تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية مسئولية مقتل سفيرها وثلاثة من دبلوماسييها بليبيا، وكذلك الهجوم الذى قام به آلاف الغاضبين من المصريين على السفارة الأمريكية بالقاهرة، بسبب عرض فيلم «محمد نبى الإسلام» الذى يسىء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وهى لا تستطيع أن تتذرع بأنها سمحت بعرض الفيلم انطلاقاً من مبادئها فى حماية حرية الرأى والتعبير. فهذا الفيلم القبيح لا يقع بحال فى هذه الدائرة، وبالتالى فغضبة المسلمين فى مصر وكل أنحاء العالم على هذا الفيلم «المجرم» غضبة مبرَّرة. فليس من المنطق على وجه الإطلاق أن تهان المقدسات التى يؤمن بها الفرد بهذه الصورة الحقيرة ثم تطلب منه بعد ذلك ألا يغضب! فعندما يتسم فعلك بـ«الحمق» فعليك ألا تتوقع أن يتسم رد فعل من أسأت إليه بالحكمة.
الأمر الذى يصعب تبريره حقاً هو تشدق الولايات المتحدة الأمريكية ومريديها بالحديث عن حرية الرأى والتعبير، وذلك على الرغم من أن دور السينما الأمريكية سبق لها منع عرض فيلم «النبى سليمان» لمخرجه الإيرانى شهريار بحرانى، بذريعة اعتماده الرواية القرآنية التى تخالف إلى حد بعيد رواية التوراة عن سيرة سليمان عليه السلام، ويعد الفيلم أضخم عمل فى تاريخ السينما الإيرانية. أين كانت حرية الرأى والتعبير فى هذا الموقف؟! وهل حرية الرأى والتعبير لا ترفع كشعار إلا عند الإساءة للإسلام ولنبى الإسلام (صلى الله عليه وسلم؟!
لقد داست الولايات المتحدة الأمريكية على «حرية الرأى والتعبير» -بلا تردد- لمجرد أن فيلم «سليمان» الإيرانى اعتمد الرواية القرآنية، لكنها كانت شديدة الكرم فى دعم هذا المبدأ الأمريكى الزائف عندما تعلق الأمر بالنيل من نبى الإسلام، ولم تكتف «أمريكا» بذلك، بل سمحت بحماقة أخرى تمثلت فى عقد ما أطلق عليه «المحاكمة الشعبية للنبى»، متحدية مشاعر المسلمين فى كل مكان وضاربة بها عرض الحائط. «كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا».
ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تتعامل مع العرب والمسلمين كجثة هامدة، تماما مثلما كان يتعامل الحكام الذين أطاحت بهم ثورات الربيع العربى، ويتصور صانع القرار فيها أن بإمكانه أن يسمح بوجود مثل هذا الفيلم ثم يمر الأمر مرور الكرام، ذلك هو الحمق بعينه. فكيف يقبل امرؤ مسلم وجود هذا الفيلم الذى يعبر عن تزييف فاضح لحقائق التاريخ، ويعكس خيالاً مريضاً لكاتب جاهل ومنتج موتور من الإسلام، ويتعمد الكذب من أول إلى آخر لقطة فيه على النبى (صلى الله عليه وسلم). على أمريكا أن تتحمل ثمن حماقتها، وتوابع سياسة الكيل بمكيالين، وتعلم أن كيلنا «طفح» منها!