مناضل ثقافى وفنى وتاريخى قرر أن يخوض معركة ثقافية فنية تاريخية ضد المعلوم بالإجماع عن السيدتين ريا وسكينة. أطاح المناضل بكل ما يعرفه الناس عن هذه القصة وبكل ما قاله رواة التاريخ، وبكل ما جاء فى تحقيقات النيابة، وبكل ما أدلى به الشهود وعائلات الضحايا، وبكل ما جاء فى اعترافات أعضاء العصابة من رجال ونساء، وقال سيادته إن كل هذه أكاذيب وافتراءات، وإنه الوحيد الذى يعرف الحقيقة، وكتب هذا المناضل قصة أو سيناريو فيلم حول براءة السيدتين ريا وسكينة، وبراءة كل من شارك فى الجرائم المزعومة والملفقة المنسوبة لهما!
يقول الأستاذ المؤلف المناضل إن ريا وسكينة كانتا من أبطال المقاومة الشعبية ضد الاحتلال البريطانى، وأنهما كانتا من زعماء ثورة 1919، وأنهما والعصابة كانوا الفرع السكندرى للسيد سعد زغلول، رئيس الثورة المذكورة، وأنهما خاضتا حرباً بلا هوادة ضد الاستعمار، وضد الفساد، وضد التخلف، وضد الرجعية والاستبداد، وتمكنت السيدة ريا وشقيقتها الأخت سكينة من إشعال الثورة ضد الإنجليز والقصر فى كل أرجاء الإسكندرية وكفر الدوار وأبى حمص والدلنجات وإيتاى البارود وكفر الزيات ودمنهور، وسائر مدن وقرى الوجه البحرى.
ألقت الثورة الشعبية الرعب فى قلوب الإنجليز والعملاء المصريين، وخشى رجال السلطة الأجنبية والمصرية أن تتطور هذه الثورة العاتية، وتصل إلى القاهرة وتؤدى إلى انقلاب حقيقى يطيح بالاستعمار والملكية والفساد ويعيد الحق لأصحابه ويصبح سعد زغلول رئيساً والأخت ريا رئيسة حكومة والأخت سكينة وزيرة للداخلية، فضلاً عن تعيين حسب الله ورفاقه فى باقى مناصب الوزارة، وتتحول مصر كلها إلى دولة ريا وسكينة!!
يقول الأستاذ المؤلف المناضل إن الاستعمار والسراى فشلوا فى مواجهة ريا وسكينة بالسياسة، ولم تكن آنذاك ثمة طريقة للقضاء عليهما إلا تلفيق الاتهامات الباطلة الكاذبة للسيدتين الثائرتين، والرجال التابعين لهما، ومن هنا قررت وزارة الداخلية قتل سبع عشرة امرأة من الإسكندرية، ودفنت الجثث فى منزل السيدة ريا، ومنزل السيدة سكينة، ثم تم تكليف السادة ضباط قسم شرطة اللبان بتفتيش المنزلين، وإلقاء القبض على المناضلة ريا والأخت سكينة، والمناضل حسب الله، والمناضل عبدالعال، وسائر أفراد الخلية الثورية، ثم تمكنت الحكومة من شراء ذمم شهود الزور وذمم أهالى الضحايا، وأجبروهم على اتهام الثوار المناضلين بقتل النسوة السبع عشرة، واشترت الحكومة أيضاً ذمة الطفلة بديعة، ابنة الزعيمة ريا، ومنحتها وجبة فراخ، حتى تشهد ضد أمها، وخالتها وأبيها وكل الآخرين!! وهكذا تم إعدام الخلية الثورية العظيمة، وتأجيل الاستقلال لمدة ثلاثين عاماً!!
كل أهالى الإسكندرية وسكان حى اللبان وجيران ريا وسكينة يعرفون تفاصيل القصة من شهود العيان ومن أهالى الضحايا الذين لم يزل بعضهم يعيش فى المنطقة حتى الآن، ولكن الأخ المؤلف المناضل ابتكر قصة عكسية، وقرر تحويلها إلى فيلم سينمائى، وسوف يتولى بطولة الفيلم الأخ النجم «نضال الشافعى»، واختاره المؤلف لدور البطولة بسبب اسمه الذى يتفق مع نضال ريا وسكينة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مناضل آخر يعمل مذيعاً بإحدى القنوات التليفزيونية الخاصة شن حملة ضد مدارس تدريب الأطفال على فن الرقص الشرقى، وعرض بعض اللقطات للأطفال أثناء التدريب داخل المدرسة، وطاف بالكاميرا والميكروفون شوارع القاهرة، ليسأل الجماهير عن آرائهم فى هذه الكارثة، وأجمع كل الرجال والنساء والشباب والشيوخ على أن هذه المدرسة دعوة للفسق والفجور والفحشاء، وقالت سيدة عجوز إن الرقص الشرقى أحد أسباب التحرش الجنسى، وأن الشباب والرجال معذورون، لأن النسوة الكاسيات العاريات هن اللائى يجبرن الشباب على التحرش بهن، ولا بد أن يتحرش الرجال بمثل هذا النوع من النسوة المتبرجات الراقصات استجابة لنداء الطبيعة!!
