هناك «ريحة مش حلوة» فى الجو هذه الأيام.. مرة تتسرب معلومات عن تورط الجيش فى تعذيب متظاهرين أيام الثورة، ومرة معلومات عن تورط «حماس» فى فتح السجون خلال الثورة وتهريب المساجين، ومن بينهم الدكتور محمد مرسى، ومرة معلومات عن قتلة شهدائنا من الجنود فى «رفح»، ومرة معلومات عن تورط الإخوان فى قتل المتظاهرين خلال ثورة يناير، ومرة تتسرب معلومات عن الضباط المصريين المخطوفين، تقول إنهم يقبعون فى سجون غزة. والواضح أن «كله بيسرب على كله».
وفى تقديرى أن هناك ثلاثة أطراف أساسية تلاعب بعضها بهذه المعلومات، تشمل: الرئاسة ومن ورائها جماعة الإخوان، والمخابرات، والجيش. كل طرف من هذه الأطراف يحتفظ بورق على الطرف الآخر، ويدفع به من حين إلى آخر فى إطار حرب الأعصاب التى تتم بينها هذه الأيام. ومن المفهوم أن يكون لدى كل من المخابرات والجيش أوراق على الإخوان، كما أن من الطبيعى أن تتوافر لدى الجماعة أوراق على هذين الطرفين، بعد وصول واحد منها إلى الحكم. ويحاول كل طرف استغلال هذه الأوراق فى «تبييض» وجهه أمام الشعب، من خلال «تسويد «وجه الطرف الآخر»، يعنى كل طرف لا يحاول أن يثبت «حلاوته» للشعب، قدر ما يحاول أن يؤكد على «وحاشة» الطرف الآخر. والمسكين الذى يسمونه «الشعب» تائه بين الجميع، وكل الأطراف تتاجر بثورته التى قامت من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فزادت حياته تعقيداً، رغم ما قدمه من تضحيات على مدار ما يزيد على العامين.
ويبدو أن كل طرف من هذه الأطراف يحاول تحسين موقفه التفاوضى مع الطرف الآخر، وحصد المزيد من المكاسب والمغانم على حسابه، من خلال كشف بعض سوءاته أمام الشعب. فصالح الشعب لا يؤخذ فى الاعتبار على وجه الإطلاق فى «حسبة» الصراع، وفى اللحظة التى سوف تشعر فيها هذه الأطراف مجتمعة أن الشعب «زهق» من لعبتها معه، وأنه دخل مرحلة «الفوران»، التى تعقبها مرحلة «الانفجار» فى وجه الجميع، فسوف تسارع هذه الأطراف إلى الصلح فيما بينها، وتتوحد جميعها على قلب رجل واحد فى مواجهته، تماماً مثلما حدث فى ثورة 25 يناير، عندما تحالف كل من كبير «المخابرات» مع كبير «الجيش» مع كبير «الإخوان» لتتم تصفية الثورة قطعة قطعة، حتى وصلت إلى حالة الارتباك والضياع الذى تعيشه حالياً. من الطبيعى جداً أن تتحالف كل هذه الأطراف -على ما بينها من خصومة- فى مواجهة الشعب حين يثور، وأن يقلّب كل طرف فى فضائح الطرف الآخر حين يهدأ. فوقت الهدوء هو زمن اقتسام الكعكة، وعند القسمة يقفز الطمع، ولحظة أن يقفز الطمع تفوح «روايح الفضايح»!