«25 يناير»: «ثورة» لم تحقق أهدافها وخلافات الثوار والسياسيين سبب فشلها
تصدر الشباب للمشهد السياسى بعد ثورة 25 يناير «صورة أرشيفية»
رصدت الدراسة رأى الشباب فى مدى نجاح ثورة 25 يناير فى تحقيق أهدافها من عدمه، وقالت إن الشباب كان لهم موقفان، أولهما جسده نصف المبحوثين فى الدراسة، وأشاروا إلى إخفاق الثورة فى تحقيق الأهداف التى قامت من أجلها، ومن دلائل هذا الإخفاق قيام ثورة «٣٠ يونيو» التى نجحت فى علاج إخفاقات ثورة ٢٥ يناير.
كل الأطراف حاولت جنى ثمار الثورة بمن فيهم من لم يشارك.. ونصف عينة الدراسة: رموز نظام «مبارك» وأركان الثورة المضادة «براءة».. والثوار فى السجون ومتهمون بالخيانة والعمالة
وأضافت أن الشباب المدعمين لهذا الاتجاه رأوا أيضاً أن أحد مؤشرات «فشل الثورة» هو أن «رموز الفساد فى نظام الرئيس الأسبق مبارك وكل أركان الثورة المضادة خرجوا من السجون وأخذوا براءات متتالية وكأنهم هم الذين تعرضوا للظلم والقهر والنهب، وهم الآن يتصدرون المشهد السياسى والانتخابى وعاد كل شىء لأصله الآن»، وقال ذلك مسئول الشباب بحزب النور، بحسب الدراسة.
وتابعت: «رد البعض فشل الثورة إلى كثرة الخلافات السياسية التى تفجرت بين الثوار والسياسيين بعد الثورة، ومحاولة كل الأطراف، التى شاركت بفاعلية فى الحراك الثورى أو لم تشارك من الأساس، القفز على الثورة وجنى ثمارها حتى قبل أن يكتمل مسارها الثورى وتحقق أهدافها، لكن هناك سبباً أساسياً تُجمع عليه هذه الحالات وهو محاولة (جماعة الإخوان) القفز على السلطة والانفراد بها وإقصاء كل الأطراف السياسية والوطنية الأخرى، بخلاف ذلك هناك من بين هذا الفريق من يرى أن «٢٥ يناير لم تكن ثورة بالمعنى الكامل بل مجرد هّبة أو حركة أو انتفاضة لم تكتمل لا فى مسارها الثورى ولا فى أهدافها الثورية».
أما أصحاب الموقف الثانى، فجسده نصف الشباب الآخر من حالات الدراسة، الذى ذهب لنجاح الثورة فى تحقيق بعض أهدافها ولكنها فشلت فى تحقيق أهداف أخرى، ومن الأهداف التى نجحت ثورة ٢٥ يناير فى تحقيقها «إسقاط النظام الفاسد وتحالفاته الطبقية والسياسية والكشف عن رموز الفساد فيه، والتخلص من رجال الأعمال الذين نهبوا ثروات المجتمع وأضروا بمصالحه ومقدراته لفترات زمنية طويلة، والقضاء على مشروع توريث الحكم وإجهاضه قبل أن يتم، والكشف عن زيف الادعاءات السياسية والدينية التى روجها تيار الإسلام السياسى لفترات زمنية طويلة من عمر المجتمع المصرى».
مكاسب «يناير»: «إسقاط النظام الفاسد وتحالفاته ورجال الأعمال الذين نهبوا المجتمع وإجهاض التوريث وكشف زيف الإسلام السياسى»
واستطردت: «يرى أصحاب هذا الموقف أيضاً أن الثورة استطاعت أن تنهى حكم الأفراد والشلل والعائلات وحل بدلاً منه حكم المؤسسات، وهو ما قاله عنه (أنهت حكم سيدة مصر الأولى وعيالها وسيطرتها على مقاليد السلطة الحقيقية فى البلاد)».
فيما كانت الأهداف التى فشلت فى تحقيقها، بحسب الشباب، هى «تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطن، وحماية الحريات السياسية وحقوق الإنسان بشكل عام، واستيعاب الشباب وإدماجهم فى الحياة السياسية والمدنية»، وأردفت: «ومن ثم فلم توجد حالة واحدة من بين حالات الدراسة ذهبت إلى أن ثورة ٢٥ يناير قد نجحت نجاحاً كاملاً فى تحقيق أهدافها».
