3 سنوات من الخلافات بين الدولة والأزهر.. كشفتها دعوات «السيسى» لـ«ثورة دينية»
جانب من أحد لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى وشيخ الأزهر «صورة أرشيفية»
«أنت تعبتنى يا فضيلة الإمام»، «فضيلة الإمام كل ما بشوفه بقول له انت بتعذبنى»، «سأحاججكم أمام الله»، عبارات ثلاث وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسى، للدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقيادات المشيخة، فى مناسبات مختلفة واحتفالات دينية، على مدار الثلاث سنوات الأخيرة، كشفت عن توتر فى العلاقة بين الدولة والأزهر، خصوصاً فيما يتعلق بتجديد الخطاب الدينى، وهو الملف الذى طالب الرئيس بالتوسع فيه فى أكثر من لقاء، حضر بعضها شيخ الأزهر، لما له من أهمية فى مواجهة الإرهاب فكرياً بالتوازى مع المواجهة الأمنية.
من «سأحاججكم أمام الله» إلى «تعبتنى».. رسائل «السيسى» إلى «الطيب».. و«لميس»: قيادات الصف الثانى بالأزهر مشكلة
كان «تجديد الخطاب الدينى» هو الملف الأبرز والسبب الرئيسى للعلاقات المتوترة بين الدولة والأزهر، فالرئيس يرى أن الأزهر هو المؤسسة الأولى المعنية بالدعوة وشئون الدين ليس فى مصر فقط وإنما على مستوى العالم أجمع، ومن هنا دعا المشيخة أكثر من 10 مرات، فى مناسبات عديدة، إلى ثورة دينية، ليس الهدف منها اتخاذ إجراءات عنيفة، وإنما تجديد الفكر وتطوير الخطاب بما يتناسب مع العصر الحالى ومعطياته.
وجه «السيسى» حديثه إلى «الطيب» فى احتفالية المولد النبوى 2016، قائلاً: «أنتم مسئولون عن الخطاب الدينى، وسيسألنى الله عن تصويبه، وسأقول إننى قد أبلغتكم أمام الأشهاد». قبلها وبعدها، لم يترك الرئيس مناسبة عامة تحضرها قيادات الأزهر، إلا ودعاهم إلى التجديد، ففى يناير 2015 طالبهم «السيسى» بدعم خُلق الرسول وتغيير المفاهيم الخاطئة، وفى مؤتمر دافوس الدولى الذى عقد فى سويسرا، دعاهم إلى «ثورة دينية»، قائلاً: «ليس معقولاً أن يكون الفكر الذى نقدسه على مدار مئات السنين يدفع الأمة بكاملها إلى القلق والخطر والقتل والتدمير فى الدنيا كلها».
وفى خطابه بالكلية الحربية فى أبريل 2015، تناول القضية ذاتها، مؤكداً أن تجديد الخطاب الدينى عبر وسائل الإعلام ليس فى مصلحة الدين ولا الوطن، وأنه لا بد من التعامل مع القضية بحذر ودقة ووعى، لكونها مسئولية أمام الله والوطن، مشدداً على ضرورة أن يتصدى لها «أساتذة مستنيرون»، كما وجه «السيسى» رسالة أخرى إلى «الطيب» فى احتفالية المولد النبوى، قائلاً: «أنتم مسئولون أمام الله عن تجديد الخطاب الدينى وتصحيح صورة الإسلام، وسأحاججكم به أمام الله، الدنيا كلها منتظرة منكم ومنتظرة كلمتكم، والأمة دى بتضيع وضياعها بأيدينا إحنا».
دعوات ومطالبات كثيرة، وجهها الرئيس إلى المشيخة، لتجديد الخطاب الدينى، الذى ظل رهيناً لتراث محدود بمعطيات الماضى وأبعاده، لم تترك المشيخة أحداً يتحرك فى ملف تجديد الخطاب وتنقية التراث والرد على الأفكار المتطرفة إلا واجهته وأجهضت تحركاته، فواجهت تحرك «دار الإفتاء» التى أطلقت مرصداً للرد على فتاوى التكفير والإرهاب، بإطلاق مرصد موازٍ فاشل، وطالبت الدار بإغلاق مراصدها.
تعود جذور الخلاف بين الرئيس «السيسى» و«الطيب» إلى فترة رئاسة المستشار عدلى منصور الرئيس السابق، عندما رفض الإمام الأكبر، فض اعتصامى رابعة والنهضة المسلحين، وقرر العزلة فى الأقصر فور الفض، وساوى بين الدولة والجماعات المتطرفة وأكد عدم علمه بالفض، ودعا للحوار بين «الفريقين»، لتتوالى بعدها العديد من مواقف الأزهر على يد «الطيب»، والتى تشير للخلاف بين الدولة والمشيخة، منها موقف الأزهر من «داعش»، والنظام السورى، حيث رفض شيخ الأزهر إصدار فتوى بتكفير داعش، فيما ظل يهاجم الشيعة والعلويين. وأقحم «الإمام» الدولة فى أزمات ومواقف أخرى نتيجة عدم وجود رؤية حقيقية للأزهر.
من جانبها، قالت الكاتبة الصحفية، لميس جابر، لـ«الوطن» إن مشكلة الأزهر تكمن فى قيادات «الصف الثانى»، فإن كان رأس المشيخة الدكتور أحمد الطيب فى غاية الوسطية والتنوير، إلا أن الفرق بينه وبين قيادات الصف الثانى شاسع. وقال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إن الأزهر لم يُجدد الخطاب الدينى، ولم ينفذ ما طلبه منه رئيس الجمهورية ولا ما تطلبه جموع المثقفين، بل انقلب إلى عدو للمثقفين ومصدر للحجر على آرائهم واجتهاداتهم. وقال حسين القاضى، الباحث فى الشئون الدينية، إن مبادرات التجديد والمؤتمرات والندوات داخل الأزهر كلها تتم دون وجود رؤية مسبقة ومتقنة، حتى تحولت إلى عمل عشوائى، ومضيعة للمال العام يجب على النيابة أن تجرى فيه تحقيقاً.