العاشقه هي (ماري سكلودوفسكا) و العاشق هو (بيير كوري) ، (ماري ) فتاة بولندية من اسرة مهتمة بالعلم و العلوم ، أبواها معلمين و هي الأصغر بين خمسه اطفال ، اما (بيير) فهو شاب فرنسي ، من اسرة ميسورة الحال ،بعض الشئ مهتمة كذلك بالعلم ، فقد كان اخوه ايضا مصاحبا له في الاكتشافات الفيزيائية الكبيرة
توالت الصعاب و التحديات على حياة (ماري) التي فقدت والدتها و اختها الكبرى في نفس العام، و هي مازالت لم تبلغ الخامسه عشر ، و كانت تلك أولى صدماتها مع الحياة. و هنا اهتزت إيمانيا و التحقت من بعدها بمدرسة داخليه، كانت أمها تديرها سابقا، و تخرجت منها ، و لكن عند التخرج واجهتها المشكله الثانيه ، المال لقد نفد مال العائلة التي كانت معنية بالشأن السياسي و هنا اتفقت مع اختها الأكبر ان تسافرا الى باريس ، لكي تدرسا بالتناوب ، فدرست اختها الطب و كانت ماري تعمل مربية اطفال ، كي تغطي نفقات دراسة اختها ، على انه عندما تتخرج اختها طبيبة يتم العكس و لكن في هذه الأثناء حدثت مشكله (ماري ) الثالثه
لقد احبت (ماري ) شابا وسيما مهتما بالعلوم ايضا ، و ينتمي لأسرة (سواروفسكي) الثرية التي تعمل هي لديهم ، و بالطبع رفضت اسرة الشاب هذه الزيجة ، و كانت هزة كبيرة لقلب (ماري) ، قررت على اثرها ، العودة الى بولندا ، عند ابيها ، و بالفعل مكثت بعض الوقت و قد التحقت حينها بجامعه هناك ،،و وضعت كل همها في الدرس و العلوم و تسجيل الملاحظات ، ( و هي الطريقة المثلى و السحرية دائما ، لتسكين الآم القلوب ، بأن تنشغل العقول بالفكر و السواعد بالعمل ) و قد أفادت هذه الازمه (ماري) على هذا النحو الإيجابي .
تأتيها دعوه من اختها الطبيبه التي تعيش بباريس ، و التي قد كونت اسرة هناك و استقرت تماما ، و تقبل (ماري ) الدعوه لبعض الوقت ، ثم تنفصل بالعيش منفرده و تكمل دراستها .
تجد (ماري ) عشقها الحقيقي ، في جلسه عند احد الأصدقاء العلماء، شاب وسيم ، يجلس في هدوء ، عبقري ، رزين ، (بيير كوري ) قليل الكلام هادئ الطباع ، لا يتكلم الا براجح القول و غزير المعنى ، كذلك وجد (بيير) شي في غاية الندرة ، وجد الفتاة الحلم ، كيف لآنسة شابه حلوه المظهر ، رشيقة البنيه، ان تكون بهذا القدر من الذكاء و النباهة و العلم !!
كان (بيير) حينها أستاذا بجامعة السوربون و من قبلها تلقى علومه منزليا، حيث كان التعليم الأساسي ، ليس الزاميا بعد و التحق من بعدها بالجامعه ، حيث قبل بجداره و كان له تميزا علميا فيزيائيا كبيرا و ملحوظا ، جعله يتدرج في الدراسات سريعا.