وطرحت الدراسة تساؤلاً جديداً حول احتواء الثورة على مكاسب إيجابية للشباب أم وجود بعض الإخفاقات بها التى أدت لانحرافها عن المسار الثورى، حيث تبلور لدى الشباب موقفان فى هذا الاتجاه، رأى الفريق الأول منهم، وهو نفس الفريق الذى ارتأى إخفاق الثورة فى تحقيق أهدافها تقريباً، أنه لا توجد مكاسب لـ«الثورة»، معللين رأيهم بأن «الثوار لم يجنوا شيئاً سوى الاعتقال والإيداع فى السجون والاتهام بالخيانة والعمالة، وتسريب أسرار الوطن، والتعامل مع الهيئات والمنظمات والحكومات الأجنبية»، كما أنها لم تحل مشكلات الشباب ولم تتح حتى الآن فرص عمل حقيقية لهم، ولم يتحسن مستوى معيشة المواطن، ولم تتخفف أعباء المواطن بتوفر السلع وتحسن حالة الخدمات وارتفاع الأجور وانخفاض الأسعار، حيث استمر التدهور الاقتصادى والصحى والبيئى، وزاد على ذلك حالة الانفلات الأمنى الذى لم يكن معمولاً حسابه، فضلاً عن تجدد المواجهات مع الجماعات الإرهابية، التى عادت للأعمال العنيفة والمسلحة التى كانت قد انتهت تقريباً منذ تسعينات القرن السابق.
أما الفريق الذى أشار إلى نجاح الثورة، فقد أكد أن مكاسب ثورة ٢٥ يناير قد اكتملت بقيام المرحلة الثانية من الحراك الثورى وتصحيح الانحرافات والتجاوزات التى تلت ٢٥ يناير، وذلك بقيام ثورة ٣٠ يونيو، وبالتالى فالمكاسب والنجاحات هى مكاسب ونجاحات الحالة الثورية بشقيها (٢٥ يناير و٣٠ يونيو).
وعدّد أصحاب هذا الاتجاه المكاسب التى تضمنتها، وكانت «إعادة اكتشاف الأجيال الحالية من النشء الشباب للجيش المصرى والتيقن من كفاءته وقدراته القتالية وانتماءاته وانحيازاته الوطنية، وخلق حالة من الاقتناع الاجتماعى والشعبى بقدرات الشباب على التغيير، فضلاً عن الإيمان باستحقاقات شبابية معينة فى العيش والحرية والكرامة والحياة الاجتماعية اللائقة، تخصيص حصة (كوتة) للشباب فى مجلس النواب، وإرساء قيم حق الشعب فى الثورة على الطغيان والاستبداد والقهر والتجاوزات الأمنية، وبث رسالة إلى الحكام والأنظمة السياسية فى المستقبل مفادها أنه لا يوجد نظام -مهما حصن نفسه بالسياجات الأمنية- يعصى على المساءلة والثورة والإزاحة والتغيير».
وواصلت الدراسة سرد المكاسب: «اكتسب الشباب خبرات سياسية وتنظيمية مهمة، واكتسبت قطاعات واسعة منهم خبرات العمل الجماهيرى، فضلاً عن اهتمام قطاعات أوسع من الشباب -ممن لم يكن لهم قبل الثورة أى اهتمام بالعمل العام- بالشأن المجتمعى، كما أصبح الصوت الشبابى مسموعاً، وتحصل بعض الشباب الكفء على بعض المواقع القيادية والتنفيذية فى أجهزة الدولة الإدارية، وإن كانت نسبتها بسيطة ومحدودة، لكنها خطوة مهمة، وصدّرت ثورتا ٢٥ يناير و٣٠ يونيو إلى المشهد السياسى الوطنى نماذج واعية من الشباب المصرى المثقف الواعى بقضايا بلده وأولوياتها فى المرحلة الراهنة وفى المستقبل، بعض هؤلاء الشباب هم بالطبع سيكونون القادة السياسيين والزعماء الوطنيين فى المستقبل».