أعترف منذ البداية بعنصرية هذا العنوان وتقسيمه للعالم بين شرق وغرب، والسبب فى ذلك هو الغرب نفسه الذى تآمر على دول الشرق وتعامل معها وكأنها دون الفهم اللازم للحياة الإنسانية السليمة.
فاجتماع دول استعمارية قديمة مثل بريطانيا وفرنسا تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية لضرب دولة عربية (هى سوريا) بزعم استخدامها للسلاح الكيماوى ضد شعبها فى الغوطة الشرقية قد أعاد هذه المقولة الكريهة للأذهان.. وإذا استحضرنا الأكاذيب الأخرى لضرب العراق وليبيا تبين لنا أن الغرب كله حاقد على الشرق وأن الفكر الاستعمارى ما زال ينخر كالسوس فى عقل الغرب ويود لو يمتلك أدوات إنتاج الشرق ومواده الأولية مثل النفط والفحم وبقية المعادن التى ينعم بها فى أرضه.
باختصار، نحن نتعامل مع الكاوبوى الغربى بقيادة أمريكا التى صرح رئيسها أكثر من مرة بأنه يود أن يكون شريكاً لدول الشرق فى ثرواتها وأموالها.
وكما نعرف جميعاً لقد رضعت إسرائيل من هذا الفكر العنصرى الذى عبر عنه يوماً شيمون بيريز، رئيس إسرائيل السابق، عندما أسهب فى الحديث عن الثالوث الجهنمى: العقل الإسرائيلى والمال الخليجى والأيدى العاملة الرخيصة فى العالم العربى!
فإسرائيل (العدو الكلاسيكى للأمة العربية) قد بدأت بالفعل الحقبة الإسرائيلية فهى التى تحكم فى المنطقة العربية وتريد أن تعمم هذا الفكر العنصرى والإرهابى ولِمَ لا.. أليست هى التى أدخلت إرهاب الدولة فى المنطقة؟!
أياً كان الأمر لقد ثبت أن إسرائيل ليست بعيدة عن الفكر العنصرى الذى يمارسه الغرب علينا ويخطط له دونالد ترامب، رئيس أمريكا، الذى كان أول من نادى بأن يأخذ ثمن حمايته للدول العربية أو الدفاع عنها.. وهكذا يقال أنه أخذ ثمن ضربه للشعب العربى السورى وكذلك فعلت تيريزا ماى، رئيسة الحكومة البريطانية، والسيد ماكرون، رئيس فرنسا، الذى جعلنا ننسى شعار (حرية.. إخاء.. مساواة)، الذى كنا نترنم به لتعود فرنسا إلى زمن استعمارها الذى نعرفه فى الجزائر وبقية دول القارة السمراء.
لقد أخطأت الأجيال العربية السابقة عندما تفاءلت وقالت علينا أن نأخذ الثقافة والفكر من الغرب ونترك فكره الاستعمارى العسكرى الدموى؛ لأن الواقع يؤكد أن الغرب لا يفصل بين فكره وسلاحه فهو يريد الهيمنة وإعادة صفحات الاستعمار، فالشرق لا يمكن أن يكون غرباً ولا الغرب يمكن أن يكون شرقاً، والدليل هو مؤامرة ضرب سوريا بحجج كاذبة!
وإذا كنا نتحدث عن الحضارة الإنسانية وأن الشرق تعاون مع الغرب لتأسيس هذه الحضارة تبين لنا أن هذه الحضارة المزعومة هى أضغاث أحلام!
واليوم يقنع الغرب بمعادلة لا يخفيها وهى: إذا كنتم تريدون لقواتنا أن تستمر فى احتلال سوريا فعليكم أن تدفعوا الثمن وإلا فإننا منسحبون من سوريا بعد أن قمنا بضرب منشآتها تحت جنح الليل.
الغرب يتعامل معنا فى المنطقة العربية باعتباره جيش مرتزقة يجب أن ندفع له قبل أن يقوم بالضرب والتدمير.
هذه هى المعادلة الجديدة: ادفع نحارب من أجلك!
إلى كل من يتحدث عن «حرية، إخاء، ومساواة» ومعقل الديمقراطية وحقوق الإنسان.. لقد أدركنا أننا نعيش نظاماً دولياً جديداً لا مكان فيه لشراكة أو تعاون أو صداقة، وإنما المصالح الشخصية لكل بلد.