محمد خان.. سجّل أنا مصري
يجلس الصبي بوجهه الصبوح، يجمع إعلانات الأفلام من قصاصات الجرائد، وينصت بإمعان لصوت السينما المجاورة لمنزله، فلا يرى من شرفة المنزل سوى مقعدين منهما، فهو ابن لتاجر شاي بكستاني جاء إلى القاهرة قبل 1940 ساعيا وراء "لقمة العيش" ليتزوج من مصرية وينجب منها قبل 71 عاما طفلا "مصري بإبداعه" رغما عن كل الأوراق الرسمية.. إنه محمد خان المخرج السينمائي رائد السينما الواقعية.
عشم.. "نفسي أحصل عليها كتكريم لي، أنا عندي 71 سنة دلوقتي، وعايز أموت مصري، هل من الممكن لحكومة الدكتور الببلاوي أن تمنحني الجنسية قبل فوات الأوان؟".. كلمات قالها خان بامتعاض في أحد اللقاءا التليفزيونية بعد 30 يونيو، التي ربما عرضت أفلامه يوما ما "خرج ولم يعد".. "زوجة رجل مهم".. "ضربة شمس".. "أيام السادات".. و"مشوار العمر"، وحتى مشاركته التمثيلة في فيلم "عشم" الذي يناقش هموم الشارع المصري، فلـ"خان" 23 فيلمًا، اختير أربعة منها ضمن أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
مشوار العمر.. ظل طلب محمد خان بالحصول على الجنسية المصري، حبيس أحد أدراج سكرتارية الرئيس المخلوع "مبارك"، فبعد مشواره الفني، وما سطره من تاريخ كأحد رواد السينما الواقعية في مصر والتي ازدهرت في نهاية السبعينات وطوال عقد الثمانينات، بخلت الدولة على "خان" أن يكون مصريا بالبطاقة، بعد ما رفع اسمها في العديد من المحافل الدولية.
فتاة المصنع.. كان الفيلم الأخير لمحمد خان، وبارقة أمل، فبعد حصول الفيلم على جائزتين في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور قرارا جمهوريا بمنح الجنسية للمخرج العالمي محمد خان، بعد مطالبته بالحصول عليها للمرة الثالثة.
خرج لم يعد.. كانت الصدفة هي وحدها التي حملت إلى محمد خان خروجه عن حلمه القديم بالعمل مهندسا معماريا، ليتحول صوب شاشات السينما، الذي لم يكن يعرف عنها سوى أنها موهبة وليست دراسة، فلقاؤه بشاب سويسري يدرس السينما، وذهبا سويا إلى مدرسة الفنون، ولتوها قرر أن يترك الهندسة، التي سافر من أجلها إلى لندن عام 1956، ليلتحق بمعهد السينما هناك.
أيام السادات.. بعد عشر سنوات من العمل في لندن، حيث غادر القاهرة بعد هزيمة 76، هزمته النكسة كما هزيمة الجيش المصري، فأسس دار نشر هناك بعد أن شعر بالاحباط واستحالة العمل في السينما، وأصدر كتابين: واحد عن السينما المصرية، وآخر عن السينما التشيكية، وأخذ يكتب مقالات عن السينما حتى عاد إلى القاهرة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، والذي أخرج فيلما عن حياته بعدها "أيام السادات" عام2001.
ضربة شمس.. كان بداية مشروع فني لمخرج كان ظهوره طفرة حقيقية في تاريخ السينما المصرية، فهو أول تجارب "خان" الراؤية في عالم السينما بعد عودة من لندن، عام 1978، فتعاون المخرج الشاب مع النجم الشاب حينها نور الشريف ليعرض بشاشات السينما المصرية في زمن ما سمي بـ"سينما المقاولات"، إبداع جديد بدأ به رصيده السينمائي، الذي أثرى به تاريخ السينما المصرية.