يتكرر كلٌ من تعبيرى الكتاب والحكمة فى القرآن الكريم، إلا أن التعبيرين منفصلان، حيث يرتبط كلٌ من الكتاب والحكمة بالتعليم من الله للرسل: «ويعلمه الكتاب والحكمة» (آية ٤٨، آل عمران)، ثم: «والتوراة والإنجيل»، نفس الآية والسورة ولنفس الرسول، وهو سيدنا عيسى ثم بعد مرحلة تعليم الكتاب والحكمة ونزول الوحى بالإنجيل لسيدنا عيسى «ورسولاً إلى بنى إسرائيل»، (آية ٤٩)، إذن، مقام الرسالة يختلف عن مقام النبوة ويختلف عن علم الكتاب وعلم الحكمة هذه ٤ أركان مختلفة وبعدها ينفرد كل نبى أو رسول، وهما مقامان مختلفان وتصنيفان مختلفان، ينفرد النبى أو الرسول بعدهما بتكليف الدعوة لقومه بتعاليم هذا النبى أو الرسول وحده منفرداً بالجديد من تعاليم اللَّه، والقديم مما نزل على الرسل والأنبياء من قبله وفى كل الأنبياء كان يصاحب رسالة النبى المنزّلة له من السماء وهى دعوته لقومه فهما تعريفان مختلفان لمعنى واحد، كما فى سورة النساء لسيدنا محمد آية ١١٣.
سورة النساء هنا أفرد فيها للرسول الكتاب الأزلى الواحد فى علم الله عنده كتاباً محفوظاً واحداً لكل الأنبياء والرُّسل، وهو الكتاب والحكمة لكل الرسل الاطلاع عليه وهذا غير رسالة الرسول وكتابه فهذا مختلف من رسول ونبى إلى غيره من الرسل والأنبياء، إذن يتحد كل الرسل والأنبياء فى الاطلاع على الكتاب الواحد فى اللوح المحفوظ عند اللَّه ويختلفون فى مناسبة تكليفهم بالرسالة من رسول إلى آخر، فقد اختُص بالنبى محمد «وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل اللَّه عليك عظيماً»، لأنه بصفته خاتم النبيين اطّلع على كل كتب ورسالات الرسل قبله وهو بالتأكيد لم يكن معلوماً للعرب ولا الجزيرة العربية ولذا اختص الرسول وحده بالاطلاع على كافة الكتب والرسالات السابقة له، أما من سبقه من الأنبياء فقد اطلع كل منهم على ما سبقه من رسالات، وهو ما أوضحته سورة آل عمران فى خطاب سيدنا عيسى أنه اطلع على التوراة التى سبقته، ثم أنزل عليه الإنجيل، كتابه هو وحده.
هنا نأتى لخاصية خامسة تخص رسل وأنبياء اللَّه وهى «آية الرسول»، أى المعجزة التى تجعل الناس يصدقون أنه مرسل من عند الله فكان لا بد لهم من معجزة خارقة للعادة تبهر الناس وتكاد يجن جنونهم بما رأوه
وبالنسبة للرسول محمد، فقد حرص القرآن على أن يثبت له معجزات إلهية شأنه شأن الأنبياء السابقين، بالإضافة إلى كتابه الخاتم وهو القرآن الكريم ورغم حرص كثيرٍ من علماء السنة، خاصة السلفية الوهابية بعدم إظهار هذا الجانب، فإن القرآن نفسه أثبت للرسول أهم معجزاته وأشهرها غزوة بدر التى رأيت بنفسى فى موقعها اختلاف لون الرمال الصفراء فى هذا المحيط الصحراوى الكبير عن لون الرمال البيضاء فى موقعى العدوتين العدوة الوسطى (والركب أسفل منكم) والعدوة الدنيا مثل الرمال البيضاء فى صحراء مصر الغربية التى نفسرها نحن كعلماء بيئة أنها ابيضت بسبب النيازك التى وقعت عليها ومعجزة غار حراء وما يثبت معجزة النبى فى كيفية طلوعه مع أبوبكر هذا الارتفاع الشاهق للجبل وكيف لم يصل إليهما مقتفو الأثر للأقدام وهم أبرع العرب فيها وكذلك معجزة الريح التى اقتلعت خيام الكفار حول الخندق، فما زال موقع الخندق باقياً، وللأسف تم ردم معظمه لإنشاء طرق!! رغم أننى زرته وصليت بجواره، أما معجزة الإسراء والمعراج فتثبتها الصخرة المرفوعة فى مسجد قبة الصخرة بالقدس وكذلك وصف المسجد الأقصى الذى وصفه الرسول بدقة ثم صدق تنبؤات القرآن بعلو بنى إسرائيل ودولتهم كعلامة على فنائهم وهو ما يحدث حالياً!
ختاماً: سورة يس (آية 82) «إِنَّمَا أَمْرُهُ إذا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»، إذا أراد الله شيئاً تعطلت قوانين الطبيعة من أجله، فحينئذ، البحر لا يُغرق، والنار لا تُحرق، والجبل لا يعصم، والحوت لا يهضم، والعذراء من غير زوج تحمل، والعجوز تلد.عبدالفتاح على