أعلن الدكتور خالد حنفي، وزير التموين، الأسبوع الماضي نتائج تطبيق منظومة الخبز الجديدة خلال الأشهر العشرة الماضية، الحقيقة أن النتائج التي أعلنها الوزير تضمنت عددًا من الرسائل المباشرة وغير المباشرة.
أما الرسائل المباشرة التي أعلنها الوزير، فقد تضمنت عددًا من الأرقام المهمة التي يجب ألا نغفلها ويجب أن نتأملها جيدًا، فقد كشف نظام توزيع الخبز بالكروت الذكية - بحسب كلام وزير التموين - أن المصريين استطاعوا توفير خبز بما قيمته ستة مليارات جنيه (ستة آلاف مليون جنيه)، وحصلوا بدلًا منه على سلع غذائية أخرى، بما يتيحه نظام النقاط الذي تتضمنه المنظومة الجديدة التي تتبع في توزيع السلع الغذائية المدعمة (المعروفة بالتموين)، والتي يحصل بموجبها المواطن صاحب بطاقة التموين على نقاط تساوي في مجموعها عدد أرغفة الخبز التي استطاع توفيرها هو وأسرته كل شهر من الأرغفة الخمسة المحددة يوميًا لكل فرد من أفراد الأسرة، وبحسب هذا النظام فإن كل نقطة من هذه النقاط تحسب للمواطن بعشرة قروش، وبحسبة بسيطة فإننا نكتشف أن المصريين وفروا 600 مليون رغيف خلال عشرة أشهر، وهذا يعني أيضًا أن هناك ما يقرب من 12 مليار جنيه أخرى وفرتها الحكومة من قيمة الدعم المخصص للخبز، فالحكومة ووفق منظومة توزيع الخبز، وبعد أن حررت تجارة الدقيق، تدفع لصاحب كل مخبز مبلغ ثلاثين قرشًا نظير بيعه الرغيف للمواطن بخمسة قروش فقط، وتحسب عمليات بيع الخبز إلكترونيًا باستخدام الكارت الذكي المخصص لكل عائل أسرة، بالإضافة إلى ذلك - وكما أعلن وزير التموين - فقد تبيَّن أن تطبيق المنظومة الجديدة لتوزيع الخبز حقق وفرًا بلغ 23% من استهلاك الدقيق، وحققت كذلك تخفيضًا بلغ 40% من كميات القمح التي يتم استيرادها من الخارج، وكما هو معلوم فإن مصر تنتج ما يقرب من 55% من احتياجاتها من القمح وتستورد حوالي 45% من الخارج.
أما الرسائل غير المباشرة التي تضمَّنتها النتائج التي أعلنها وزير التموين بعد تطبيق منظومة الخبز خلال الأشهر العشرة الماضية، فهي رسائل مرعبة تكشف إلى أي مدى كان الفساد متوغلًا في قطاع المخابز والجهات الخاصة والحكومية المرتبطة بها، هذا الفساد كان شريكًا متضامنًا فيه كل مستورد للقمح (سواء مستوردين قطاع خاص أو مستوردين ممثلين للجهات الحكومية)، وكان شريكًا في هذا الفساد كل صاحب مخبز كان يحصل على حصة مدعمة من أجولة الدقيق من الحكومة، كان يبيع الجانب الأكبر منها في السوق السوداء ويضع الفارق الخيالي في جيبه، ليس هذا فحسب، بل كان الخبز الذي ينتجه لا يصلح للاستهلاك الآدمي، هذا الفساد كان شريكًا فيه كل مفتش تموين كان يوكل إليه مراقبة إنتاج المخابز من حيث الكميات والجودة ، وبدلًا من مراعاة ضميره كان يحصل على المعلوم من صاحب المخبز، نظير تغاضيه عن كل الممارسات السيئة والتي تؤدي في النهاية إلى سرقة حقوق المواطن الغلبان وتستولي على حقه في أن يحصل على رغيف خبز جيد يقدمه لأولاده مع غموس متواضع !
المثير أن كل الرسائل، المباشرة وغير المباشرة، جراء تطبيق منظومة الخبز، لم تصل لغالبية وسائل الإعلام والقائمين عليه الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء استيعاب أهمية هذه النتائج واطلاع الناس عليها وتنبيههم بما سوف يعود عليهم من فوائد إذا ما استكملت الحكومة طريقها لمكافحة الفساد المستشري في ضمائر الكثير من الناس من كل الفئات !!!