بحسب كثير من الفقهاء الدستوريين، فإنه لا يجوز لرئيس الجمهورية إصدار إعلانات دستورية، لكن قدرنا أن نناقش ما يفرض علينا، فنقفز على أحقيه السيد الرئيس فى إصدار إعلان دستورى لنسأل: ما الذى جاء به الإعلان الدستورى الجديد؟
نحن أمام خديعة كبرى تسمى «الإعلان الدستورى الجديد»، «الإعلان هو إعادة للمُلغى ولا يوجد استجابة للمنطق أو العقل أو القانون أو الشعب»، هذا نص كلام المستشار «هشام البسطويسى»، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية.
لقد فتح رئيس الجمهورية حواراً مع 54 شخصية أغلبهم من تيار الإسلام السياسى، وكأن الجماعة تحاور نفسها، حتى تحول الحوار إلى مجرد «محلل سياسى» لتمرير الاستفتاء على الدستور المشوه بأى طريقة كانت.
ودار الحوار فى ظل غطاء سياسى واسع من قيادات الإخوان المسلمين، حيث ظهر المرشد العام للجماعة الدكتور «محمد بديع» ليحدث الناس عن المؤامرة على الرئيس، وتولى نائبه المهندس «خيرت الشاطر» الكشف عن أبعاد المؤامرة التى لخصها فى مشاورات داخل القنوات الفضائية!!.
وكأننا دخلنا فجأة فى «فيلم كرتون»، فوجدنا رجال «حازمون» يحاصرون مدينة الإنتاج الإعلامى، ويهددون بسحل الإعلاميين الذين يعارضون انحياز الرئيس لجماعته.. وكأن هدف الجماعة هو قسم شاشات التليفزيون إلى قسمين: (معارضة وموالاة)، وهى صورة موجهة للرأى العام العالمى، وإلى البسطاء ممن يصدقون ذقوناً تحترف الكذب والسباب.
وبينما تتكرر المصادمات الدموية بين (المعارضة والمولاة)، ويتم سحل المعارضين فى الشوارع كما حدث للناشط السياسى «محمد أبوحامد»، قامت حكومة الإخوان بزيادة أسعار الكهرباء.. ثم صدر قرار رئيس الجمورية برفع الضرائب على 20 سلعة ليعصف بما تبقى من سلم اجتماعى.
وفجأة تعطل العمل بالقرار، ربما تأجلت الزيادة فقط، لتمرير الاستفتاء على الدستور، وهذا التخبط فى السياسات دليل آخر على أن مستشارى الرئاسة يورطون الرئيس.. فإن كانت هناك مؤامرة على الرئيس فهى داخل «الجماعة» التى تدفعه لخطوات تعزله عن شعبه، مثلما فعلوا فى الإعلان الدستورى الجديد.
كان من الطبيعى أن ترفض «جبهة الإنقاذ الوطنى» الإعلان الدستورى الجديد، رغم تهديد قياداتها باتهامات محاولة قلب نظام الحكم.. الجبهة تعلم جيدا أن «الأغلبية» تقف معها بنفس الخندق، والقول بأن المعارضة 5% هو كذب بواح.
خطة الإخوان لابتلاع مصر أصبحت واضحة، وهى تحصين مجلس الشورى لنقل السلطة التشريعية إليه، وتمرير الدستور العنصرى الذى يثبت دولتهم، والعصف بكل الحريات وأولاها حرية التعبير.. علاوة على إطلاق «ميليشيات الإخوان» على المجتمع الذى كان آمناً.
لقد أصدر الرئيس قانوناً بمنح الضبطية القضائية لضباط الجيش لحين الاستفتاء على الدستور، وهو ما عارضه قبل أن يتولى الرئاسة.. تماماً كما أعطى ظهره لقسمه على احترام القانون والدستور، وسار فى الاتجاه المعاكس لكل وعوده للشعب وفاءً للجماعة.. فلم يترك لنا إلا حقاً واحداً أن نقول: لا للدستور.