أحمد فهمى.. «ملك الصحافة»
هكذا هى الأيام «دول بين الناس»، محابيس الأمس حكام اليوم، وطيور البارحة كفوا عن التحليق ليسكنوا أقفاص الدولة العميقة، على كرسى «صفوت الشريف» استراح أستاذ الصيدلة، وحمل لقب رئيس مجلس الشورى عن حزب الحرية والعدالة، غرفة السياسة الخلفية لجماعة «الإخوان المسلمون»، فأخذ من المنصب عنوانه، وبقى فى الظل بعيدا عن أضواء الإعلام.
السواد الأعظم بين الناخبين لم يكن ليهتم يوماً بالسياسة، ولا يعرف وجوه صفها الثانى، لذا لم يكن فهمى معروفاً قبل ثورة 25 يناير، لكن تشاء أحكام القضاء، وربما «القدر»، أن يحتل فهمى منصب رئيس مجلس الشعب، وفقاً للوائح الداخلية للبرلمان المصرى، بعدما صدر قرار بحل مجلس الشعب، منذ ذلك الحين لمع نجم الصيدلانى إخوانى التوجه أحمد فهمى ليحرك من مكانه المياه الراكدة، بقرارات مكفولة لديه، من تعيين وإقالة، ليصبح فهمى المتحكم الأول فى مصير صحف الدولة، فى إطار محاولات الجماعة الدعوية من خلال حزبها السياسى للوصول إلى كراسى الحكم، لتحقيق «نهضة» مكتب إرشادها.
البداية كانت مع التغييرات الشاملة لأعضاء المجلس الأعلى للصحافة، أداة مجلس الشورى فى إدارة الصحف القومية، لم تمر بعد ذلك أيام حتى أصدر «فهمى» ومجلسه قراراً بإعادة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان ليفتح رئيس مجلس الشورى الإخوانى جبهات قتال متعددة، لا تقوى صفوف المعارضة المهترئة على الصمود فى أى منها.
بدأ فهمى حياته فى عالم الصيدلة منذ تخرجه عام 1967 ثم حصوله على درجة الدكتوراه فى العلوم الصيدلية (فارماكولوجى) كلية الصيدلة يوليو 1985.. لكنه ترك مؤلفاته ومجال التدريس الجامعى ليتفرغ، بعد فوزه فى انتخابات مجلس الشورى ثم تصعيده إلى رئاسة المجلس بالتزكية، لعالم السياسة.
اليوم.. قرارات كثيرة اتخذها مجلس الشورى الحالى، أكثرها حساسية ما يمتد إلى الصحافة والإعلام، وتحت ذريعة الثورة أصدر رئيس «الشورى» الإخوانى قرارات تؤثر بشكل كبير على استقلالية سلطة الرقابة الصحفية «السلطة الرابعة فى الدستور».
ختم مجلس الشورى قرار تشكيل المجلس الأعلى للصحافة بختم الأغلبية البرلمانية لحزب جماعة الإخوان السياسى، وأنجز المجلس بدوره قرارات تنسف مجالس إدارات الصحف، ومجالس تحريرها، ثم يربض الأعلى للصحافة متأهباً لكل من يقع فى خطأ «قد يتسبب فى بلبلة بالشارع أو يضع رئاسة الجمهورية فى حرج».
وجاء قرار أحمد فهمى الأخير بوقف رئيس تحرير جريدة الجمهورية جمال عبدالرحيم ليثير جدلا واسعا، على الأقل لأن الفعل جديد لم يسبق إليه أحد، ولا حتى صفوت الشريف سلف فهمى فى عز سيطرة النظام السابق.