمسك المايك لمرة واحدة أو يقدم تقريراً إعلامياً محترفاً.. لكى يعرف نقاط قوته وضعفه أو حتى شكل مخارج ألفاظه أمام المايك!
المثير فى الأمر أنهم سيعطون شهادات معتمدة للمتخرجين من الدفعة التى لا تعرف شيئاً عن أى شىء، بعد أن وضع الثلاثة مدربين الفلوس فى جيوبهم ومعها غصات قلوب الذين لم يجدوا لأحلامهم المؤجلة منفذاً سوى إعلان كاذب وبضع محاضرات تافهة تستخف بالعقول.. وفى النهاية تسألون لماذا وصل حال الإعلام عندنا فى مصر إلى هذه الدرجة؟!
أطالب بتحقيق فورى من إدارة إذاعة «راديو مصر» فى هذه المهزلة، فالكلمة أمانة والحلم أمانة، وعلى كل من يتاجر بالأمانة أن يحاسب حساباً عسيراً، فالمتاجرة بأحلام الشباب لا يمكن أبدا أن تكون مجرد «بيزنس»، وحقوق الناس فى التعلم بعد أن دفعوا «المعلوم» يجب ألا تكون أبداً مسروقة باسم «راديو مصر»، لن نسمح أبداً بسرقة أحلامنا مرة أخرى.