ورش الإعداد لامتحانات معاهد «السينما والمسرح» تبيع الوهم للطلاب
إحدى الورش لتدريب الطلاب
«دى موهبة وفيه متطلبات معينة للمعهد العالى للفنون المسرحية، وغير أن كل يوم بيضيع بيأثر معاك».. «نضمن لك دخول المعهد لأن الورشة هى واحدة من أقدم وأفضل ورش التدريب للالتحاق بمعهد السينما»، «الورشة كانت سبباً فى دخول أكثر من 100 طالب للمعهد فى الفترة الأخيرة»، إعلانات متناثرة وعبارات رنانة تفترش الأرض وتتزاحم على الجدران، تلعب على أحلام الشاب فى الالتحاق بمعاهد التمثيل سواء الفنون المسرحية أو معهد السينما، وتبدأ تلك الورش فى اصطياد فرائسها الهائمة أمام أحلامها البعيدة، مقابل مبالغ مالية باهظة.
مع ظهور نتيجة التنسيق وبداية التقديم للمعاهد الفنية، تبدأ تلك الورش فى الظهور بعد فترة سبات دامت عاماً، حيث تنشر إعلاناتها لتجتذب الطلاب الراغبين فى الالتحاق بتلك المعاهد، وتوفر لهم تدريباً على امتحانات القبول، وتأهيلهم لدخول تلك المعاهد.
«زكى»: نظمنا كورسات بمبالغ رمزية داخل «فنون مسرحية» لمواجهة الظاهرة.. و«التونى»: نمنع أساتذة الورش من وضع الامتحانات
يقول الدكتور محسن التونى، عميد المعهد العالى للسينما، إن أراد الطالب الالتحاق بالمعهد فعليه أن يجتاز امتحانات القدرات الخاصة بالقبول فى المعهد، متابعاً: «يتم قبول الطلاب وفقاً لقدراتهم الإبداعية أو الفنية وهو ما يقيسه أساتذة المعهد من خلال الامتحانات الموضوعة، وهم غير ملتزمين بشكل محدد للامتحان، فمن الطبيعى أن يتغير الامتحان مع تطور التكنولوجيا وطريقة المشاهدة وغيرها من الأمور المتعلقة بالفن والإبداع، وبالتالى قد يختلف الامتحان من عام لآخر، ولكن يظل الهدف الأساسى قياس القدرات الإبداعية لدى الطلاب، حيث يتم تحديد الأسئلة التى يشارك فى وضعها كل أساتذة المعهد، صباح يوم الامتحان».
ويضيف لـ«الوطن»: «أما بالنسبة للورش والكورسات المنتشرة وتؤهل الطلاب لدخول المعهد، هى لا تضمن له ذلك على الإطلاق، وهناك قانون يمنع وضع أى من تلك الإعلانات داخل المعهد، وممنوع مشاركة أى أستاذ من أعضاء هيئة التدريس فى تلك الورش أو إعداد الطلاب، ومن يشارك فى ذلك يمنع تماماً من وضع الامتحانات، يجب أن أضمن للطالب امتحانات نزيهة ومكاناً فى المعهد إذا كان لديه موهبة حقيقية».
وفيما يتعلق بإعداد الطلاب ومدى قدرتهم على اجتياز امتحانات القبول، قال عميد معهد السينما: «الامتحانات ليست تعجيزية فلا نطلب من المتقدم ذكر قواعد الإخراج، ولكن الامتحانات عبارة عن وسيلة لقياس مدى قدراتهم وبالتالى تكون عبارة عن تكملة قصة أو مجموعة من المشاهد يقوم المتقدم بإعادة ترتيبها، وفى النهاية الأسئلة متنوعة ومتغيرة دائماً، أما فى قسم الديكور والرسوم فيطلب منهم رسم شىء معين، وهو ما يتغير من امتحان لآخر»، مضيفاً: «قد تؤهل تلك الأماكن المتقدمين للامتحان ولكنها لا تضمن لهم القبول ولا تجعل منهم موهوبين، وفى مقابل ذلك تحصد مبالغ باهظة، ولا أستطيع أن يكون هناك مركز معتمد من المعهد يؤهل الطلاب لامتحانات القبول لأن وقتها سيفتح الأمر أمام الشكوك فى آليات القبول والرفض، وأنا أرفض ذلك تماماً للبعد عن تلك الشبهات».
«مبارك»: «الورشة المجانية» تقدم خدمات للموهوبين تحت شعار «الفن رسالة»
الدكتور أشرف زكى، عميد المعهد العالى للفنون المسرحية، أوضح من جهته أن هناك بدائل لدى المتقدمين إلى المعهد تبعدهم عن الورش والكورسات التى تتطلب مبالغ كبيرة أو تبيع الوهم لبعضهم، قائلاً لـ«الوطن»: «المعهد ينظم كورسات تأهيل للامتحانات فى قاعة سيد درويش للعام الرابع على التوالى يقدمها معيدون من داخل المعهد بشكل رسمى، برسوم رمزية أقل من الأماكن الخارجية التى تطلب مبالغ كبيرة نظير تأهيل المتقدمين، وهى موثوق فيها بشكل أكبر».
