عملا بمبدأ والدتي الراحلة «ربك بيدي العافية على أد التعب»، وإيمانا بأن المرأة كل شيء، ومن بعدها وبمراحل يأتي الرجل، كأحد رعاياها، ضمن ما ترعى من مسؤوليات وأطفال وعلاقات ورجال.. فإن الرائع شريف مدكور خانه التعبير حين استدعت النساء تعاطفه ونظر إليهن نظرة حنونة وقال عنهن «بييجوا على نفسهم كتير».
في مصر، تتعلم النساء الرجولة قبل أن تتعلم الأنوثة، ما تمارسه بطبعها، يختلف عن ما تتعلمه، فتحدث الصدمة «الشكل ست.. لكن الأداء راجل»، قد يثير الأمر حفيظة كثير من الحقوقيات، أو من يقدمن أنفسهن بمسمى «فيمنست»، لكنه الواقع الذي يفسر الحالات المتزايدة لـ«البيوت المخروبة» وتلك المٌعلقة في أعناق السيدات.
الكون كله يقف على كتف امرأة، وهبها الله القدرة على التحمل، وأعطاها فيما أعطى المقدرة على إدارة العالم كله وهي صامتة.. وقبل أن تنظر إلى تلك الجالسة في بيتك تطالبك باللبن والزبادي والبامبرز وتحكي قصص غسيل الجيران وتمرين الأولاد وجروب الماميز، ويدفعك غرورك إلى الاندهاش وحديث النفس الأمارة بالسوء «بقى هي دي اللي هتدير العالم؟»، أقول لك «هي تديرك أنت وعالمك بالفعل».
تدير المرأة كل شيء، بداية من علاقتها بالرجل، وصولا إلى البيت الذي يجمعها به، تدير عملها وعلاقتها بزملائها، تدير طموحها وترتبه في صورة أولويات، فيما يدير الرجل احتياجاته فقط، يضعها أولوياته، وكلما زادت تضحيات المرأة زادت قدرتها على التخلي والاستغناء، وظلت احتياجاتها مجرد كماليات، إذا تحققت فـ«بركة»، وإن لم تتحقق فـ«استغن عن الشيء تكن نظيره».
أقول هذا لأضع الأمور في نصابها.. لا تجبر الحرة على شيء؛ بل إن كل معاناة المرأة تأتي بإرادتها.. هي التي تضحي وهي التي تصبر وهي التي تثور وهي التي تخطط وهي التي تضع الرجل في خانة المفعول به حتى وإن كان مقدما في ظاهر الجملة على الفاعل.. لا أصدق أن امرأة ضعيفة؛ وإليك الدليل؛ من واقع تجارب الصديقات وحكايات النساء في تجمعات تتمحور حول قوله تعالى «إن كيدهن عظيم».
قالت لي إحداهن في تبرير خروجها للعمل دون احتياج له «ما يستاهلش يرجع يلاقي ست مستنياه في البيت» فيما روت أخرى أنها كلفت زوجها مبالغ كثيرة لتعلم قيادة السيارة وبالفعل أجادت القيادة لدرجة أنها افتعلت حادث ودخلت في الرصيف عنوة للتظاهر بالعكس ولإلزام زوجها بمهام توصيلها والأبناء كلما أحتاجوا.. ومبررها «لو سوقت هيسوق الهبل ويشيل إيده من مشاوير الدروس والتمارين.. ليه أتعب لما ممكن أتعبه» رواية أخرى أدخر تفاصيلها ملخصها أن زوجة عالجت مرض زوجها بالخيانة وهوسه بالنساء بأن تقمصت دور «ريكلام» معه وله دون أن يكشف هويتها حتى الآن ودون أن يغمض لها جفن مبررة فعلتها بأن ثروته هي حقها وشقاها ولن تتركه يبعثرها على بائعات الهوى ولا أنسى تلك التي أتفقت مع مديرة المدرسة على تحصيل مصروفات الباص ثم سدادها للأم دون علم الزوج.. ظلت الأم تتعذر بأن المدرسة ألغت الباص كإجراء إحترازي وصدقها الزوج الذي لا يعلم في أي صف يدرس أبنائه
لا تنحصر حكاياتي في طبقة بعينها.. أملك الكثير قد يعتبره البعض مبالغة لكنه يدون بحروف من نور في كتب «علمني الكيد» صحيح أن نساء كثيرات يجهلن الصنعة لكنه جهل الأنثى بقوتها ومصادر تأثيرها.. تحكي الكوافيرة بفخر عن خلطة إحراج الرجال التي تجيد صنعها كلما عايرها زوجها بأنها كبرت وأصبحت أما لعروس.. أما الصديقة الدادة أم عطيات الممرضة العجوز فقررت إخفاء راتبها عن زوجها الذي يفتشها أول كل شهر؛ بتحويله رصيدا في محفظة على الهاتف وتهديد الزوج بحقنة هواء فارغة إذا استخدم معها القوة في الحصول على أموالها.. تكيد أحداهن في صمت وهي تشتري لزوجها حفاضة كبار وتتعمد حكي قصص خيالية عن مرض زوجها مع الصيدلانية التي يغازلها الزوج وتشك الزوجة في علاقتهما.. أوحت لها أنها تشتري الحفاضات للزوج الذي يعاني تبول لا إرادي وحين سألتها مندهشة «مش حرام عليكي فلوسك؟» اعترفت لي أنها تشتري الحفاضات لتقطع الطريق على زوجها مع الصيدلانية ثم تتبرع بها لدار المسنين التي تجاور مقر عملها
تكثر الحكايات ولا تنتهي طالما في العمر نفس لمزيد من «كيدهن»