الأسماء في بلادنا ذات دلالة أبلغ من مجرد التنادي! أنها حواديت وحكايات وتاريخ وجغرافيا أيضا! أهتم البعض بدراستها لكنه اهتماما محدودا، ارتبطت الأسماء في أحوال غير قليلة بمناسبات اجتماعية ودينية وعائلية وشهور بذاتها وأيام معلومة وحرف ومهن ارتبطت بالتفاؤل والتشاؤم، الأمل واليأس، وحركة الكواكب ومشاعر الناس، كان خوف الناس من الحسد يدفعهم إلى انتخاب أسماء "محروس – محفوظ - عين" كتعويذة مجربة ضد الحسد! ورسمت بذلك خارطة اجتماعية ربطت القرية والمدينة في خيط واحد.
كان الفلاح فيما سلف يسمي أولاده من قبيل التفاؤل "خضر – نوارة – نخلة - زبدة" وأسماء أخرى من هذا القبيل، ومن نفس الباب استحسن الصيادين أسماء "خير – رزق - أمل بلطية" وأشباهها ومن نفس المنطلق فضل التجار أسماء "نعما – رضا – رابح - كاسب" والخضري يستحسن عادتا أسماء "فلفل - طماطم "، والفكهاني يحب اسماء " تفاحة – عنبة – مشمش – برقوق - خوخ وغيرها" أو يضرب كل هؤلاء كوكتيل في خلاط واحد ويريح نفسه ويسمي ابنته فواكه! وأحيانا يرتبط اختيار الأسماء بحالة رومانسية نادرة هذه الحالة أسفرت عن أسماء "محب – عاطف –وجدان - عواطف - محبوبه" وكانت حركة الكواكب لها دور متى ولد الطفل منتصف الشهر العربي اتخذ اسم " بدر – قمر – نجمة وغيرها" غير اسماء الشهور وبعض أيام الأسبوع إضافة إلى أسماء المناسبات عيد وعاشور ومواليد وقفه عرفات غالبا يتخذون اسماء "عرفة – عرفات وعريفه" وإذا صادف الميلاد مناسبة فرحة أطلق على الطفل أسماء "فرحان – فرح –فرحات مفرح اشباهها !! واذا استقبل الطفل الدنيا اثر مصيبه قيل له حزين _بضم الحاء من باب التخفيف _والبنت حزينة! هذا وقد أوحت أمنيات الأمن والسلامة والعدل بأسماء "أمنة –سلامة –عادل - وناجي." وكلها محاولات يائسة لجلب الحظ ودفع النحس وطلب النجاة. ولأن الصنعة تحكم كان بائع الكشري يسمي ابنه "شطة أو دقدق من الدقة" والحلواني يسمي "بسبوسة قطايف وسكرة "كما كانت الحرف مصدرا ثريا للكثير من القاب العائلات مثل "الفقي النقيب الحداد .الزمار و و " ولاننا شعب يحترم العمل ويقدر الصنعة التي في اليد فقد امتدت اسماء هذه الحرف الي الشوارع والميادين ومنها ،"المغربلين .الخيامية النحاسين الفحامين العطارين ." كما اشتهرت بعض الحرف كأسماء تجاريه لبعض المقاهي ومنها مقاهي " البورصة والالاتيه والتجار والنقاشين " ** ارتبط تسميه الاماكن مثل الاشخاص بأحداث وبطولات ومناسبات مختلفة ومن ذلك مثلا الدرب الاحمر " بسبب الدم الذي سال من القلعة علي الشارع اثناء مذبحه المماليك الشهيرة ١٨١١ .وحديثا مدائن السادس من اكتوبر .العاشر من رمضان ١٥ مايو " ولما كانت اهتماماتنا الثقافية محدودة لن تصادف كثيرا ـسماء العلماء والمفكرين علي لافتات الشوارع والميادين مثل شارع طه حسين بالزمالك .وجامعة زويل وقاعة صلاح جاهين بالعجوزة! وهذا قليل على رموزنا الفكرية.
كانت الناس تتباري في أن تطلق على أبناؤها أسماء الأنبياء والأولياء والقديسين املين من وراء ذلك ان تصيبهم بركه السماء ويأتي بعدهم اسماء الزعماء والقادة لكنها اسماء ذات عمق سياسي يعتريها المد والجزر كان سعد زغلول زعيم الربع الاول من القرن المنصرم احبه الناس واطلقوا اسمه علي اولادهم تغيرت الظروف وانحسرت زعامته عن ضريح شهير بالقاهرة ومحطة مترو لكن نادرا ما يطلق اليوم اسم سعد علي طفل جديد !! ومن الاسماء التي جار عليها الزمن ايضا "عباس " كان من الاسماء الذائعة الي وقت غير قريب تيمنا بالخديوي عباس حلمي الثاني الذي كان وجه الفخامة والأبهه والجاه وأملوا أن يرزق أولادهم جانب من حظه .ثم غاب الخديوي خارج الحياة ولم يبق منه إلا نداء شعبي " عبس" تنادي به من تجهل اسمه!! وكوبري معروف في القاهرة لكن نادرا جدا ما تصادف اليوم طفل اسمه عباس كان اسم فاروق من اكثر الاسماء شيوعا قبل الثورة وبعد الثورة أصبح جمال تيمنا بالرئيس جمال عبد الناصر هو أكثر الأسماء شيوعا في مصر الستينات والسبعينات ثم انسحب درجه عن ذي قبل وتجسد في ميدان شهير وجامع يحمل اسمه ومحطه مترو وبضع شوارع في عواصم المحافظات وتتوهج الاسماء حين من الدهر ثم تنطفي وتبعث مجددا في حدود ضيقه كمعاني عائليه لا أكثر.
في الوقت الراهن زمن المشروعات العملاقة والتحديات المصيرية راجت تلقائيا اسماء حلمي منى أمنية وصول مصري أحلام وامتدادا لهذا شهدت محكمه القضاء الاداري دعوي قضائية بإطلاق اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي على العاصمة الإدارية الجديدة ولم يفصل فيها بعد علي العكس من هذا في زمن الانفتاح تراجعت الطموحات العامة. وتقدمت المطامع الشخصية وانحسرت الأمجاد عن ذكريات تاريخية غامضة لم تعد ثمة زراعة أو صناعة أو صيد.
وأصبحت السمسرة والفهلوة هي رأسمال البعض. انتشرت البطال والمكاسب الطائلة من الهواء وجلس الناس ينتظرون ضربه حظ تنقلهم من جره الي بره اختفي التاجر وظهر رجل الاعمال الانتهازي وضربت الحياه مجموعه قيم معوجة اصبحت الصنعة معادلا "للعار " الفلاح " كانه سبه!! تقلص الدين في بعض المفاهيم السطحية المغلقة وظهر كرد فعل لهذا اسماء " شحات شحته عطيه حظ .هبه وأصبحت كره القدم هي كل شيء وعندما سقط البعض في نفق اخلاقي معتم تداخلت الاسماء بالصفات واصبح الشاب "كابتن" تحيه او دعاء امنيه طيبه علي كل حال والبنت "موزة" والولد الوسيم "موز "الحسناء "صاروخ "الراقصة "قنبلة" وأكثر من هذا استخدمت كنايات." ابن اللذين" "وابن القديمة" و"بنت اللئيمة" للدلالة على أشخاص بذاتهم، لقد كان المشوار طويلا جدا من نوارة حتى بنت اللئيمة.