- «إن الاصطفاف الشعبى المنشود والحتمى يلزم لتحقيقه أمور كثيرة، يأتى فى مقدمتها: أهمية وضوح الرؤية الاستراتيجية العامة للبلاد، نعم إن رئيس الجمهورية له رؤية لكن يلزم صياغة هذه الرؤية وتحويلها إلى وثيقة هادية تترجمها على الأرض مؤسسات تتجاوز الشخوص».
- «دوركم خطير، وعليكم أن تحافظوا على اصطفاف المصريين»، عبارة تتكرر على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى لقاءاته المنتظمة مع الإعلاميين ورؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية، وهذه الاجتماعات تؤكد عدة حقائق:
أولاً: إدراك القيادة السياسية للأهمية البالغة للرأى العام فى عالمنا المعاصر، وتحوله إلى ركن أساسى من أركان الحكم وصنع القرارات السياسية، فإذا كانت وظيفة الدولة هى إدارة المجتمع وتنظيم شئونه وتحقيق أحلامه وحماية مقدَّساته وأمنه، فإن الوقوف على آراء المواطنين وميولهم وتحقيق تواصل إيجابى معهم، هى إحدى أبرز الوسائل التى تمكنها من أداء هذه الوظيفة، التى تضمن الحفاظ على الاستقرار السياسى والأمنى، لذلك فإن معظم الدول أقامت مراكز متخصصة لإدارة الرأى العام والتفاعل معه والتأثير فيه، وحمايته باعتباره مسألة أمن قومى.
ثانياً: إدراك القيادة السياسية أن الحركة للمستقبل، ومواجهة التحديات وتحقيق الأحلام والآمال تقتضى أن يكون التحرك جمْعياً ومؤسسياً يقيناً قد أكرمنا الله بقائد وملهم له رؤية، واستطاع فى وقت قصير أن يخرجنا من دائرة الآلام إلى دائرة الآمال، ولكنه كما قال هو بنفسه لن يستطيع أن يحقق شيئاً لوحده، وإنما لا بد من اصطفاف الشعب كله خلفه، وأن يتحمل الجميع مسئوليته تجاه الوطن والأمة المصرية.
ثالثاً: إدراك القيادة السياسية للواقع المخزى لما يسمى الأحزاب والقوى السياسية، التى لا تملك أى تأثير أو تواصل حقيقى مع الشعب، ويكفى لتأكيد ذلك أن الرئيس سواء خلال حملته الانتخابية أو بعدها لم يلتقِ بهؤلاء إلا مرة واحدة ولم تتكرر، وكان واضحاً فى هذا اللقاء أن الرئيس يعلم حقيقة حجم وقوة هذه الأحزاب، وأنها لا تمثل أى ثقل شعبى، وفى كل مرة يتكلم الرئيس عن تحقيق آمال المصريين وتوفير المتطلبات اللازمة، لذلك لا يذكر الأحزاب من قريب أو من بعيد، فهو يعلم أنها لا تملك ما تؤثر به على الشعب سواء على المستوى الفكرى أو على مستوى القيادات الشعبية. ومن المؤكد أن كواليس اجتماعات الأحزاب الأخيرة بشأن الاستعداد للانتخابات، وما ظهر فيها من نفعيَّة وانتهازية هذه الأحزاب قد أكدت للجميع أنه لا أمل فى هذه الأحزاب، طالما بقى على رأسها نفس الأشخاص والرموز الذين تحكمهم مصالحهم الشخصية ولا يكترثون بالمصالح الوطنية.
رابعاً: استمرار حالة الحرب التى تمر بها البلاد وأنها من النوع الرابع للحروب، الذى يُعتبر التأثير على الرأى العام من أهم أسلحته، ولعل ما أعلنه الرئيس من أن قطر وتركيا والتنظيم الدولى للإخوان قاموا بإنشاء مواقع إلكترونية وجرائد وقنوات فضائية، جميعها تعمل على تزوير الوعى وقلب الحقائق وتحريض الرأى العام الداخلى والخارجى على مصر وقيادتها الجديدة - خير دليل على ذلك، وبالتالى فإن لقاءات الرئيس مع الإعلاميين تأتى فى إطار حتمية العمل على مواجهة ذلك من خلال وسائل الإعلام الوطنية.
- هذا، ومن وجهة نظرى أن الاصطفاف الشعبى المنشود والحتمى يلزم لتحقيقه أمور كثيرة، يأتى فى مقدمتها: أهمية وضوح الرؤية الاستراتيجية العامة للبلاد، نعم إن رئيس الجمهورية له رؤية لكن يلزم صياغة هذه الرؤية وتحويلها إلى وثيقة هادية تترجمها على الأرض مؤسسات تتجاوز الشخوص، ويجب تبنى قادة الفكر لهذه الرؤية وهم معنيون بوضع الفلسفات المعبرة عنها، وكذلك يجب تبنى قادة الفعل لها وهم المنوط بهم إحالة الرؤية إلى خطط تنفيذية وخطوات تكتيكية، وأيضاً يجب تبنى قادة الحركة لها وهم المعنيون بتحويل الخطط التنفيذية إلى واقع مقيس بزمن وجودة وتكلفة، ثم يأتى دور قادة الرأى وهم معنيون بمساعدة المجتمع على استجلاء طبيعة مساره والتحديات التى تواجهه والرؤية التى تحكمه، والتنادى على أبناء الأمة للاصطفاف أولاً: باسم الوطن ومستقبله والتحديات التى تواجهه، وثانياً: باسم الرؤية العامة التى تعبر عن أحلامه وطموحه.
فالمشروعات القومية التى بدأتها الدولة هى مشروعات عظيمة، لكن لا بد أن تكون فى إطار رؤية استراتيجية عامة حتى يمكن تقييمها، فمن الممكن أن يكون هناك مشروع قومى مهم ولكن الرؤية الاستراتيجية تقتضى تأجيله، فالرؤية هى الأساس الذى نحتكم جميعاً إليه فى تقييم خطواتنا التنفيذية، وهى الرابط بين جميع المشروعات التى تتبناها الدولة وتعمل عليها.
وبالتالى فإن تحديد هذه الرؤية بشكل واضح وبما لا يتعارض مع متطلبات الأمن القومى، ونشرها فى وسائل الإعلام الوطنية وفى الجامعات والمدارس والنوادى الرياضية والنقابات وغيرها من أماكن تجمع الشعب، والتأكيد على أنها المرجعية الحاكمة - هو من أهم مقومات تحفيز الرأى العام، وتحقيق الاصطفاف الشعبى والتعبئة الاجتماعية، وحماية الشعب من تزوير الوعى ونشر الإشاعات المتعمد الذى تقوم به وسائل الإعلام المعادية لمصر وشعبها، وفى نفس الوقت تبرر للشعب بعض الأمور التى يجب تحملها فى سبيل تحقيق آمال المستقبل.