نجح أحد السادة كبار المحامين فى حبس إحدى المطربات الناشئات لأنها قامت بأداء أغنية خليعة لا تتفق مع مبادئ وأخلاق الشعب المصرى المتدين الخلوق! وقال المحامى فى دعواه وأحاديثه الإعلامية إن هذه المطربة تشيع الفاحشة فى المجتمع ولا بد من عقابها ومنعها من الغناء فضلاً عن حبسها أو إعدامها إن أمكن.
يحدث هذا فى عصر الإتاحة الإلكترونية لكل أنواع الأداء الجنسى والشذوذ، وفى عصر الإتاحة المجتمعية لأحقر وأسوأ الأغانى وأكثرها انحطاطاً وسفالة، وفى عصر تتنافس فيه كل فئات الشعب المصرى فى البذاءة وسائر الرذائل الأخرى، وفى عصر تبحث فيه عن أى شىء نظيف ومحترم أو حتى عادى فى سلوك إخوانك المواطنين فتخرج خالى الوفاض!
يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى الحديث الشريف: «من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته وفضحه فى عقر داره». وقد صدق هذا الحديث مؤخراً فى شأن أحد السادة محترفى قضايا الحسبة وصار محكوماً عليه بالسجن مثل ضحاياه، أما الثانى فما زال يحتفظ بأسماء الشعب المصرى بأكمله، ويستيقظ كل يوم لرفع دعوى قضائية ضد أحد المواطنين أو أحد المطربين أو أحد الإعلاميين أو أى شخص آخر تسوقه أقداره للوقوع فى براثن هذا المحامى العجيب.
لا أحد يفهم سبب احتفاظ القانون المصرى بمواد تسمح بهذا النوع من القضايا، ولا أحد يفهم جدوى فرض الوصاية القضائية على سلوك الناس بينما سقط المسلمون والعرب من حسابات التاريخ وصاروا أكثر الأمم تخلفاً وجهلاً وضعفاً بسبب وصاية من لا يملك على من لا يستحق. وإن كانت قضايا الحسبة تجوز لإصلاح المجتمع فلماذا لم يستخدمها أحد ضد أغانى المهرجانات وضد أفلام السبكى وضد أغانى وبرامج سعد الصغير وضد طوفان البذاءات الذى يجتاح البلاد على كل المستويات فضلاً عن براكين الفساد التى تحرق الأخضر واليابس فى كل مكان من هذا البلد؟
********
وفى شأن قضائى آخر قالت وسائل الإعلام إن أحد السادة وكلاء النيابة قام بقتل أحد السماسرة على سبيل الخطأ خلال اتفاقهما على بيع سيارة للسيد الوكيل. وقيل إن وكيل النيابة هرب من مسرح الجريمة بعد الحادث ولم يتم القبض عليه إلا بسبب الكارنيه الخاص به الذى سقط منه قبل الهروب.
السيد وكيل النيابة يحمل سلاحاً غير مرخص، ويقول إنه لم يقتل السمسار عمداً ولكن رصاصة خرجت من سلاحه وأصابت القتيل من تلقاء نفسها!! ثم هناك رصاصة أخرى خرجت أيضاً وقال السيد الوكيل إنها كشقيقتها الأولى غير مقصودة!!
إن كان السيد وكيل النيابة صادقاً فى كلامه هذا فلماذا يحمل سلاحاً دون ترخيص وهو رجل قانون؟ ولماذا هرب بعد مصرع الرجل إن كان بالفعل قد قتله على سبيل الخطأ؟ وما علاقة السلاح النارى بالاتفاق على شراء سيارة؟ ولماذا يخوض بعض السادة رجال السلطة القضائية فى علاقات وسلوكيات مشبوهة رغم أن وظائفهم ومكانتهم وامتيازاتهم المادية والمعنوية لا تتسق مع ذلك؟
حادث مقتل السمسار ليس الجريمة الأولى التى يرتكبها أحد السادة رجال القضاء ضد المواطنين، فهذا الطراز من البشر يصاب بعض أفراده بمرض انتفاخ الذات ويظن الشخص منهم أنه فوق القانون وفوق الحساب وفوق سائر الآخرين بسبب الهالة التى يضعها فوق رأسه النظام والمجتمع والحكومة وطبيعة وظيفته والسلطات المترتبة عليها.