المهم فى هذا الموضوع أن كل المجتمع المصرى يشاهد الرقص الشعبى ويعترف بنجماته منذ تحية كاريوكا وسامية جمال، وحتى الأخت دينا، والسيدة فيفى عبده، وغيرهن، كما أن كل برامج التليفزيون تقدم الراقصات بوصفهن شخصيات عامة ونجمات مجتمع، وبعض هؤلاء الراقصات لهن برامج فى التليفزيون، وكلهن تقريباً يشاركن فى بطولة الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، وكل خلق الله تقريباً يحرصون على وجود الراقصات فى حفلات الزفاف، وسائر الاحتفالات الاجتماعية الأخرى، وسبق أن قدمت بعض الراقصات، مثل فيفى عبده وغيرها دروساً فى الرقص الشرقى دون اعتراض من أحد، فلماذا إذن نمارس الازدواجية فى الحكم على شتى ظواهر المجتمع؟، لماذا لا نكتفى برفض ما نكره، وقبول ما نحب دون إجبار الآخرين على تبنى وجهة نظر معينة؟، لماذا يحاول بعض الناس أداء دور الأوصياء على كل الآخرين؟ ولماذا يتبنى الإعلام محاولات الوصاية على المجتمع، رغم أن الحرية هى السبيل الأول لتقدم الأمم؟
أدت التعديلات الجديدة فى نظم إدارة مباريات كرة القدم إلى مضاعفة عدد الحكام فى كل مباراة، بحيث يكون هناك حكم صفارة، واثنان من حكام الراية، واثنان آخران خلف المرمى، وحكم سادس لتغيير اللاعبين، وإعلان الوقت بدل الضائع، ثم عدد آخر تحت مسمى حكام الفيديو. كل هذا العدد من السادة الحكام ما زال فاشلاً فى إقرار العدالة الحقيقية فى مباريات الدورى المصرى، وما زال السيد حكم الساحة يقترف كل الأخطاء فى إدارة المباريات، وما زال معظم السادة الحكام يرفضون الاستعانة برأى حكم الفيديو أو الحكم الذى يقف خلف المرمى فى تقدير صحة ضربات الجزاء التى يحتسبونها اعتباطاً فى كثير من الأحيان، وما زال اللاعب المصرى قادراً على تحصيل ضربات جزاء غير حقيقية من خلال تصويب الكرة فى يد لاعب من الفريق الآخر، أو إلقاء جسده أمام قدم لاعب من الفريق الآخر داخل منطقة الجزاء. وشهدنا خلال مباراة الاتحاد والأسيوطى ضربتى جزاء غير صحيحتين على الإطلاق احتسب الحكم إحداهما، لأن مهاجم الأسيوطى دخل من خلف لاعب الاتحاد حتى وصل برأسه إلى قدم المدافع، واحتسب الثانية لأن لاعب الأسيوطى سدد الكرة فى ظهر لاعب الاتحاد، فوصلت إلى جزء من ذراع اللاعب السكندرى، وقال الحكام والمعلقون فى الاستوديوهات التحليلية إن كلتا الضربتين غير صحيحتين، ولكن هذه الآراء لا تفيد الفريق المتضرر فى أى شىء، والحكم رفض أثناء المباراة الاستعانة برأى زميله خلف المرمى أو زميله الثانى حامل الراية، فضلاً عن عدم وجود حكم فيديو فى المباراة المذكورة.
مثل هذه الأخطاء غير المنطقية تؤدى إلى غضب شديد فى صفوف اللاعبين والأجهزة الفنية والجماهير القليلة التى تشاهد المباريات، والمفترض أن تكون هناك آلية لإجبار الحكم على استخدام كل الوسائل المتاحة للتأكد من صحة قراراته، كما فعل جهاد جريشة وغيره فى بعض المباريات، أما الأسلوب «الزلنطحى»، الذى يستخدمه حكام آخرون فى الإصرار على قرارات غير صحيحة، فإنه قد يؤدى فى النهاية إلى كارثة يتوقف معها الدورى العام مثلما حدث فى مواسم سابقة.
أحد السادة الأئمة بمسجد فى دولة عربية إسلامية اعتاد أن يختتم دعاءه فى خطبة الجمعة، قائلاً: «اللهم انصر الإسلام على المسلمين»، هذا الدعاء بعيداً عن الشأنين السياسى والثقافى وغيرهما تجده صادقاً للغاية لو ذهبت إلى رحلة العمرة، ورأيت بنفسك سلوكيات إخوانك الطائفين والساعين والركع والسجود فى أشرف بقاع الأرض، فضلاً عن سلوكيات إخوانك المكلفين بخدمة المعتمرين فى الأماكن المخصصة للأمانات والأمتعة وغيرها!