وكشفت الفنانة دنيا هريدى أنها لم تعتمد على ورش تأهيل للقبول فى شعبة التمثيل والإخراج بقسم المسرح فى كلية الآداب جامعة حلوان، وبالرغم من ذلك تم قبولها فى القسم، متابعة لـ«الوطن»: «هناك عدد كبير من الطلاب يعتمد على تلك الأماكن بسبب عدم معرفتهم بطبيعة امتحانات القبول سواء فى معهد السينما أو فنون مسرحية، وبالتالى تعتبر بعض تلك الأماكن بيئة خصبة لبيع الوهم للشباب، وأحياناً تساعد المتقدمين من أصحاب الموهبة على التمكن من أدواتهم».
واعتمد نادر الجوهرى، الطالب بالفرقة الثانية بالمعهد العالى للفنون المسرحية، على إحدى الورش قبل التقدم للمعهد وبالفعل تم قبوله، مشدداً على ضرورة التفريق بين الأماكن التى لها أسماء معروفة فى تأهيل المتقدمين لخوض امتحانات القبول، وبين أماكن أخرى ضعيفة تظهر من العام للآخر يكون الموضوع بالنسبة لهم «نصباية»، وليس لهم علاقة بالمعهد، وليسوا حتى من الخريجين القدامى.
أضاف «الجوهرى»: «فى البداية تكون الورشة عبارة عن إعداد عام للمتقدم، ثم تتضمن المرحلة الثانية أشياء لها علاقة بامتحانات القبول فى المعهد، وعلى الجانب الآخر هناك أماكن تكون مجرد (سبوبة) ويعتمدون على أسماء أخرى فى تشكيل سمعتهم، فمنهم من كان يقول إنه علم محمد رمضان التمثيل فى بداية حياته ونشر صورة تجمع أحدهم به، وفى النهاية الصورة كانت فى إحدى المناسبات التى التقطها مع رمضان باعتباره معجباً فقط، وهناك ورش كثيرة من هذا النوع، والسمعة هى الفارق الأساسى بالنسبة للمتقدمين».
أما «الورشة المجانية» فهى فكرة قام بها عدد من خريجى المعهد للوقوف أمام الورش التى تطلب مبالغ مرتفعة أو التى لا تتعدى كونها «سبوبة»، وذلك وفقاً لمؤسسها أحمد مبارك، الذى قال: «البداية كانت مع أحد أصدقائى الذى طلب منى ترشيح مكان يؤهله لخوض اختبارات معهد فنون مسرحية، ومعظم تلك الورشة كانت نفقاتها مرتفعة بالنسبة له، وبالتالى الموهوبون يواجهون مشكلة فى التقديم ومعرفة طريقة خوض امتحان القدرات، وهو عبارة عن مشهدين واحد فصحى والثانى عامية، وبالتالى العام الماضى قررت بدء الورشة المجانية بالتعاون مع أصدقائى من خريجى المعهد محمد نبيل، ريهام دسوقى وأسماء إمام، وتم تحديد مقابلات لاختيار الموهوبين، حيث إن هناك بعض المتقدمين يكونون موهومين بأن لديهم موهبة من ضمن 170 شخصاً تم اختيار 31 طالباً من المتقدمين للورشة وتم تقسيمهم على 3 مجموعات ليكون كل منهم مسئولاً عن مجموعة، وبالفعل تم قبول 10 طلاب منهم فى الأقسام الرسمية والموازية بمعهد فنون مسرحية».
وأضاف: «استأجرنا استديو للبروفات وتقاسمنا جميعاً ثمنه نحن والمتدربون، وهذا العام تقدم 450 شخصاً اخترنا منهم 81 شخصاً تم تقسيمهم على 5 مجموعات بعد زيادة عدد المدربين، وأرجو أن تكون الورشة كياناً مستمراً لا يتوقف عندنا فقط بل يعتمد على الدفعات التى دخلت المعهد لتعود وتدرب المتقدمين الجدد».
وعن صعوبة التجربة قال: «بالطبع الورشة تتطلب وقتاً ومجهوداً ولكنها التجسيد الحقيقى والمعنى الحرفى لجملة (الفن رسالة)، كما نهدف إلى القضاء على مافيا التدريب».
وفى محاولة أخرى لمواجهة تلك الأماكن، نظمت نقابة المهن السينمائية برئاسة المخرج مسعد فودة ورش اليوم الواحد، فى مجالات التصوير والإخراج والديكور، للطلبة المتقدمين لاختبارات القبول بالمعهد العالى للسينما، وذلك بمبالغ رمزية.