«حمادة صابر»، مثل ملايين الصابرين فى مصر، على الفقر والقهر وقلة الحيلة.. قرر أن يتمرد، أن يصطحب زوجته وابنتيه، ليتظاهر أمام قصر «الاتحادية»، يقول كلمة حق أمام سلطان جائر.. يصرخ، ينفجر... وانفجر!!
مثل قنبلة موقوتة على أوجاع المصريين تناثرت شظايا كرامته وإنسانيته على الفضائيات، «تعرى» فتعرى معه نظام الإخوان، توسل لقبضة الدولة البوليسية أن ترحمه.. انحنى «حمادة» وخذلنا بخوفه وضعفه.. فرددنا من أجله دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام (اللهم إنى أعوذ بك من قهر الرجال).
حين رأى «حمادة» ذل الشعب المصرى فى المشاهد التى صورتها قناة «الحياة»، وواجهته النيابة بالحقيقة التى أنكرها، دون أن نعرف ما تعرض له من تهديد، انهار «الصابر» مجددا واتهم الشرطة بسحله وتعذيبه!!
لو حدث لأى مواطن فى العالم ما تعرض له «حمادة» لاستقالت الحكومة فورا، لكن الرئاسة بدلا من إقالة وزير الداخلية، (وهذا أضعف الإيمان)، اكتفت ببيان يفيد أنها (تألمت من هذا المشهد الصادم الذى يصور تعامل بعض أفراد الشرطة مع أحد المتظاهرين بشكل لا يتفق مع الكرامة الإنسانية أو حقوق الإنسان)!!
فأين حقوق الإنسان -يا سيادة الرئيس- من احتجاز «طفل» عمره 14 عاما مصاب بالسرطان، وحرمانه من جلسات العلاج الكيماوى باستمرار حبسه 15 يوما؟!
أين الكرامة الإنسانية فى حبس الناشط السكندرى «حسن مصطفى»، حبسا انفراديا فى عنبر إعدام.. رغم إضرابه عن الطعام منذ 10 أيام.. واختطاف الناشطة «كاريمان الشريف»؟!
بل أين الإنسان المصرى نفسه؟
لقد سقط آلاف الشهداء ثمنا لثورة اختطفها الإخوان.. وما زال الشهداء يتساقطون رفضا لحكم الإخوان.
أين «عمر» و«الجندى» وغيرهم من شباب البلد؟
إنهم يصارعون الموت هربا من الديكتاتورية، بينما حكامنا يقولون: ابتسم.. «أنت فى دولة العدل»!!
أنت فى دولة قال رئيسها: (لو رأيتم منى اعوجاجا قومونى).. ثم أصدر إعلانا ديكتاتوريا.. وانفرد أهله وعشيرته بمفاصل الدولة.. وتعطل القضاء بالحصار والميليشيات المسلحة.. وبعدها أمر الرئيس قوات الشرطة -فى خطابه الأخير- بالتعامل بكل «حزم وقوة» مع المتظاهرين أو من يسمونهم بالبلطجية ومثيرى الشغب!!
أوامر الرئيس باستخدام «القوة» تُسمى فى قاموس القانونيين «المسئولية الجنائية والسياسية عن أحداث العنف والقتل والسحل للمتظاهرين»، وبحسب الدكتور «شوقى السيد» فإن رئيس الجمهورية (مسئول عما يجرى فى البلاد من أحداث شغب وفوضى بحكم مسئوليته الدستورية، وهى حماية أرواح الناس، وتحقيق الاستقرار)!
أرواح الناس أرخص من وزارة سوف ترحل بعد الانتخابات النيابية، أرواح الناس أهون من مواد «التمكين» فى دستور الإخوان، وأعراض الناس تُتنهَك فى الطرقات: «الرجال قبل النساء».. إنها دولة هاتكة للأعراض!
و«حمادة» مجرد نموذج للمواطن البسيط المرعوب من بطش الشرطة ووحشية ميليشيات الإخوان وقسوة واقعه وقلة حيلته.. تحول هتك عرضه -أمام العالم- عنوانا لحكم الإخوان!!