لا تقل إنها التكنولوجيا.. وضريبة التكنولوجيا.. وإن العالم كله يتعامل مع التكنولوجيا ووسائل التواصل مثلما نتعامل نحن.
هذا ليس صحيحاً.. ولم يعد هذا الكلام ينطلى على أحد. وصل العالم لفصل تام بين العالم الافتراضى.. والواقع. فصل تام بين هرى مواقع التواصل وبين ما يجرى فعلاً على الأرض. إلا نحن.
جدل «أبوالهول غمض عينيه» وكم تداوله على مواقع التواصل دليل.
السؤال: هل هناك من صدق واقعة «تغميض عين أبوالهول»؟
قولاً واحداً: آه هناك من صدق.. وهناك من بحث. هناك من ربط الحكاية بقرب نهاية الزمان ولعنة الفراعنة، هناك من اعتبرها إشارة لحرب نووية اتصالاً بأزمة روسيا وأوكرانيا
كم أسئلة غير طبيعى يكشف عنها تحليل مضمون حكاية عين أبوالهول على مواقع التواصل.
فإذا كان هناك من بدأ يتساءل ويبحث ويسأل جوجل عن أمر لا يمكن ولا يتصور ولا يجوز ولا منطقى أن يحدث.. فما بالك بما يتعمد أهل الشر تداوله على مواقع التواصل من سموم تحت الجلد وفى الوريد؟
عمقت مواقع التواصل سيكولوجية الشائعة، وأفردتها على نطاق واسع. أضافت مواقع التواصل بعداً أوسع للشائعات.. زمان كان تداول الشائعة فى محيط ضيق.
كل شارع كانت له شائعاته واجتهادات سكانه فى حكى ما، والإضافة إليه، وكان لكل شارع طريقته فى إضافة البهارات والملح و«الحراق».
مع التكنولوجيا باتت ردود الفعل على المشاع، لذلك تحولت الشائعة من كلام فارغ لسلاح قاتل. الأزمة فى أن كثرة التداول يفيد لدى البعض يقيناً، حتى ولو كان المضمون غير منطقى.
بدأت تكنولوجيا التواصل وسيلة تجسس وقياس رأى عام وجمع بيانات.. وانتهت وسيلة هدم وقتل.
بدأت الشبكة العنكبوتية وسيلة اتصال سرى حول العالم لجواسيس الولايات المتحدة من خمسينات القرن الماضى. الروس كان لديهم نظام اتصال سرى موازٍ، لكن خطوط الأمريكيين كانت أوسع وأشمل.
الغرب كان أكثر انفتاحاً، بينما فى روسيا حتى بروسترويكا جورباتشوف كانت السلطات تفحص ساندويتش البرجر لو وجدته مع روسى، ويدخل فى سين وجيم.
قبل أن ترسل البرجر للكى جى بى، وترسل الرغيف للجنة المركزية بالحزب الشيوعى، بينما يرسلون صاحب الساندوتش لسيبيريا لحين وصول النتائج من الكى جى بى.. وخطاب من سكرتارية الحزب الشيوعى بالإفراج.
بعد الحرب الباردة انتقلت حقول الصراع بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة من الأرض إلى الفضاء.
وقتها فقط اكتشف الغرب أن ملايين من ألياف اتصالات جبارة لـ(الإنترناشيونال نت) مبدورة حول العالم بلا فائدة.. ودون جواسيس، فيما انتقلت الحرب بين أمريكا وروسيا للفضاء.
لم يعد للإنترناشيونال نت فى التجسس لازمة، لذلك باعتها الولايات المتحدة لتظهر مايكروسوف وبيل جيتس ثم زوكيربرج وفيس بوك.
بدأت من على مواقع التواصل حروب أخرى، حتى إيلون ماسك لما اشترى تويتر، تكلم عن استهداف الإدارة القديمة لتوجيه الرأى العام العالمى بالبطال!
بايدن قال إنه قلق من أن يستحوذ ماسك على أكثر من ثلث مواقع التواصل. لكن إن جيت للحق لا ماسك ملاك.. ولا بايدن ضحية.