لأنها ككل الأحداث الكبرى فى تاريخ الإنسانية، فإن ثورة 30 يونيو غلفتها وأحاطت بها أسرار كثيرة، القليل منها تم الكشف عنه، والكثير لم يحن الوقت بعد للكشف عنه، وكما كانت البداية الحقيقية للتحضير لثورة 30 يونيو من اجتماع «فيرمونت»، كانت النهاية أيضاً فى الفندق الشهير الذى شهد قبل أيام قليلة من الثورة إحدى المحاولات اليائسة للتنظيم الدولى للإخوان المسلمين لإنقاذ الجماعة فى مصر من مصيرها المحتوم، ومناقشة الخطة العاجلة لتثبيت حكم محمد مرسى باعتباره حقاً للجماعة على مدى تاريخها.
استغل التنظيم الإرهابى بالقاهرة وفاة محمد فؤاد حمودة الشهير بـ«أبوهشام» وهو أحد قادة التنظيم الدولى، وكان مقيماً فى لندن ويتولى الإشراف على مكتب التنظيم فى دول الخليج، وتمت دعوة قادة التنظيم الدولى وغيرهم من القيادات الإقليمية وصل عددهم لنحو 80 قيادياً من معظم دول العالم بحجة المشاركة فى تشييع جثمان زميلهم من مسجد الرحمن الرحيم بطريق صلاح سالم بالقاهرة، وتولى حزب الحرية والعدالة ترتيب الإقامة لهم بفندق «فيرمونت»، وتنظيم اللقاءات التى تم جانب كبير منها (على مدى يومين) بقاعة «أوليكس» بالفندق بحضور المرشد محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر وعدد من أعضاء مكتب الإرشاد، فى حين تمت مناقشة بقية الأمور بالمركز العام للجماعة فى المقطم، تحت ستار تناول الغداء مع المرشد، أعقبه لقاء ثالث فى منزل «بديع» بالتجمع الخامس.
ناقشت الاجتماعات مدى خطورة ما تتعرض له الجماعة فى مصر، خاصة مع اقتراب يوم 30 يونيو المحدد للثورة، واتساع دائرة المعارضة وتصاعد الغضب فى الشارع، وشهدت الاجتماعات اتفاق قادة التنظيم الدولى بالإجماع على ضرورة مواجهتها بمنتهى الحسم لتثبيت أركان حكم مرسى الذى يعتبره «إخوان العالم» بداية حقيقية للمشروع العالمى لحكم المنطقة العربية بأكملها.
استقر قادة الإرهاب فى العالم على ضرورة تنظيم مليونية لتأييد «مرسى «وحماية قصر الاتحادية يوم 30 يونية، وبهدف إخافة المصريين الرافضين استمرار الجماعة فى الحكم من حدوث مذبحة تحت أسوار قصر الرئاسة، كما تم الاتفاق على أن تظل الجماعة -إعلامياً- بعيداً عن ذلك، والتأكيد على أنها لا علاقة لها بتلك المليونية من قريب أو بعيد وأن الأمر يعود لشباب الإخوان الذين دعوا للمليونية عبر المساجد والزوايا ومواقع التواصل الاجتماعى، وحين طرح أحدهم مخاوفه من امتناع أصحاب الأوتوبيسات عن نقل أعضاء الجماعة من المحافظات خاصة بعد تعرض بعض الأوتوبيسات للاحتراق، طمأنهم المرشد بأنه تم التنسيق لاستخدام أوتوبيسات تابعة لشركات قطاع عام يديرها منتمون للإخوان.
والأخطر من ذلك أن المجتمعين طالبوا بضرورة رفع قدرات قوات الحرس الثورى، وأشادوا بقيام خيرت الشاطر برفع كفاءة تلك القوات. التى شرعت الجماعة الإرهابية فى تكوينها فور سيطرتها على الحكم.
الاجتماع ناقش باستفاضة آخر التطورات الخاصة بتدريبات الجناح العسكرى للجماعة، وتطرق النقاش إلى سبب انتقال التدريبات من منطقة الضبعة بالصحراء الغربية إلى منطقة النوبارية، وكان التفسير هو أن جهاز الأمن الوطنى رصد التدريبات، وبالتالى كان القرار بتغيير المكان من باب الحذر والحيطة.
365 يوماً قضاها مندوب إخوان فى قصر الرئاسة، تأكد للمصريين أن الإخوان ليسوا مسلمين، تلاعبوا باسم الدين.. اختطفوا الوطن.. حاولوا فرض هويتهم.. سعوا للسيطرة على مفاصل الدولة، وعندما استشعروا جدية الشعب المصرى فى الإطاحة بهم، استدعوا الإرهابيين من كل أنحاء العالم للتخطيط للمذبحة و«يا نحكمكم يا نقتلكم»، غرورهم أعمى بصيرتهم عن التقدير الصحيح لقدرة المصريين على الثورة ضدهم والإطاحة بهم مهما كان الثمن، فاتهم أن المصرى على أتم الاستعداد فى كل لحظة للتضحية بحياته من أجل الوطن، والأهم أنهم نسوا أن لمصر جيشاً قادراً على حماية مصر والمصريين.
قامت الثورة، وانحاز الجيش للإرادة الشعبية، وذهبت الجماعة الإرهابية إلى غير رجعة.