المنهج الدراسى عبارة عن سياق للمواد العلمية أو التربوية التى تعطَى للمتعلمين خلال فترة الدراسة وذلك لجعل عملية التعليم منضبطة ومنسقة ومرتبة وغير مبعثرة. ومن المهم أن يسترشد المنهج بوجهات نظر تربوية حديثة تتماشى مع طبيعة العصر الذى يوجد فيه مثل: وحدة الخبرة وتكامل المعرفة وربط التعليم بالحياة والعمل ومراعاة شرط النضج فى التعلم.
الدول شديدة التقدم فى التعليم، مثل فنلندا أو السويد، تكاد تتخلص من المنهج بشكله التقليدى، حيث يتم مثلاً اصطحاب الطلاب صغار السن إلى أحد المطاعم لقضاء عدة أيام به، وخلالها يتعلمون بشكل منهجى منظم نوعيات الطعام، والفوائد الغذائية له، وتأثيراته على جسم الإنسان، ومن ثم ملامح علم التشريح. ويتعلمون كذلك علوم الإيتيكيت المتبعة فى تناول الطعام، فضلاً عن تعلم الحسابات وإدارة المشروعات الصغيرة. وغيرها من المهارات التى يتم اكتسابها عملياً، بما يشكله ذلك من ماكينة سحرية لتنمية الخيال والإبداع.. لكن هذه البلدان تعتبر موضوعياً فى كوكب آخر، فالمقارنة معها ظالمة بشدة ومحبطة بشكل أكبر.
فى مصر نحتاج لتدريس عدد كبير من المواد للمساهمة فى عملية تغيير نمط تفكير الأطفال. أختار ثلاث مواد لاقتراح تدريسها:
المادة الأولى: «التاريخ القبطى».. يمثل هذا التاريخ مرحلة مهمة وطويلة فى تاريخنا، وإهمال تدريس التاريخ القبطى بالمدارس هو أحد أشكال التمييز غير المفهوم، كما أن تدريسه بالمدارس سيؤكد رسالة أن الحياة بها «آخر» وسيعمل على تعزيز قيم المواطنة ما سيسهم عبر عدة سنوات فى تخفيف حدة الأزمات الطائفية التى تنشب فى الدولة المصرية من فترة لأخرى.
إذن، تدريس هذه الحقبة من التاريخ المصرى بما تحويه من فنون وآداب يدعم تحقيق الوحدة والترابط بين أبناء الوطن الواحد وتغليب لغة الحوار (راجع المادة رقم 50 من الدستور المصرى). ولا أفهم لماذا يدرس الأطفال فى مصر تاريخ شبه الجزيرة العربية بالتفصيل وعلى فترات طويلة، بينما لا نجد التاريخ المصرى حاضراً، فضلاً عن غياب التاريخ الأوروبى الذى سيعطى للمجتمع المصرى لمحة عن كيف وصلت أوروبا لما هى عليه اليوم من تقدم.
المادة الثانية: «الشطرنج».. شعوبنا لا تمارس الشطرنج لأنها تفضل الألعاب القدرية على منظومات التفكير، فـ«قيراط حظ ولا فدان شطارة»، فنحن نعيش إما انتظاراً لما قد يبعث به القدر، أو اعتماداً على الفهلوة والغش عبر «قرص» الزهر الذى يؤدى غالباً إلى «عض» أصابع الندم.
أظن أن تدريس الشطرنج بالمدارس هو أمر مهم لبناء أسس الوعى والإبداع لدى أجيال جديدة ستكون فى وسط لا يعترف إلا بالتفكير سبيلاً وحيداً لفتح بوابات المستقبل. فإن لم يكن المنطق والقدرة على الاستدلال كالماء والهواء، فلن نتقدم بسهولة.
المادة الثالثة: «رؤية مصر 2030».. وهى أجندة وطنية تعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة فى كل المجالات، وظنى أن تدريسها بالمدارس لمتابعة الطلاب خطط واتجاهات الدولة فى كل القطاعات سيصب فى اتجاه التخطيط التشاركى، وسيعزز فكرة الانتماء للوطن.