الرئيس عبدالفتاح السيسى رجل وطنى مخلص وليس لدى أدنى شك فى ذلك، وهو يعمل فوق طاقته حتى يحقق لمصر كل ما يتمنى من رفاهية وتقدم، وأنه اتخذ قرارات اقتصادية غاية فى الصعوبة ما جرأ رئيس قبله اتخاذها، قرارات أثرت على شعبيته ولكنه رأى أن مصلحة البلد أهم.
أثق تماماً أنه فى حالة العرض الأمين عليه وتوافرت لديه المعلومات الصحيحة فإنه لن يتأخر عن اتخاذ القرار الذى يصب فى مصلحة الوطن، المشكلة أحياناً تكون فى العرض غير الأمين على الرئيس أو إخفاء المعلومات الصحيحة أو الخوف من مناقشته، وفى الحالات الثلاث يكون القرار غير صحيح، وأعتقد أن هذا ما حدث فى حملة الإزالة الأخيرة بحجة استرداد أراضى الدولة وكانت النتيجة أن سلبيات هذه الحملة كانت أكثر من إيجابياتها وظلمت مواطنين كثيرين.
الرئيس بشر يصيب ويخطئ، وليس مطلوباً منه أن يعلم كله شىء، ويعمل كل شىء بنفسه، وإلا ما هو دور مستشاريه ومعاونيه، وكذلك الوزراء والمحافظون وكل المسئولين فى الدولة.
من الموضوعات التى يجب عرضها على الرئيس بأمانة وشفافية صفقة الـ700 عربة سكة حديد التى تعتزم وزارة النقل شراءها، وهنا سوف أعرض على الرئيس الموضوع بكل وضوح وشفافية، وأنا واثق تماماً أنه سوف يتخذ القرار الذى يصب فى مصلحة البلد:
سيدى الرئيس هناك ثلاثة عروض حالياً فى وزارة النقل؛ العرض الأول من دولة المجر وهو قديم منذ عشر سنوات تقريباً، وهناك تفاوض لشراء 300 عربة جاهزة ثم تجميع 400 فى مصانع الإنتاج الحربى، علماً بأن المجر ليست لديها القدرة على إنتاج الصفقة وأنشأت شركة مع روسيا للتصنيع المشترك والبيع لمصر بقرض تجارى (مليار دولار).
العرض الثانى تقدمت به دولة لاتفيا لإنشاء خط إنتاج فى مصانع الإنتاج الحربى ونقل التكنولوجيا إلى مصر بالكامل لتصنيع قطار مكتوب عليه «صنع فى مصر»، وبالفعل كانت هناك زيارات متبادلة بين البلدين، أما العرض الأخير فهو إيطالى يشمل إنتاج 80% من العربات فى مصر وإنشاء خط إنتاج فى «سيماف» تؤول ملكيته لمصر مع حقوق الملكية الفكرية والتمويل يغطى 100% من تكلفة المشروع وقيمة العربة أقل بنسبة 30% من العرض المجرى الروسى.
الخلاصة إذاً هناك ثلاثة عروض اثنان تصنيع داخل مصر (مع تمويل كامل فى العرض الإيطالى)، أما الثالث فهو شراء نصف العربات جاهزة وتجميع النصف الآخر فى مصانعنا مع استخدام بعض المواد الخام المحلية، والعروض الثلاثة فيها تفاصيل فنية ومادية كثيرة لا تفيد القارئ ولكنها مهمة لصاحب القرار، لو كنت مسئولاً عن المفاضلة والاختيار أو مستشاراً للرئيس فى هذا الموضوع سوف أكون أميناً معه ومع الله والبلد وأنصحه، ودون تردد، باختيار عرض التصنيع المحلى فى مصر حتى لو كانت تكلفته أكثر؛ لأنه يوطن صناعة وتكنولوجيا وخبرة ويوفر عملة وفرص عمل ويساهم فى تشغيل صناعات كثيرة مغذية، أما الشراء الجاهز والاعتماد على القروض الخارجية فيجب أن يتوقف تماماً لأنه استمرار فى تدمير الصناعة الوطنية وإغراق البلد بالديون وتأكيد بأن مافيا الاستيراد ما زالت تعيث فى الأرض فساداً، أمانة العرض تقتضى أيضاً أن يعلم الرئيس أن أى إنفاق دون تخطيط والذهاب إلى الجر الكهربائى هو فساد وإهدار للمال العام وأن مشكلة السكة الحديد ليست فى العربات والجرارات بل فى الفكر ونظام الإدارة الفاشل فميزانية أغنى دولة فى العالم لا تتحمل إنفاق مليارات الجنيهات على نقل 2% فقط من المواطنين. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.