كل هذه الفرق ترفع راية لا إله إلا الله، وتقسم إنها تعتصم -دون غيرها- بحبل الله، كما أن كل فرقة من هذه الفرق تكفر باقى الفرق وتبيح دماء أعضائها فى جرأة ووقاحة لم يشهدها التاريخ، لقد قرأ كل هؤلاء «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا»، وكأنهم قرأوها: «تفرقوا ولا تعتصموا»، تفرقوا وتنابذوا ثم تناحروا وتقاتلوا بعد أن كفر بعضهم بعضاً وجميعهم يرفع راية كتب عليها لا إله إلا الله، الناس باتت فى حيرة، أهذا هو الإسلام الذى تركه لنا النبى، محمد صلى الله عليه وسلم؟! هل هذه هى أخلاق المسلمين؟ لقد بات الحليم فى حيرة، فقد تم تشويه صورة هذا الدين إلى الحد الذى أصبح فيه الحديث عن الدين من أية زاوية وأمام أية مجموعة من الناس مثيراً للتوتر والانفعال، بيد أن الحقيقة أن الناس لا تكره الدين، وإنما تكره هؤلاء الذين يدّعون التدين، وهم عنه بعيدون، فيقولون ما لا يفعلون، فى مصر شىء من هذا، فالسلفيون والإخوان والطرق الصوفية وجماعة الجهاد والجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة وأنصار بيت المقدس والسلفية الجهادية والسلفية التكفيرية والقرآنيون، وغيرهم ممن لا نعلمهم والله يعلمهم، كل هؤلاء يرفعون رايات كُتب عليها لا إله إلا الله، وكل منهم يكفر الآخر فلا يلتقون ولا يتفقون، فهل هؤلاء يخدمون دين الله؟ هل هؤلاء يسمعون كلام الله؟ هل هؤلاء يعتصمون بحبل الله؟ فسلوك هؤلاء، أقوالاً وأفعالاً، يتنافى مع قواعد الدين، جملة وتفصيلاً، ما فى ذلك شك، إنهم يتحدثون للناس على أنهم أهل جاهلية يقيمون فى ديار كفر يجب مواجهتهم ومقاومتهم، من هنا يجب أن نصارح أنفسنا بأننا جميعاً مقصرون فى حق ديننا وأوطاننا، فهؤلاء الذين كفروا المجتمع وهؤلاء الذين صدقوهم وتعاطفوا معهم وهؤلاء الذين استخدموا القلم والقرطاس للترويج لهذه الأفكار وهؤلاء الذين نأوا بأنفسهم وابتعدوا طواعية عن المشهد برمته ظانين أنهم سيكونون بمنأى عن الحساب والعقاب، بيد أن كل هؤلاء سيكونون قطعاً تحت مظلة الحساب والتوبيخ، إن الملف شائك ومتداخل وتحكمه وتتحكم فيه العاطفة، فالعقل قد تم تنحيته بعيداً رغم أن المولى سبحانه قد أمرنا بالتدبر والتفكر، فالدين الصحيح -أكرر الصحيح- لن يتعارض مطلقاً مع المنطق والعقل، لكن الدين المشوه لا يلتقى بالعقل السليم والعقل المشوه لن يتقبل الدين السليم، إذن نحن نبحث الآن عن الحقيقة، حقيقة هذه الدين، هذا الدين -أقصد بالطبع دين الإسلام- غريب بين أهله الذين أساءوا إليه أيما إساءة، إن الإخوان الذين مارسوا تديناً كاذباً ودغدغوا مشاعر الناس ولعبوا بعقولهم، قد ارتكبوا عن عمد أكبر خطيئة فى التاريخ الإسلامى، ربما بل لا ينافسهم سوى القرامطة الذين ارتكبوا أشد الموبقات فى حق هذا الدين، فالإخوان أساءوا لهذا الدين بالأقوال الكاذبة والأفعال المشينة، والذى نفسى بيده لا أحمل ضغينة لأحد من بنى البشر، فرب الناس هو من سيحاسب الناس على نواياهم وأفعالهم وأقوالهم، لكنها غيرة على الدين من أناس يتحدثون باسم الدين، وللإخوان أقول أنا أسألهم.. ما قضيتكم التى تحاربون من أجلها؟ ما غايتكم التى من أجلها حللتم كل حرام.. لم تعتصموا بحبل الله، كما أمرنا، بل صنعتم لأنفسكم حبلاً مسحوراً وقلتم لأغبيائكم وجهلائكم وتجاركم وموزعيكم هذا هو حبل الله! لم تحقنوا دماء ولم تحافظوا على حرمة بيوت الله ولا شعائره وقبل كل ذلك وأخطر من كل ذلك أنكم تكذبون.. فى صحافتكم وقنواتكم وجزيرتكم ومواقعكم.. تقولون إثماً وتروجون إثماً وتصنعون إثماً، أذكركم بقوله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع» أنتم تختلقون وتنسجون وتروجون الأكاذيب وتظهرون أمام الناس فى صورة الضحية، أفلا تعقلون؟ أفلا تتدبرون؟ إنكم أسأتم لدينكم وأوطانكم وأنفسكم، فهل أنتم منتهون؟