قام الإعلامى عماد أديب بمحاورة الإرهابى الليبى عبدالرحيم المسمارى، وهو الوحيد الذى تبقى على قيد الحياة ممن نفذوا مذبحة الواحات لضباط الشرطة، وقامت الطائرات الحربية المصرية بقصفهم فقُتلوا جميعاً، وهرب «المسمارى» فقبض عليه الأمن الوطنى بعد تعقبه.. والمسمارى وسيم الوجه، حسن المظهر، لكنه للأسف خاوى الرأس مشوش الفكر متصلب الرأى على أفكار كلها تصب فى القتل والإيذاء والتكفير والتفجير.. وهذا المقال يُجرى تحليلاً فكرياً لعقله فى نقاط مختصرة:
مظهر عبدالرحيم المسمارى لا يدل على أنه كان فقيراً أو لديه عقدة من شكله فمشكلته الأساسية فى فكره، مثل أساتذته هشام عشماوى وعماد عبدالحميد ومن قبل الظواهرى وبن لادن، فكلهم من أسر ثرية، ومشكلتهم جميعاً فى فكرهم، فالعقل هو الذى يأمر الأصابع بالضغط على الزناد أو المفجر.
أهم فكرة لديه وأبناء تنظيم القاعدة وداعش هى الإنابة عن الإسلام، فكل واحد منهم يمثل المتحدث الحصرى والوحيد عن الإسلام، مع أنه ليس هناك متحدث رسمى ووحيد عن الإسلام بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، الذى تمتع بهذه الصفة لنزول الوحى عليه.
أكبر سوءة لدى القاعدة وداعش والمسمارى هى الإنابة عن الأمة، فقد أنابت القاعدة نفسها عن الشعب الأفغانى، وضربت 11 سبتمبر من أراضيه دون إذنه ورضاه أو رضا حكومته مما أدى إلى احتلال أفغانستان، ومقتل وإصابة قرابة مليون أفغانى، وهرب قادة القاعدة خارج أفغانستان، وأنابوا أنفسهم عن الشعب المغربى فى تفجيرات الدار البيضاء والرباط، وعن الشعب المصرى حينما أقاموا ولاية سيناء فى شمال سيناء وهكذا، لقد أنابوا أنفسهم عن معظم شعوب الأرض، فمن الذى أنابهم عن كل هذه الشعوب؟
ويا ليتهم اكتفوا بهذه الإنابة عن هذه الأمم، بل إنهم أساءوا استخدام هذه الإنابة، فكفروا وقتلوا وخربوا وفجّروا وروّعوا، ونفّروا ولم يبشّروا وهدموا ولم يبنوا.
المسمارى وأبناء القاعدة وداعش لا هُم أبناء النص ولا هم أبناء العصر، فلا هم فهموا النص جيداً ولا أدركوا مقاصده ولا مراميه، فالنصوص لا يعارض بعضها بعضاً، فلا يمكن للإسلام أن يبيح لمثل المسمارى أن يقتل من يشاء ممن يخالفه فى الوقت الذى يدخل امرأة النار من أجل هرة حبستها، لا يمكن للإسلام أن يطلق صيحته المدوية «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ»، كل بَنِى آدَمَ، ويبيح قتل ثلاثة أرباع الكرة الأرضية من غير المسلمين على يد أمثال المسمارى، القاعدة وداعش لم يفهموا النص جيداً ولم يعيشوا مقاصده الحقيقية، ولكنهم حفظوا أقوال شيوخهم الذين لا علم ولا فقه لهم.
وهم أيضاً ليسوا أبناء عصرهم، يعيشون واقعاً غير واقعهم وزمناً غير زمنهم، وبينهم وبين زمنهم مئات السنين، وحتى عصر النبوة لم يفهموه، ولم يفهموا من معنى الخلافة شيئاً، الخلافة الراشدة حضارة، وليست شكلاً محدداً.
لقد قدم عمر بن الخطاب منظومة حضارية رائعة من العدل السياسى والاجتماعى وإنصاف الرعية من نفسه، الخلافة ليست عَلَماً أسودَ عليه كلمات محددة كما تتصورها القاعدة وداعش، أو كما تصورها شاب تونسى من القاعدة رفع هذا العلم يوماً فى تونس هاتفاً: «الله أكبر»، متصوراً أن الخلافة قد قامت.
حينما تقيم منظومة العدل السياسى والاجتماعى والتعليم والصحة والبحث العلمى والأمان والرحمة والرفق والنظافة والعفو تكون قد أقمت الخلافة الراشدة حتى وإن لم تكن فى الحكم ومهما كان شكله.
كل فقهاء الإسلام يقولون: «الأصل فى النفوس كلها العصمة».. ولا يزول هذا الأصل إلا بدليل أنصع من شمس النهار لا بقرار داعشى ساذج أو قاعدى غبى، وقد تقرر هذا الأصل من قوله تعالى {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}؛ فنفس المسلم واليهودى والعربى والإيرانى والأمريكى والبريطانى والصينى والبوذى وكل الأجناس والأعراق معصومة، والعلة فى القتال هى المقاتلة والاعتداء وليست اختلاف العرق والدين {وقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}، لكن المسمارى والقاعدة معظم الأنفس على الكرة الأرضية مباحة لديهم سوى عدد قليل قد لا يجاوز الآلاف.
المسمارى والقاعدة يعتبرون داعش خوارج فما الفرق بينهما، كلاهما يكفر الحكام، ضباط الجيش والشرطة والمسيحيين ويستبيح دماءهم ويفجرهم، اعتبروهم خوارج فقط لأنهم احتلوا مكانهم، وسلبوا جاههم، والحقيقة أن كليهما على فكر الخوارج، والفوارق بينهما سطحية وعملية أكثر منها فكرية.
المسمارى والقاعدة وداعش لا يفهمون سوى فقه الموت، ويزرعون الموت فى كل مكان للناس ولأنفسهم، ولا يفهمون أن الإسلام وكل الأديان جاءت بـ«فقه الحياة الكريمة الصالحة» وبـ«فقه العمران والإحياء» {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}.