ها نحن أخيراً على مشارف انتهاء عام 2014، حاملاً بين طيات شهوره وأيامه انقشاعاً لغمة المتأسلمين الذين فشلوا على مدار العام فى دفع الوطن نحو سيناريوهات التفكك والفوضى لتبقى شوائب إرهاب يمثل تحدياً يجب مواجهته والإجهاز عليه فى بدايات عام جديد من عمر مصرنا الحبيبة.
فالأحداث فى عام 2014 كانت كثيرة ومتتابعة، ففى مطلع العام كان الاستفتاء على الدستور لتجرى فى منتصفه الانتخابات الرئاسية مروراً بإنشاء صندوق «تحيا مصر» وتدشين مشروع قناة السويس الجديدة لتشهد نهايات العام الحكم فى قضية القرن ونقض الحكم من قبل النائب العام، لنودع العام ونحن نستعد على قدم وساق لإجراء الاستحقاق الأخير من خارطة المستقبل.
فالانتخابات البرلمانية مزمع إجراؤها فى الربع الأول من العام الجديد لتكتمل مؤسسات الدولة وتفيق مصر من تخبطات الأعوام الماضية من مصير سوداوى لم ينقذنا منه سوى الله العزيز الحكيم الذى شاء وقدر أن يبقى المصريون وحدة واحدة لم ينفصم عنها سوى المنافقين ليرد الله كيدهم إلى نحورهم ويفشلهم فى تحقيق مآربهم خلال عام تخللته دعوات مستمرة ومتتالية لإسقاط الدولة وعرقلة إتمام الاستحقاقات الانتخابية.
ففى 2014 شهدت الساحة المصرية تغيرات واضحة على الأطراف الفاعلة والمحركة لمجريات الواقع السياسى عما عهدناه خلال السنوات السابقة منذ قيام ثورة 25 يناير2011م ما بين بقايا الأنظمة السابقة وقوى الثورة والأحزاب السياسية والمؤسسات الرسمية الممثلة للدولة.
فقد باتت هناك مؤسسة رئاسية ليس على رأسها رئيس مؤقت كما عهدنا فى الأعوام الثلاثة السابقة لعام 2014 وإنما رئيس منتخب له شعبية كبيرة تبث تحركاته الأمل فى مستقبل أفضل وغد مشرق فيعطى دائماً انطباعاً مصاحباً لزياراته الخارجية فيه فخر شديد به لحفاوة استقباله وأهمية ما يعود به من اتفاقيات اقتصادية وسياسية وعسكرية تزيد من رصيد مصر ليس فحسب لتعود كبيرة كما كانت وإنما لتزداد قوة وقدرة على القيام بالتزامات إقليمية وعربية فرضتها عليها وقائع التاريخ والجغرافيا لتستمر تحديات كثيرة أمام الرئيس داخلية وخارجية ستشهد معالجات حتمية خلال عام 2015.
أما المتأسلمون، وعلى رأسهم الإخوان، فقد استكملوا بأيديهم الكشف عن حقيقتهم البغضاء، ليظهروا بوجههم القبيح كفصيل عدوانى غاشم يلهث نحو السلطة بكل قوة، غير عابئ بأن يرتكب جرائم القتل والتزوير والتنكيل ليتكاتف المصريون على حمل الدروع التى حمت الوطن من طعنات الغدر لتخر قوى المتأسلمين أمام صمود المصريين فى بطولات للمواجهة كان أبطالها أبناء الشعب والجيش والشرطة الذين دفعوا الدماء الغالية فداءً للوطن لينتج عن هذا الصمود تطورات فى مواقف الدول الداعمة للإخوان والمعادية لمصر ظهرت فى غلق قناة «الجزيرة مباشر مصر» وترحيل بعض قيادات الإخوان عن الأراضى القطرية.
أما بقايا الأنظمة السابقة من السياسيين وقوى ثورتى 25 يناير و30 يونيو والأحزاب السياسية والحركات الشبابية والمثقفين والشخصيات العامة قد قضوا عام 2014 فى استمرار حالة التباين والتناحر الشديد حول ما مضى من أحداث منذ حكم نظام مبارك مروراً بثورتى 25 يناير و30 يونيو وسقوط حكم الإخوان وحتى الآن على أمل أن يشهد عام 2015 برلماناً ينتج عنه ممارسة سياسية تؤدى إلى إعادة بناء وإنتاج نظام حزبى سليم ينعكس بالإيجاب على الوضع السياسى والاجتماعى ليكتمل النضوج الديمقراطى بما يسمح بأن نتبوأ مصاف الدول الحرة المتقدمة.
رحم الله شهداء الوطن فى عام 2014 وما قبله، على أمل ألا يشهد عام 2015 سقوط المزيد من الضحايا، وأن نرى مصرنا محلقة فى السماء، عالية، هامتها عظيمة، مشيدة للآمال، ومحققة للأحلام.