رغم أننا دولة تعيش على أقل من 10% من أرضها، وما زال أكثر من 90% منها صحراء جرداء وفضاء وخالية من الزرع والماء والبشر والحجر، وليس لدينا أى أزمة أو عجز فى الأراضى، رغم ذلك سوف تظل الأرض هى أهم مشكلة تواجه التنمية وهناك موروث مصرى قديم حتى بين الأفراد أن الأرض هى العرض ويجب التمسك بها ويصعب التفريط فيها حتى لو كانت لمشروعات تنموية تسهم فى نهضة البلاد وأصبحت الأرض سلعة للتجارة وأيضاً أهم مصدر للثراء عكس معظم دول العالم التى تعتبر الأرض هى مجرد وسيلة للتنمية وأن قيمتها فى تعميرها. ولذلك لا تمانع هذه الدول فى منحها للأجانب وبأسعار زهيدة (فلن يهربوا بها خارج البلاد) طالما أنهم سوف يحسنون استغلالها بما يحقق فائدة للاقتصاد القومى.
الحكومة الحالية ورثت هذا الفكر وتحاول التغلب عليه وأعتقد أن الحل العبقرى لهذه المشكلة المصرية المزمنة هو منح الأرض بنظام حق الانتفاع الذى يضمن لنا عدم التفريط فيها والحفاظ عليها للأجيال القادمة وأيضاً عدم الاتجار فيها ويشجع على التعمير والتنمية كما أنه يضمن عدم انتقال ملكيتها إلى عناصر معادية، خاصة فى سيناء والمحافظات الحدودية.
لدينا نماذج حالية حققت فيها الحكومة نجاحات هائلة، حينما قررت منح الأراضى مجاناً فى المناطق الفقيرة والأكثر احتياجاً من خلال وزارتى الاستثمار والصناعة سواء فى المناطق الاستثمارية الحرة أو الصناعية ما أدى إلى تشجيع المستثمرين والصناع على إقامة مشروعات عملاقة أسهمت فى زيادة الإنتاج والتصدير وتوفير فرص عمل.
أيضاً وزارة الزراعة مؤخراً أنقذت مشروع استصلاح وزراعة 183 ألف فدان وإنشاء مصنع لسكر البنجر بمحافظة المنيا بعد تعثر لمدة 6 سنوات كاملة بسبب وجود نص قانونى يمنع الأجنبى من تملك أكثر من 5000 فدان، وكان اقتراح وزير الزراعة بمنح الأرض الزراعية للمستثمر بحق الانتفاع بمثابة طوق النجاة لإنقاذ المشروع من الانهيار مع أحقيته فقط فى تملك الأرض التى يقام عليها المصنع.
حق الانتفاع يمنع تسقيع الأراضى والاتجار فيها ويسهم فى زيادة معدل التنمية ورفع مستوى المعيشة ويخفف العبء على المستثمرين.
حق الانتفاع هو الحل العبقرى للحفاظ على الأرض للأجيال القادمة وعدم التفريط فيها ولكن يجب عدم المبالغة فى قيمته، خاصة فى المشروعات الاستراتيجية أو كثيفة العمالة، لأن القيمة الاقتصادية والعائد من هذه المشروعات لا يقدر بثمن كما هو الحال فى استصلاح الصحراء وإنشاء المصانع والمزارع.
وسوف تحيا مصر بالأفكار الجريئة غير التقليدية من خارج الصندوق.