إريك تراجر لـ«الوطن»: تصريحات «مرسى» العدائية عن «11 سبتمبر» تثير قلق واشنطن
ربما تشهد العلاقة بين جماعة الإخوان والمجلس العسكرى فى الشهرين المقبلين هدوءا نسبيا، فى وقت وجدت الجماعة طريقا سهلا واسعا إلى السلطة، التى أكدها فوز رئيس حزبهم السابق برئاسة الجمهورية، وحرص الإخوان ألا يمارس مهامه فى أعلى منصب بالدولة بصلاحيات منقوصة. الباحث الأمريكى بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إريك تراجر، توقع بهذه الكلمات ملامح الفترة المقبلة فى أعقاب أول انتخابات ديمقراطية رئاسية فى مصر، إلا أنه حذر من استمرار الفوضى وعدم الهدوء، متوقعا عودة المصريين للميدان عقب شهر رمضان فى حال إخفاق الرئيس المنتخب فى إبداء الاستجابة لمطالبهم بفعل انتقاص صلاحياته، ووجه، فى حواره مع «الوطن»، انتقادا لاذعا لشخص الدكتور محمد مرسى، الذى أفزع الأمريكيين باعتقاده أن أحداث 11 سبتمبر كذبة أمريكية، رغم اعتراف قادة تنظيم القاعدة بتنفيذها، مشيرا إلى أن عليه الآن التصرف كـ«رئيس» تجاه العالم وخاصة أمريكا.[Quote_1]
* هل تعتقد أن جماعة الإخوان يمكنها ممارسة ضغوط على المجلس العسكرى لإلغاء الإعلان الدستورى المكمل؟
- من الصعب قراءة الإخوان الآن، لأنهم أمام اتجاهين، فمن جانب يريدون إعادة البرلمان المنتخب أولا، وإعادة اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور، وعلى الجانب الآخر حصلوا على الرئاسة ويريدون عودة الهدوء ثانية، وأعتقد أنهم سيصلون إلى نوع من التهدئة مع المجلس العسكرى على المدى القصير، لكن على المدى البعيد سيكون هناك نزاعات.
* هل ترى أن بمقدور المجلس العسكرى عمل انقلاب على الرئيس المنتخب؟
- صعب للغاية، لأن الانتخابات الرئاسية منحت «مرسى» شرعية شعبية، ولأن المجتمع الدولى ربما سيضغط على الجيش من جانب آخر. ما قلته لا يعنى أن الانقلاب غير ممكن، لكنى أعتقد أن قوة الجيش تكمن فى الجانب الاقتصادى، وليس فى قوته السياسية، وهذا لا يعنى أنه لا يمكنه التأثير فى السياسة، إذ يمكن التأثير فيها بطرق مختلفة.
* هل يجد الإخوان أنفسهم مجبرين على عقد صفقات مع «العسكرى» لكسب صلاحيات أكبر للرئيس؟
- الإخوان يلتقون «العسكرى» فعلا، لكنهم ينكرون عقد صفقات، فكلمة صفقة لها معنى «سيئ» فى السياسة، لكن ليس سرا أن الجانبين يتقابلان، ويعملان على التوصل لنوع من الاتفاق يحافظ خلاله الإخوان على نتيجة الانتخابات، كما يحافظ «العسكرى» على مصالحه الاقتصادية والعسكرية. لكن يجب أن نستوعب أن هذه الاتفاقات تجرى على المدى القصير، والإخوان لهم باع طويل فى السياسة، يصعدون للانتخابات البرلمانية، ثم يأخذون قسطا من الراحة، فيصعدون للرئاسة، ثم يأخذون قسطا من الراحة وهكذا.. ينبغى علينا الانتباه إلى أن علاقة الإخوان بالعسكر تمر بفترات توتر، يعقبها هدوء، سرعان ما يعود للتوتر ثانية.
