«سمعان» الفائز المجهول فى انتخابات الصحفيين: «أوراق الدعاية كنز»
أوراق الدعاية الانتخابية تملأ جنبات نقابة الصحفيين
تحت الأقدام وفوق الرؤوس، على المقاعد ودرجات السلم، أوراق الدعاية الانتخابية لـ77 مرشحاً على مقاعد النقيب ومجلس نقابة الصحفيين، هى بالنسبة لـ«سمعان راضى» كنز، جلس الرجل الثلاثينى أمس الأول ليس متابعاً للمشهد الانتخابى، بل لأوراق الدعاية التى لا تستقر فى أيدى الناخبين أكثر من دقائق، حيث تلقى على الأرض وسط ترقب شديد منه، منتظراً انتهاء المشهد بفارغ صبر، ليبدأ مهمته فى جمعها.
يجمع مخلفات الدعاية وينقلها إلى منزله فى منشأة ناصر ثم يقضى 5 أيام فى فرزها وبيعها لإعادة تدويرها: كيلو الورق بـ90 قرشاً و«الكانز» بـ9 جنيهات
بقدم فى الجبس، تعكز «سمعان» حتى وصل إلى نقابة الصحفيين، وقف بقرب المدخل، يصك أسنانه مع كل خطوة من ألم قدمه التى كُسرت قبل أسبوع، لكنه لم يكن ليترك تلك الأوراق سُدى: «ده يومى.. لو ماستفدتش من الورق ده يبقى خسرت خسارة رهيبة، أنا متعاقد مع النقابة، آخد زبالتها بقالى 15 سنة، ومن قبلى والدى، ومن قبله جدى». جلس قليلاً ليلتقط أنفاسه بعد أن ملأ «جونية» بالأوراق التى على الأرض، ثم دس يده فيها، مخرجاً مجموعة منها: «أنا ماعرفش ده مين ولا ده مين ولا فارق معايا، بس المهم أن الورقة البيضاء خالص الكيلو بتاعها بـ90 قرش وفيه بجنيه، وفيه أوراق بـ60 قرش، وفيه اللى بـ40، وطبعاً فيه كانز بـ9 جنيه الكيلو، وأكواب بلاستيك وزجاجات، وكله على الفرازة»، مشيراً إلى أنه لم تفُته انتخابات النقابة منذ 15 عاماً، ودون أن يُحدد ربحاً معيناً إلا أنه يؤكد أن المبلغ سيكون كافياً له، كما لو كان ربح شهر كامل: «أنا الوحيد اللى فى كل الأحوال كسبان من غير دعاية».
تستغرق عملية الفرز أكثر من 5 أيام، حسب «هانى»، الأخ الأصغر لـ«سمعان»، الذى ترك مجال عمله الرئيسى لمساعدة أخيه فى ذلك اليوم، ينقل الأوراق عبر أجولة، ثم يرفعها على ظهره ويضعها بعربة نصف نقل، لكنه يتأفّف من جامعى القمامة الذين يأخذون الأوراق من الشارع أمام النقابة: «فيه ناس بتاخد الورق اللى فى الشارع علشان تستفيد منه، لكن محدش يقدر يخش جوه النقابة غير أنا وأخويا، وبننقل الحاجة لمخزن فى بيتنا فى منشية ناصر»، مشيراً إلى أن انتخابات النقابة السابقة كانت أوراقها أكثر عدداً: «ده رزق يوم واحد كل سنتين، وأخويا رغم أن رجله مكسورة ومريح فى البيت بس ماكانش ينفع يفوت اليوم ده».
كان أحمد عبدالرحمن، عامل نظافة بالنقابة، يمسك ممسحة ويدفع بها الأوراق تجاه بوابة النقابة، حيث ينتظره «سمعان» وأخوه، مشيراً إلى أنه وبقية العمال سيقضون يوماً كاملاً لرفع الأوراق وإزالة الملصقات: «بصراحة ربنا إحنا هنتعب أوى، وبالنسبة لىّ، فدى المرة الـ4 اللى أحضر فيها انتخابات النقابة، وربنا يكون فى العون».