تأتى أعياد المرأة كل عام فى هذا التوقيت بأفكار وتداعيات جديدة، وبين ذكرى الحادثة الأصلية التى اُِحْتُفِلَ بسببها وبين ما وصلت إليه المرأة اليوم على المستوى العالمى والإقليمى والمحلى نستدعى الكثير من الأحداث والتفاصيل والتغيرات.
بالطبع، الفروق كبيرة بين دول العالم فى شأن المرأة وقضيتها ووجودها وكيانها ودورها وحقوقها، كلٌ وثقافته وتحضّره ومدى إنسانيته وتقدّمه، فأنت بكل بساطة تستطيع معرفة مدى تقدم أى بلد بالعالم من خلال وضع المرأة به، ومعاملته لها!!
باعتبارى مهتمة، حقيقةً، بالمرأة ودورها وديارها، فإننى أقف مع نفسى كثيراً، أيستدعى الأمر هذه النداءات واللقاءات والندوات لترسيخ دور المرأة والدفاع عنها وعن وجودها وحقوقها!!
أرى أن الأمر أحياناً يبدو مضحكاً، ومبالغاً فيه، لو عدنا للخلق وقصته وبدايته، فالمرأة شريك حقيقى، شريك لآدم ولم تأتِ بمرتبة أدنى أو أقل لكى تطلب المساواة معه بعد آلاف السنين!!
لا أعلم تحديداً بأى الحقب التاريخية بدأت السيطرة على الأنثى وقهرها ونبذها، ولا أدرى تحديداً أى الدوافع قادت الرجل قديماً لمثل هذه المشاعر الغريبة، ومتى يتحول الشريك إلى عبد يباع ويشترى تحت مسميات عدة وتحت شروط عدة، ومتى ظهرت عبارة (أنا رجل أفعل ما يحلو لى!!) التفرقة بين الرجال والنساء، تماماً كالتفرقة بين أصحاب البشرة البيضاء والملونين من البشر!! تماماً هو نفس الفكر الخبيث غير السوى، تفرقة تحت أسباب وبنود حمقاء لا دليل لها ولا سند.
لا أنكر أبداً أن هناك عنفاً واضطهاداً من المرأة ضد المرأة نفسها، لكن أظن أن هذا الأمر العجيب دافعه الحقيقى يكون الغيرة!! أما عنف واضطهاد الرجل للمرأة، فهو الرغبة فى السيطرة على هذا الكيان وتكبيله كى تبقى بذات المربع الذى رسمه لها ولا تتخطاه.
الإنسان نفس بشرية، والنفس من ذكر وأنثى، اختلاف النوع جاء للتناسل وإنجاب الذرية وأن يعين بعضهم بعضاً على إعمار الأرض وعبادة الله وعمل الصالحات ونبذ الشرور. لم يخلقوا من ذكر وأنثى للتناحر والتحكم والاستغلال والقهر.
اختلفوا فى البناء والشكل والوظيفة الفسيولوجية، لكن تشابهوا بوجود العقل والعواطف والمشاعر، إذاً، فليبق الاختلاف والتفرقة فى إطاريهما الصحيحين، ولا يتعديا إلى حد الظلم والجور وهضم الحقوق.
إن الأمر يكون رائعاً بالتناغم والانسجام والتعاون بين الطرفين، ويكون الأمر أروع بوجود الأخلاق والقيم والمبادئ، وتكون الأمور أعذب بالرقى والتحضر والاحترام.
يكون الأمر جميلاً بأن يتعاونا وألا يتناحرا، بأن يتحابا، بأن يكمل كل منهما الآخر، دون رغبة بالسيطرة أو التدمير أو هضم الحقوق. يكون الأمر رائعاً بالمودة والرحمة، وصدقونى إن تحقّق المرأة ونجاحها وأمانها، هو لصالح الجميع، وخير للرجل قبل المرأة، فاقبلوا الخير وأحبوه.
أعياد المرأة الحقيقية يجب أن تكون بالعقول، وبداخل كل بيت وفى كل عمل وكل كيان فى هذا العالم، المرأة بالأساس هى عيد هذا الكون، أَو بغير النساء تكون حياة؟!!