هانى أبوأسعد: المصالح تحكم هوليوود.. وأردت إعادة العالم إلى فلسطين عبر «The Mountain Between Us»
المخرج الفلسطينى هانى أبوأسعد
يشارك المخرج الفلسطينى هانى أبوأسعد فى عضوية لجنة تحكيم المسابقة الدولية، بالدورة الـ39 من مهرجان القاهرة السينمائى، كما افتتح فيلمه The Mountain Between Us أو «الجبل بيننا» فعاليات المهرجان، حيث حقق إيرادات منذ طرحه فى دور العرض السينمائية حول العالم تجاوزت 54 مليون دولار، وهو مأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب تشارلز مارتن. وقال المخرج هانى أبوأسعد إن تحويل رواية أدبية إلى شريط سينمائى أمر صعب للغاية، لأنها مليئة بالأفكار والخيال، متابعاً: السينما نقيض الرواية، حيث لا تتعامل مع الخيال ولكن مع الشعور الناتج عن الصور، إلى جانب تحديد الأجزاء التى نأخذها من الرواية أو قد نتخلى عنها، وما الذى يمكن أن نضيفه لها»، وأضاف «أبوأسعد» فى تصريحات لـ«الوطن»: «أنا لم أعمل على السيناريو، فهناك متخصصون فى هذا المجال ويتقاضون أجراً مرتفعاً جداً، لأنهم يهتمون بهذا الجانب، لذلك فهم الشىء الإيجابى فى تلك التجربة، حتى يكون همى الوحيد هو الإخراج، ففى الأعمال السابقة كنت منتجاً وكاتباً، ومخرجاً ومسئولاً عن كل كبيرة وصغيرة فى العمل، فأنا ما زلت الأب الروحى لأعمالى السينمائية، ولكنى لست فى حاجة إلى تحمل أعباء أكثر من مسئوليتى».
وتحدث عن تفاصيل فيلم «الجبل بيننا»، قائلاً: «يحمل مزيجاً بين صراع البقاء فى الحياة وقصة الحب التى جمعت البطلين، وهو أمر يصعب تحقيقه على الشاشة، لأنها تركيبة قليلة الوجود فى السينما حتى الآن، ومن التحديات التى واجهتنا أن القصة معتمدة على شخصين فقط، وبالتالى كان يجب جذب انتباه الجمهور طوال الوقت، لذلك كنا فى حاجة إلى ممثلين قويين وليسا متشابهين، على الرغم من تشابهّهما فى الرواية، ولكن الفيلم كان لا بد أن يوسع الفارق بينهما بشكل أكبر، حتى يظل هناك توتر طوال الوقت بين الشخصيتين المختلفتين، وردود أفعال متباينة تجاه الأشياء، فضلاً عن اختلافهما فى اللون»، وأكمل: «الاختلاف يخلق صراعاً دائماً ويجذب المشاهد، وعلى الجانب الآخر كان يجب أن تكون الصورة الشاعرية واقعية، خصوصاً أن الإنسان العصرى لا يحب الشاعرية أو الواقعية البحتة، وبالتالى المزج بينهما خلق صورة جاذبة، تعطى أحياناً شعوراً بالقرب، وفى أوقات أخرى إحساس الترفع». ويعد فيلم «الجبل بيننا» عملاً خارج المنظومة التى اعتاد هانى أبوأسعد خوضها، على الرغم من أنه قدم مجموعة من الأعمال الروائية منها «الجنة الآن»، «عمر» و«يا طير يا طاير»، كانت نابعة من تجربته وثقافته كمواطن فلسطينى، وفى هذا الصدد يقول: «لا يوجد اختلاف كبير بين التجارب الماضية وفيلمى الأخير، فطبيعة عملى كمخرج ثابتة، وتكمن فى إدارة الممثلين والصورة، وتلاحمهم معاً»، وتابع: «الشىء الوحيد الذى تغير فى تجربتى الأخيرة هو أن الإمكانات أصبحت أضخم، وتستطيع تقديم مشهد صعب بالصورة التى تراها، وكونى مخرجاً فلسطينياً فى أمريكا لم يغير من الأمر بشكل كبير بالنسبة لى، لأن كل الأفلام تتناول قضايا بشر عاديين موجودين فى ظروف غير عادية، لذلك الفيلم يرصد ردود أفعال الإنسان فى تلك الظروف المخالفة لسجيته، هل يحافظ على أخلاقه ومبادئه، أم سيتغير، وعندما أتناول القضية الفلسطينية أقدم جزءاً من العالم، ولكن حينما أقدم فيلماً عالمياً أهدف إلى أن يعود العالم إلى فلسطين».
أعمالى ترصد مدى تمسك الإنسان بأخلاقه فى الشدائد.. وتحويل الروايات لأفلام صعب للغاية.. وأفضل إبراز الاختلافات لأنها تخلق صراعاً يجذب المشاهد
وعن صعوبة عمله فى مدينة الإنتاج السينمائى الأمريكية «هوليوود»، أو تعرضه لصعوبات بسبب خلفيته الدينية والمجتمعية، أوضح: «هوليوود بها ملايين الناس من خلفيات عرقية وثقافية ودينية متنوعة، بها الجيد والسيئ، وهناك العنصرى والصهيونى والمعتدل أيضاً، وبالطبع هناك بعض الشركات لن تعمل معى لأنهم عنصريون، حتى لو هناك مصلحة مادية، وعلى الجانب الآخر هناك شركات لا تراعى سوى المصلحة، ففى النهاية هى كيانات ربحية هدفها الأساسى الربح، ومن الممكن أن يكون لديهم حب للسينما، ولكن المكسب والخسارة تحكم تعاملاتهم».
وعن نجاح التجارب السينمائية الفلسطينية فى الفترة الأخيرة، قال: «كل إنسان يفقد سيطرته على الأرض يتحول إلى التعليم، الثقافة والفن، ولسبب بسيط أن من يفقد الأرض لا يستطيع أن يأخذ سوى شهادته، علمه، إنسانيته وكل تلك المفاهيم، الفلسطينى اتجه باللاوعى إلى هذا المكان لأنه مجبور على التنقل من مكان إلى مكان حتى تنحل القضية، حيث إن أغلب اللاجئين ممنوعون من حرية الحركة والتنقل الطبيعى حتى بالعالم العربى، هذا ما يجعلهم يستثمرون فى الأشياء التى يقدرون بسهولة أن يحملوها معهم، والشىء الأهم أننا عندما فقدنا الدولة لم يظل لدينا سوى إنسانيتنا نحتمى فيها، ودونها قد نضيع، وبالتالى يهتم الفلسطينيون بإنسانيتهم».