تلاقت العينان بالعشق ، و العقول بالفكر و الأرواح بالطاقة ، تماما كما تلاقى مشروعهما المشع ، بعناصرة المشعه ، و تزوجا و قضيا ايام عسلهما الاولى ، في الريف الفرنسي ، الذي كان يهواه (بيير كوري) و الذي كان في طفولته و شبابه حريصا دائما على التمعن و التأمل بكل تفاصيله فبات مولعا شغوفا بحفظ و معرفه اسماء و خصائص الطبيعه هناك ، من نباتات و حيوانات , و عشقت معه (ماري ) طبيعة بلاده ، لكنها احتفظت دائما بعشقها لبولندا، و أصبحا يحيان في المعامل و بين الدوارق و الأنابيب و تسجيلات النتائج و بات العشق حياة و الحياة عشق و معا أنجبا طفليهما و علومهما الغزيرة ، و معا ايضا كرما و آخذا جائزة نوبل لاكتشافهما الراديوم و البولونيوم المشعان ، تلك الجائزة التي رفض المسئولون في البدايه اشراك اسم ( ماري ) بها كونها امرأه، و لكنها أخذت حقها اخيرا ، و في نفس العام حصلت (ماري )على درجة الدكتوراه عن اليورانيوم و أبحاثه
تأتي الحياة (لماري ) بصفعة كبرى بموت (بيير ) العاشق العالم و الزوج و ابو الأبناء
و كانت حادثة موته بشعه ، كان الجو ماطرا بشدة و كان العالم الشاب يعبر شارع (دوفين) و هناك اختبأ له القدر ، متربصا بعربه تجرها خيول ، ليغيب تحت عجلاتها و تهشم جمجمته ، ذاك العقل الذي احتوى على المعادلات و النظريات و العلم تهشم هكذا تحت حوافر الخيول ! و ضاعت سعادة قلبها و شراكة عقلها و أبحاثها و انهارت و دائما كعادتها (ماري ) القوية تكون نكباتها سببا في نهوضها و تقدمها و هذه هي قوة الروح و العقل اللذان اتسمت بهما دائما
قرر قسم الفيزياء في جامعة السوربون الإبقاء على الكرسي الذي كان يشغله (بيير) بل وعرضه على (ماري) و قبلت ماري ذلك، بغية انشاء مختبر عالمي تخليدا لذكرى الحبيب (بيير) و بهذا اصبحت أول امرأة تحصل على الأستاذية في جامعة السوربون.
كان العشق في حياة الزوجين كوري متشعب ، هو عشق للعلوم و للأفراد و للأوطان ، عاشت (ماري ) مغتربة عن بلدها الام ، لكنها دائما ما حملت وطنها داخل روحها، حتى البولونيوم قد اشتقته من اسم وطنها و سعت جاهده على ان تأتي بمربيات بولنديات لابنائها كي توطد بداخلهم ذاك العشق و الذي كان سببا في اضطهادها ، فقد حجبت عنها الكثير من الفرص و التكريمات الفرنسيه، كونها من أصول اجنبيه و كذلك كونها امراه ، و نعتوها بالملحدة و كانت هذه أسباب اخرى لمعاناتها.
مع هذا استمرت في معملها ،الى يوم وفاتها و كرمها العالم اجمع سابقا فرنسا الوطن الذي حملت جنسيته ، لقد طالت السنوات (بكوري) ،لتطور أبحاثها و تساهم في الحرب العالميه الاولى باستخدامات عناصرها المشعه طبيا و كانت هي و عاشقها و معشوقها الراحل (بيير ) ينفقون قيمة جوائزهم ، على الأهل و الأصدقاء و المشاريع الخيريه ، ليجسدا عشق الخير و الحياة و نفع البشريه ، و تمر السنين بكوري و تنشأ ابنتها كابويها عالمه، و تتقاسم هي و زوجها كذلك جائزة نوبل جديدة لتكون العائلة الوحيده التي تنال هذا القدر من النوباليات .
تستمر (ماري ) في معاملها ، لكن جسدها يبدأ في المرض و الاعتلال، فقد تعرضت لكمية اشعاعات على مدار حياتها ، سببت لها لوكيميا الدم و اشتاقت لبولندا ، و زارتها للمره الاخيرة و عادت و ماتت بباريس ، عالمة ،عاشقة رائعه ، ماتت و دفنت بجوار معشوقها بذات المقبرة (بيير كوري ) . مات من اشعا للعالم اجمع الحب و العلم و التطور و الإنسانيه
تكرمهم فرنسا التكريم الأكبر بعد وفاتهما بنقل رفاتهما الى مقبرة العظماء و لكن تكريمهما الاعظم و الأكثر تميزا هو منا نحن ، (من اجيال أتت بعدهما و استفادت و مازلت و سوف تستفيد من علم جم تركة العاشقان) ، انه عشق العلم و العلماء عشق العقول و الاذهان .