وتتضاعف هذه الأعراض المرضية بسبب حرص السادة أولى الأمر فى هذا البلد على توريث الوظائف القضائية لعائلات معينة بينما يستمر جزء منها دون توريث ولكن بوسائل أسوأ من التوريث ويستحيل معها أن يكون شاغل الوظيفة أميناً على صلاحياته وسلطاته قادراً على توظيفها لصالح المجتمع وليس لنفسه وأسرته.
نأمل أن يتكرم السادة رجال القضاء بتطهير صفوفهم من كل ما يسىء لهم، فالناس تعتبر القاضى ظل الله على الأرض، ويستحيل بالتالى أن يكون قاتلاً أو لصاً أو مرتشياً أو تاجر مخدرات أو طرفاً فى علاقة نسائية غير مشروعة (إلخ).
********
كلنا فى مصر والعالم العربى نفرح بأى لاعب مصرى يحقق أمجاداً فى الداخل أو الخارج فى أى مجال من مجالات الرياضة، وكلنا نتابع المباريات الأوروبية التى يشارك فيها محمد صلاح وغيره من لاعبينا المحترفين فى الخارج، وكلنا سعداء للغاية بتطور مستوى محمد صلاح ونجاحه فى الدورى الإنجليزى ومنافسته على لقب هداف الدورى وحصوله على لقب أفضل لاعب عربى وأفريقى. كل هذا جميل، ولكن غير الجميل وغير المقبول هو المبالغة الشديدة فى الحفاوة بإنجازات محمد صلاح والمغالاة فى تقييم هذه الإنجازات إلى درجة أن إحدى كبريات الصحف اليومية تكتب مانشيتاً تقول فيه إن زلزالاً يضرب إنجلترا لأن نادى ريال مدريد يرغب فى «خطف» محمد صلاح من ليفربول الإنجليزى!! لماذا تتزلزل إنجلترا أمام خبر كهذا؟ هل هو إنجليزى مثلهم وسيتركهم ويحصل على جنسية إسبانيا؟ هل هو -مثلاً- أكثر مهارة من ميسى ورونالدو وآخرين؟ وماذا يخسر إخواننا الإنجليز لو رحل «صلاح» إلى أى دورى فى أى دولة أخرى؟
عقب هذه الاحتفالية المُبالغ فيها فشل محمد صلاح فى إحراز أى أهداف فى مباراة فريقه ضد فريق ويست بروميتش، وفى الحال انطفأت الأنوار وغاب «صلاح» عن أغلفة ومانشيتات الصحف وقال بعضها إن «حجازى» تفوق عليه ومنعه من هز الشباك، وخرج لاعبنا من هذا المولد الغبى خاسراً ولو إلى حين.
هذا السلوك المصرى الصبيانى الأزلى لا يقتصر على الرياضة لكنه يمتد إلى كل المجالات الأخرى، ففى شأن الأمجاد التاريخية ينسب المصريون كل الاختراعات إلى الفراعنة، وقيل مؤخراً إن قدماء المصريين اخترعوا الطائرات الهليكوبتر وأنها مرسومة على معابدهم وما زالت هياكلها فى مقابرهم وأن الأخ عباس بن فرناس نقلها عنهم!! وفى الشأن السياسى كاد إخواننا المصريون يصنعون من عبدالناصر إلهاً لفرط حبهم له، ثم انقلب معظمهم عليه بعد رحيله وقالوا إنه أساس كل الكوارث التى تعيشها البلاد! وفى الشأن الفنى كان المصريون يذوبون عشقاً فى أم كلثوم وعبدالحليم وغيرهما ثم تحولوا فجأة إلى عشق حميد الشاعرى وعمرو دياب وعلى حميدة وأوكا وأورتيجا وعبدالباسط حمودة (الخ)! وفى الشأن الصحفى كان محمد حسنين هيكل نجم نجوم الصحافة، ثم جاء حسنى مبارك فصار الأخ سمير رجب أستاذاً للجميع!!
********
«اجتمع البرلمان العربى فى نهاية الأسبوع الماضى واتخذ قراراً تاريخياً باستبعاد الولايات المتحدة الأمريكية من الوساطة بين فلسطين وإسرائيل»..
هذا الخبر ورد فى وكالات الأنباء على سبيل الفكاهة!