شغلت قضية آية حجازى الرأى العام محلياً ودولياً، وكبدت مصر خسائر كان من الضرورى تفاديها، ولكن الأخطر أنها طرحت وما زالت تطرح السؤال حول مصداقية منظومة العدالة، وأعنى هنا كافة مؤسسات إنفاذ القانون، الشرطة والنيابة والقضاء، كيف يمكن القبض على مواطنة بتهمة العمل التطوعى ويتم زجها فى السجن هى وزوجها لمدة تزيد على عامين بالمخالفة للقانون، ثم يتم الحكم بالبراءة، من يعوض آية عن سنوات السجن والظلم، أى أدلة كانت تحت يد النيابة لتحتجزها كل هذه المدة ضاربة بالقانون عرض الحائط، ثم تأتى المحكمة لتكتشف أنها أدلة مهترئة لا تصلح للحكم بيوم واحد فى السجن؟! أين ذهبت ضمانات العدالة؟ وماذا كانت مبررات الحبس الاحتياطى التى أولها أن نخشى من إطلاق سراح المتهم أن يؤثر على الأدلة، إن كانت موجودة؟ ألم يكن كافياً المنع من السفر وإطلاق سراحها؟ ولماذا تظل قضية فى التداول لأكثر من عامين؟ وحتى لو صدر الحكم بالبراءة فالعدالة البطيئة هى والظلم سواء، ولمن لم يعد يذكر -من طول مدة التقاضى - آية حجازى، شابة مصرية، كانت ممن ثاروا على فساد حقبة مبارك وظلوا فى التحرير لفترة، شاهدوا أطفال الشوارع والأطفال بلا مأوى وتفاعلوا معهم، تقول النيابة المصرية إنها تحركت ضد الجمعية بعدما تلقت بلاغاً من أحد الآباء يتهم فيه الجمعية باحتجاز ابنه وأطفال آخرين عنوة، وباستغلال ابنه فى المظاهرات التى كانت تنطلق من قبل أنصار جماعة الإخوان المسلمين ضد الشرطة المصرية فى ذلك الحين، وذكرت الداخلية فى بيانها «تبين بالفحص أن الشقة محل البلاغ مستأجرة ولم يستدل على أن ثمة أوراقاً رسمية تفيد بإشهار أو ترخيص الجمعية وبالاستعلام عن نشاطها قرر الأول (محمد حسانين زوج آية) والثانية (آية حجازى) أنهما يهتمان بالدفاع المجتمعى والتثقيف والتوعية وأنهما فى سبيلهما لإنهاء إجراءات الترخيص ولا يحملان ثمة مستندات تفيد بذلك كما أقرا بأن مصدر تمويلهما يعتمد على التبرعات من معارفهما وبعض المتطوعين»، وهنا لا بد من التأكيد أن تأسيس جمعيات يستغرق وقتاً، لكن الأهم أن الأوراق لا تقبل من وزارة التضامن إلا متضمنة عقد إيجار شقة ويتم تسليم الأوراق دون تسلم ما يفيد من الموظفين باستلام الأوراق، وهو ما دعا الوزيرة النشيطة غادة والى منذ توليها الوزارة لتبنى قانون جديد ينظم العلاقة مع الوزارة وصلاحيات الموظفين حتى تحل التناقض بين عمل نشاط غير مسجل ومتطلبات أوراق التسجيل، لذا كان يتعين على الشرطة والنيابة سؤال الوزارة للتثبت من صحة المعلومات قبل إلقاء الشابة وزوجها فى السجون.
حالة آية حجازى ليست الوحيدة من بين شباب يملكون من العلم والمستوى الاجتماعى ما يجعلهم يعيشون فى رغد العيش دون حمل عبء مجتمع يئن، لكنهم آمنوا بوطنهم وبقدرتهم على تقديم شىء لهذا الوطن، لكنهم بدلاً من أن يكرموا، تحولوا إلى عبرة لمن يعتبر ورسالة أن يركز كل فى حاله، لكن الأخطر هو النيل من مصداقية منظومة العدالة وإحساس الناس بالظلم، وعلينا أن نعيد النظر فى دعاوى كثيرة وحالات كثيرة كحالة آية حتى لا تصيبنا لعنة دعوة مظلوم دخل السجون أو أم فُطر قلبها خارجه.