«إلا العنف».. عنوان اقتبسته من أحد أصدقائى وهو يحذرنى ويحذر كل الإسلاميين الذين قالوا إننا سنحمل السلاح مرة أخرى إذا استبعد مرشحنا فلان من الرئاسة أو إذا نجح شفيق أو موسى فى الانتخابات الرئاسية.. وهذه التصريحات تعد متعجلة متسرعة تنظر إلى الأمر من وجه واحد.
فحمل السلاح يا أحبتى خط أحمر للجميع لا ينبغى لأحد أن يتجاوزه مهما حدث من مظالم ومفاسد؛ لأنه سيعيد الحركة الإسلامية ومصر إلى المربع صفر، وهو الذى سيعيد إنتاج نظام مبارك مرة أخرى، وهو الذى سيجعل الدول الكبرى تتعاطف مرة أخرى مع هؤلاء الحكام وتساعدهم على شحن الحركة الإسلامية دون سواها إلى السجون؛ لينعم الجميع بغنائم الحكم وننعم نحن بويلات السجون.
إن الذين يطلقون هذه الصيحات نسوا أن عنف الحركات الإسلامية وقتالها ضد نظام مبارك لم يحركا شعرة فى رأسه ولم يغيرا أى مظلمة من مظالمه بل زادته بغياً وظلماً فى حين استطاعت الثورة السلمية بكلماتها السحرية «سلمية.. سلمية» أن تسقط هذا النظام وتنزل الفرعون من عرشه العتيد، وجعلته يستسلم لإرادة هؤلاء المتظاهرين الذين لا يملكون إلا صدورهم العارية وهتافهم المدوى.
«إلا العنف» رسالة أوجهها إلى كل شاب لم يمر أو يقرأ تجارب المواجهة المسلحة السابقة التى مرت بها الحركة الإسلامية التى ضيعت حقوقها وأوردت شبابها السجون وعطلت عدالة قضاياها وأعطت الذريعة لخصومها لكى يتخلصوا منها. حدث ذلك فى الأربعينات حينما قُتل النقراشى مما أدى إلى قتل رأس الدعوة وقائدها المحنك الشيخ حسن البنا ظلماً وعدواناً، ومحاولة اغتيال عبدالناصر التى أدت إلى أكبر مأساة للإسلاميين فى تاريخ مصر، واغتيال السادات الذى جعل السجون تستضيف أكثر من مائة ألف معتقل إسلامى طوال 30 عاماً بعد اغتياله وهو الذى جاء بمبارك نفسه إلى الحكم وأعطاه أولى الذرائع للبطش بالإسلاميين.
«إلا العنف».. رسالة أوجهها لكل شاب لم يخبر الحياة ويظن أن وصول فلان أو فلان إلى سدة الرئاسة هو نهاية المطاف. كما تصور البعض أن الحل القانونى لجماعة الإخوان هو نهاية المطاف، فقتلوا الذى أصدر قراره، والذين تصوروا أن تحفظ سبتمبر الذى أجراه السادات ووضع فيه كل الأطياف الإسلامية والوطنية فى المعتقل هو نهاية المطاف فقتلوا صاحب القرار، مع أن كل هذه القرارات كان يمكن التصرف حيالها بالطرق السياسية والإعلامية والقانونية وفضح أصحابها أو الانتظار حتى حين، فكل شىء يمكن أن تجد له حلاً، إلا الدماء والعنف فلا حل لهما، فهى ككرة الثلج كلما تدحرجت، كبر حجمها وتفاقم خطرها.
«إلا العنف»، يمكنكم التظاهر، ويمكنكم الاحتشاد فى التحرير، ويمكنكم الاعتراض بكل وسيلة ما دامت سلمية، لكن تذكروا شعارنا «إلا العنف»؛ لأن العنف يعنى أن عهد الثورة السلمية قد انتهى، ويعنى أنك تنتحر وتعطى خصمك فرصة الإجهاز عليك.
إنها رسالة مخلص لا يبغى من الدنيا شيئاً، العنف هو الوحيد الذى يدمر عدالة قضايانا ويشوه سمعتنا ويحول الطيب منا فى نظر الآخرين إلى شرير.