أمسكت بهاتفها المحمول، لترد بعصبية وقسوة على المجهول الذى يتحدث معها على الجانب الآخر "شوفى بقى.. بنتى سلوى مش وحشة ولا بايرة عشان بسلامته مش عايز يمضى ع القايمة".
لمدة تزيد عن 15 دقيقة كانت السيدة تتحدث بثقة مفرطة عن "شيوار ابنتها اللى المنطقة بتحكى وتتحاكى بيه"، وبالتالى لا يصح للخطيب أن يفاصل فى قيمة "القايمة".
واستكملت المرأة كلامها: قال ياختى، الواد بيقولنا إنتوا حاطين الكوبايات والكاسات فى القايمة ليه، دى حاجات بتتكسر، وعاديكى مخلتلوش وسمعته من المنقى خيار.. وبقالهم يومين بيرحوا ويجوا عشان نحل المُشكل، وأمه قالت خلاص نعمل مع سلوى زى ما عملوا مع مروة أخت العريس.
وفجأة توقفت السيدة عن الحديث، قائلة: استنى يا أم عبده معايا لما أنزل، على جنب يا اسطى والنبي"، كدت أمسك فى طرف عباءتها السوداء لأستحلفها بالله: والنبى ياحاجة متنزليش قبل ماأعرف أخت العريس عملوا معاها إيه، ولكن كعادة حكاوى المواصلات العامة، غالبيتها لا تكتمل وكل واحد بينزل فى الخط بتاعه.
واستكملت بقية مشوارى وأنا بسأل"يعنى ايه جوازة تبوظ عشان مجرد ورقة مكتوب فيها عدد السجاجيد والأجهزة الكهربائية والدهب والفرش وغيره وغيره.
إيه لازمتها القايمة دى، سألت رجل كُبارة فى الموضوع ده، وأجاب بثقة "بنحمى حق بنتنا، عشان يوم ما الزوج يفكر يغدر، الست تاخد حاجتها وتسيبه على البلاط".
ما قاله الرجل، ذكرنى بأكثر من واقعة، سمعت عنها، خاصة وأنى فتاة ريفية، وحكاوى "القايمة" وبلاويها عرض مستمر، الواقعة الأولى، إحدى السيدات قررت الانفصال عن زوجها الذى رفض أن يعطيها أشياءها، وقفت حماته أمنة مطمئنة، مهددة إياه بلهجة نسائية أقرب لانفعالات عبلة كامل: يعنى إنت مش هتدى بنتى جهازها، راجع نفسك أحسن لك.. كان رد الزوج: ملهاش قشاية عندى، وجاء رد حماته: محدش يلومنى ولا يعتب عليا بقى، وعنها عملت له محضر تبديد.
الواقعة التانية، عندما أرسل أهل الزوجة سيارات النقل لمنزل طليقها للحصول على المتعلقات التى جاءت فى "القايمة"، قامت والدة الزوج بتبديل "العفش والأجهزة والملابس القديمة" ومنحها لمطلقة ابنها، قائلة فى وسط الشارع: مش هما عايزين الحاجة يتفضلوا يشيلوا حاجتى القديمة، و"قايمتهم"يبلوها ويشربوا ميتها.
الحكايات كثيرة لا تنتهى، هناك زيجات "فشكلت" قبل الفرح بأيام بسبب "القايمة"، أحيانا بسبب المغالاة فى محتوياتها من وجهة نظر العريس وأهله، وأحيانا أخرى بسبب رفضهم لمبدأ القايمة من الأساس، إحدى صديقاتى فسخت خطبتها قبل موعد الزفاف بـ7 أيام، وعندما سألتها عن السبب، قالت باكية: تخيلى مش عايز يكتب قايمة، وأبويا قال له أنا بضمن حق بنتى زى الشرع والدين ما بيقولوا، لكن بسلامته قال له يا عمى، أنا يوم ما العشرة تستحيل مع بنتك، هقولها مع السلامة وكل واحد يشوف حاله، مش خلاط وغسالة وشوية فوط هما اللى يضمنوا حقها، إنت هتديها لراجل.
طب وإنتى كان موقفك إيه؟ مسحت دموعها: شوفى اللى يرفض يكتب قايمة، يبقى راجل ناوى على الغدر وبيتسلى.
ودعت صديقتى ومشيت، وتذكرت عندما كنت صغيرة، وتعالت الزغاريد فى الشارع، طلعت وقفت على "عتبة" بيتنا، و شوفت أم العروسة، وهى تغنى فرحة بعقد قران ابنتها، بعد معركة ساخنة وخلافات حامية مع العريس "البت وطلعت غالية وعريسها مضى ع القايمة.. كتبوا كتابك يانقاوة عيني"، هذا الغناء الذى يستفز أم العريس، لتردد مع المجاملات من جيرانها: خدناها خدناها خدناها.. خدناها وضحكنا عليكوا بشوية ورق فى إيديكم.