* ألا ترى من السهل توصل الجماعة والمعارضة إلى اتفاق لتشكيل حكومة ائتلافية؟
- ربما، من الصعب الآن تحديد ذلك، أولا لديكم السلفيون الذين يرفضون فكرة وجود سيدات فى الحكومة، ما يمثل مشكلة كبيرة للإخوان سياسيا، ولديكم الليبراليون واليساريون الذين دعموا «مرسى» قبل أن يصبح رئيسا رسميا، على أمل أن يحصلوا على مقابل، لكنه ليس لديه شىء ليعطيه لهم، لأنهم ليس لديهم شعبية على الإطلاق.[Quote_2]
* البعض يتشكك فى قدرة «مرسى» على الوفاء بوعوده، كما أخفق عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق الذى جاء من ميدان التحرير؟
- هذا ممكن، غير أن «مرسى» يختلف عن «شرف»، لأنه منتخب وليس معينا من المجلس العسكرى، ولن يظل دون صلاحيات، وسيجد الإخوان طريقا لحصوله على سلطات تنفيذية، ولا أعتقد أن الإخوان سيقبلون بأقل من ذلك، لأنهم فازوا بالانتخابات، ويتوقعون أن يكون لديهم صلاحيات حقيقية لصنع السياسات، وإذا لم يتمكنوا ستحدث مواجهات، ومن الممكن أن يعودوا للميدان. لا أعتقد أنكم ستنعمون بالهدوء حتى نهاية العام الحالى، وبعد رمضان سيعود المصريون للميدان.
* يخشى كثيرون من تحول الإخوان إلى «حزب وطنى» جديد فى المستقبل؟
- بالتأكيد هذا ممكن، لأن الإخوان القوة السياسية الوحيدة المنظمة فى مصر، والكيان السياسى الوحيد الذى يضم أعضاء ملتزمين، إنها كيان سياسى وليس دينيا، ولديهم طبقة اقتصادية قوية بين قادتها، وأبرزهم خيرت الشاطر، ما يثير سؤالا: لأى مدى سيتقبلون تقاسم السلطة مع الأحزاب الأخرى؟ وأرى أنهم سيرضون على المدى القصير، وليس على المدى الطويل، تماما كما حدث فى العام الماضى، داخل التحالف الديمقراطى الذى ضم 13 حزبا، تقلصوا إلى 10، بعد إدراك المنسحبين أن الإخوان يريدون السيطرة على السلطة. إن الإخوان منظمة جائعة لتملك السلطة.[Quote_3]
* البعض يتخوف من تحول مصر إلى إيران جديدة على المدى الطويل؟
- من الصعب حدوث ذلك، فمصر ليست إيران التى صنعها الفكر الشيعى، ولا يوجد بها مرشد للثورة، كما أن طائفة السنة ليس لديهم هذا الفكر، إضافة إلى أن الإخوان ليس لديهم قائد ذو شخصية كاريزمية، وليس لديهم عقيدة الإمام. ستكون الدولة الدينية فى مصر مختلفة عن مثيلاتها فى بلاد أخرى مثل السعودية، وربما سيكون التشريع محصورا فى مبادئ الإسلام، وستكون هناك احتياطات فعلية للأقباط والعلمانيين والسيدات.
* وهل يملك الإخوان القدرة على معالجة مشكلات مصر الاقتصادية؟
- لديهم ما ليس لدى الأحزاب الأخرى، فهناك خطة جيدة، واستشاروا أكثر من ألف خبير قبل إعداد مشروع النهضة، الذى يمكن أن يضاعف فى جزء منه حصيلة الضرائب، بتضمين السوق السوداء فى الاقتصاد، وتطوير قطاعى السياحة والتعدين، هناك عناصر داخل المشروع يمكن أن تنجح وربما لا، لا أعلم، لكن لديهم خطة وليس لدى أحد فكرة عن كيفية عملهم على معالجة مشكلات الاقتصاد.
* برأيك، ماذا ينقص أحزاب المعارضة لتمارس دورا أشد تأثيرا فى الحياة السياسية؟
- هذه المشكلة ترجع إلى عهد الرئيس السابق، حين كان الإخوان والسلفيون فى المساجد، بينما الأمن خارجها يحاول السيطرة على الأئمة والمناسك، وكانت القوى السياسية والأحزاب فريسة لقوات الأمن فى مقراتها وفى الشارع، وقتها كان الإسلاميون يعملون فى المساجد، وأرى أن القوى الليبرالية ليس لها حتى الآن جمهور فى الشارع المصرى، لذا عليهم أن يهتموا أكثر بامتلاك أجندة سياسية، فليس لديهم برنامج محدد، ويهتمون كثيرا بالظهور على شاشات التليفزيون.
