يحكي انه وقبل سنوات عديدة قام شخص اجنبي، يوصف في اللغة المصرية الدارجة بالخواجة، قام بزيارة مصر لتفقد الاحوال والناس والشوارع، طلب الخواجة ان يقوم بجولة في منطقة الاهرامات وابو الهول وخان الخليلي وعدد من المصانع والمرافق.
خلال الجولة وكلما كان " الخواجة" يلاحظ مظهر من مظاهر التسيب والاهمال ،كان يسأل المحيطين به .. ما هذا ؟
فكان يقولون له : يا خواجة كبر دماغك .. شي لله يا سيد ! .
وخلال جولة الخواجة تكرر السؤال ذاته منه عشرات المرات وتكررت الاجابة ذاتها ايضا!
وبعد عودة الزائر الاجنبي ( الخواجة ) الي بلده سأله بعض اصدقائه عما رأي في مصر، قال الخواجة : مصر بلد كويس كتير ، بس فيه واحد اسموا سيد " مبوظ " الدنيا هناك!
هذه القصة كانت تروي كنكته ساخرة تعبر عن مدي الاهمال والتسيب الذي يسيطر علي السلوكيات في غالبية الامور في مصر!
وعلي ما يبدو اننا لازلنا نسيير امورنا بمنطق " كبر دماغك .. شي لله يا سيد "!
كثير من الامور نواجهها بالفهلوة والفكاكة والاستسهال، والمشكلة الملحة، ان غالبيتنا يعرفون السلوك الصحيح ، ولكن لسبب مجهول ، الجميع يتعمد اتباع السلوك الخطأ ، والامثلة كثيرة جدا.
واعتقد ان تكرار تزامن سفر الوفود الاعلامية الي البلدان الخارجية التي يقوم بزيارتها رئيس الجمهورية، اعتقد ان هذا السلوك يمكن ان يدرج ضمن الوقائع والتصرفات التي تجسد نكتة الخواجة ، وشي لله يا سيد !
فالحقيقة ان مثل هذه السفريات، كما اراها، سلوك غير مسبوق في اي مرحلة تاريخية في مصر، وسلوك لم تعرفه اي دولة في العالم !
الطبيعي ان يرافق الرئيس - اي رئيس - في اي جولة خارجية له خارج بلد، وفد اعلامي مهمته الاساسية تكون اخبار الرأي العام ، عبر وسائل الاعلام التي يعملون بها، بما جري خلال تلك الزيارة !
لم نسمع ان وفدا اعلاميا ذاهب مع رئيس دولته لدعوة اعضاء الجالية التابعة لدولتهم للتظاهر والتجمع في الشوارع، لاظهار تأييدهم للرئيس في مواجهة خصومه السياسيين، لم نسمع ، في اي مكان في العالم ، عن اعلاميين يطلقون تصريحات اعلامية وصحفية نارية، تبريرا لمرافقتهم رئيس الدولة خلال جولاته الخارجية ، تصريحات توحي بأن " الرئيس رايح يتخانق وليس متوجها في مهمة رسمية لا مكان فيها الا لادوات السياسة والديبلوماسية ، ولا مكان فيها للحشد والحشد المضاد " !
الحقيقة ان تلك التصريحات تكشف عن عدم ادراك اولئك الاعلاميون ببروتكولات معاملة رؤساء الدول خلال القيام بزيارات لدول خارجية، ولا تدرك ان الحشد وراء الرئيس امر لن يفيد من اي ناحية ، بل من الممكن ان يكون له اضرار، فالغالبية الشعبية التي يحوزها اي رئيس لممارسة مهامه، تحددها صناديق الاقتراع في انتخابات نزيهة ، ولا تتحدد بالمظاهرات التي ينظمها اعلاميون في دول خارجية يزورها الرئيس، اضافة الي ان اي رئيس في دولة ديمقراطية حتما له مؤيدون وله ايضا معارضون، ولا يضير الرئيس - اي رئيس - ابدا ان تنظم كيانات معارضة في الداخل او الخارج، مظاهرات او فاعليات رافضة له.
اضافة الي ذلك، فإن مسألة تكرار الحشد الاعلامي المرافق للرئيس في جولاته الخارجيه، امر يحتاج الي تفسيرات عديدة ، خصوصا حول التكلفة المالية ومن يتحملها، ولماذا لا تنظم هذه الوفود لترويج الرئيس داخل مصر ؟!
احلم بأن يأتي يوما علي بلدنا وقد اختفت منها حكاية الخواجة وسي لله يا سيد !