منذ انتخابه رئيساً وتكليفه الحكومة الجديدة، حتى الآن، لم نسمع من عبدالفتاح السيسى خطة واضحة لإدارة شئون البلاد، خاصة ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية العالقة منذ 25 يناير، واكتفى فحسب بدعوتنا إلى التبرع وشد الحزام والترشيد، حتى الملف الأمنى الذى كان ركيزة انتخابه، ما زالت الدولة تعانى فشلاً ذريعاً فى إدارته.
لم يقدم السيسى حلولاً واقعية، سوى الجباية والتحايل لتوفير السيولة المالية من جيب المواطن، والأمر الوحيد الذى بات المواطن العادى يدركه أن الحكومة العاجزة فقيرة الخيال والفكر، قررت اللجوء إلى حزمة من الإجراءات لن يتضرر منها سوى الفقراء، ابتداء من رفع أسعار استهلاك المياه والكهرباء رغم أنهما أصلاً فى حالة يُرثى لها، فكيف نجبر الفقير على الرضوخ لرفع سعر سلعة لا يحصل عليها.
الخط الثانى الذى تسير فيه حكومة السيسى هو رفع أسعار الوقود، البنزين والسولار والغاز، ما يعنى صراحة ومباشرة رفع أسعار جميع السلع دون استثناء ابتداء من ساندويتش الفول والطعمية، وليس انتهاء بالأجهزة والسلع المستوردة. قرار عجيب فى توقيت أكثر عجباً، لأنه يعنى صراحة أن الملايين التى خرجت فى 30 يونيو عليها أن تدفع ثمناً فادحاً، فيما يكتفى النظام الحاكم بالفخر بنجاحه فى خفض عجز الموازنة.
تتحدث حكومة السيسى عن رفع الأسعار لكنها لا تجرؤ على المساس بحقل الألغام المسمى «الصناديق الخاصة» التى تحتوى أموالاً طائلة لجهات فوق الرقابة والحساب، تُقدر بنحو تريليون جنيه، ولو انضمت هذه الصناديق إلى الموازنة العامة للدولة فإنها كفيلة بحل أزمة مصر فى 24 ساعة، لكن الحكومة المرتعشة تفضل اللجوء إلى الحل الأسهل: ليذهب الفقراء إلى الجحيم.
أما الملف الأمنى فحدث ولا حرج، إذ يركز جهاز الشرطة على محاربة الإرهاب، لكنه حتى الآن فاشل بامتياز فى الحد من انتشار العناصر المسلحة بطول البلاد وعرضها، من مترو الأنفاق إلى سيناء إلى محيط القصر الرئاسى إلى صعيد البلاد المنزوع من الوجود الأمنى تقريباً: خطف وبلطجة وسلاح وجرائم بمعدلات لا تزال تتصاعد. والحق يقال إن وزارة الداخلية، فى المقابل، نجحت بامتياز فى التصدى للنشطاء العزل، الذين وإن كان بعضهم ملوثاً، فإن الغالبية الأخرى بريئة ومخلصة وأكثر وطنية من جيوش المهللين والمطبلاتية.
السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى.. ممكن سيادتك تشوف لمصر سكة تانية غير حكاية التبرعات والجباية، هذا الطريق لن يفضى إلى شىء سوى الخسائر.. اللهم قد بلغت.