* فى كل مرة يثبت وكيل مؤسسى حزب الدستور محمد البرادعى أن لديه رؤية صائبة للأحداث، هل ترى أنه قد جاء وقته؟
- البرادعى أظهر عدم كفاءة، كثير من الشباب وضعوا آمالا عليه، ورأوا فيه قائد الثورة وملهمها، لكنه دائم الاختفاء، ينبغى على الشباب البحث عن شخص آخر، لأن البرادعى ليس لديه رؤية ولا قدرة، فقد شكل حزبا بعد الانتخابات البرلمانية بـ3 شهور، وابتعد عن السباق الرئاسى، ولم يكن فى مصر أثناء الانتخابات، لم يفعل شيئا بل خذلهم، فى حين كان عليه أن يتحرك لأخذ صلاحيات من «العسكرى»، باعتباره قائدا، وليس من المفترض أن يمنحوه الصلاحيات طواعية، إن من يؤمنون بالإخوان لديهم سبب وجيه، أنهم يفكرون فى مصلحة الجماعة، سواء ترشحوا لـ30% من مقاعد البرلمان أم أكثر، ترشحوا للرئاسة أم لا، لكن البرادعى لم يتحرك لتحقيق مصالح غير الإسلاميين.
* كيف ترى علاقة مصر وإسرائيل فى عهد «مرسى» بالنظر إلى أنه تعهد بعدم المساس باتفاق السلام مع تل أبيب؟
- هناك مشكلة أن البلدين يشتركان فى الحدود، وحتى الآن لم يكن هناك اتصال مفتوح بين الطرفين، فكيف يتمكنان من حل أزمة تطرأ بينهما، بينما الرئيس ومستشاروه لا يتعاملون مع إسرائيل؟ هناك مشكلة أخرى، تكمن فى أن المصريين يرون أن اتفاق السلام «جميلاً» أدوه لإسرائيل والولايات المتحدة، وهذا خطأ، إنه «جميل» أداه المصريون لأنفسهم ليحموا مصالحهم وحياتهم، حيث حمى آلاف المصريين والإسرائيليين من الموت فى الحروب خلال الـ30 عاما الماضية. ينبغى على القيادة المسئولة الآن أن توضح للمصريين أن السلام مع إسرائيل، مهما كانت نظرة المصريين إليه، شىء تحتاجه مصر لاستقرارها الاقتصادى، ولأمن المصريين العاديين.
* هل يضفى فوز مرسى على موقف حركة حماس مزيدا من القوة فى مواجهة إسرائيل؟
- من الصعب توقع ذلك، لكن ربما يحدث، أتصور أن الإخوان سيركزون على حل المشكلات المحلية أولا، وسيكون من الغباء أن يركز «مرسى» على الشأن الخارجى قبل حل مشكلات الداخل، وأعتقد أن الإخوان يفعلون ذلك بالفعل، إنهم يركزون على الداخل لإنتاج مصر جديدة.[Image_2]
* كيف ترى العلاقات بين مصر وأمريكا فى رئاسة «مرسى»؟
- أعتقد أنها تمثل تحديا حقيقيا، أكثر ما يزعجنى نظرية المؤامرة التى ينظر بها الرئيس محمد مرسى لأحداث 11 سبتمبر، حيث إنه يعتقد أن الولايات المتحدة شنت الهجوم على البرجين، وليس تنظيم القاعدة، على الرغم من اعتراف أسامة بن لادن بوقوف تنظيمه وراء الهجوم، وهذا يوحى لى أن ما يحدث ليس مجرد خلاف مع سياسات واشنطن، تسبب التوترات، لكنها كراهية فعلية، وهذا ما يقلقنا، فشىء مشين أن يعتقد أحدهم أن أمريكا تضرب منشآتها بالطائرات لقتل 3 آلاف من مواطنيها، إن مكافحة الإرهاب هدف أساسى لواشنطن، ونحن قلقون من إمكانية حدوث «11 سبتمبر» جديدة، وحينما يقول لك أحدهم: «معذرة، ما تقلقون منه مبنى على كذبة»، فإنه يبدى عدم احترام لما نخشاه، هذا قلق مشروع، لأننا لا نريد أن يهاجم مزيد من الطائرات المقبلة من هذا الجزء من العالم، مبانينا مرة أخرى. «مرسى» قال أشياء غير مسئولة عن الولايات المتحدة، والمجتمع الأمريكى، وأعتقد أن عليه كرئيس أن يظهر تقديره لإقامة علاقات قوية مع أمريكا.