ومعاً سنرددها «تحيا الإنسانية.. يحيا السلام.. تحيا الحضارة». وددت أن أفتتح مقالى اليوم بهذه الجملة الأولى، والتى كانت أيضاً هى الأخيرة، فى خطاب سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى ألقاه خلال افتتاحه النصب التذكارى لـ«إحياء الإنسانية» بمدينة السلام «شرم الشيخ»، فى منتدى شباب العالم بنسخته الثانية، والذى تم انعقاده خلال الأسبوع السابق. وكم سعدت بشرف الحضور فى تلك الاحتفالية الأروع والأرقى -فى وجهة نظرى الشخصية- والتى جاءت كذلك ضمن عدد من الفعاليات الرائعة والراقية فى المنتدى هذا العام. وقد يسألنى البعض: لماذا وصفت هذه الاحتفالية تحديداً بالأروع والأرقى؟!
وسأجيبهم فى الحال: فغالباً ما أشعر، من خلال تعاملاتى مع الكثير من الناس فى بلادى -وأقولها بكل أسف- بما نطلق عليه بالعامية المصرية «عقدة الخواجة». ولا أعتقد أنها تحتاج منى لشرح أو توضيح، فمعظمنا تقريباً شعر بهذه الحالة مراراً وتكراراً فى تعاملاته فى مواقف مختلفة مع ناس مختلفة. وفى احتفالية افتتاح النصب التذكارى رأيت بعينى لمعة فى عين (الخواجة) ذاته، أسعدتنى كثيراً جداً، لمعة جمعت ما بين الإعجاب والانبهار.. بماذا؟! أولاً بالفكرة: والتى قدمتها لإدارة المنتدى الفنانة شيماء أبوالخير، حيث اختارت شيماء «القلب» باعتباره رمزاً للإنسانية، واقترحت توحيد مقاييس القطع الفنية لتأكيد تساوى الحقوق الإنسانية فى كل مكان وزمان مهما اختلفت الأديان والثقافات. ففكرة النصب ببساطة اعتمدت على إقامة صرح يضم رمزاً للإنسانية كلها. وهذا النصب الرائع يهدف بالأساس لتقديس الإنسان. وقد أوضحت شيماء أيضاً أن طريق النور داخل النصب التذكارى هو الطريق الذى فقد فيه العالم أرواحاً من نور، ولذا فقد جاءت مسلات النور فى النصب لتمثل تلك الأرواح المفقودة، فهو باختصار شديد عمل إنسانى تهديه مصر إلى العالم كله، مصر التى اختارت أن يكون طريقها إلى المجد هو طريق النور.
وثانياً بالمكان: والذى جاء فى نقطة يحتضنها الجبل (جبل الحب) بشرم الشيخ، وقد حرص من خلال هذا الموقع على أن يطل النصب التذكارى على المدينة من نقطة مرتفعة تجعله الأقرب للسماء، وذلك إيذاناً بنشر رسالة إحياء الإنسانية للعالم كله. وقد تم وضع النصب فى شكل دائرى، ووُزعت القلوب داخله، لتأكيد فكرة الوحدة والتعادل، ووُضع القلب المصرى المصنوع من الذهب -الذى صممه النحات المصرى أحمد مجدى- فى المنتصف، فى رمزية وتأكيد على دور مصر المركزى فى نشر رسالة الإنسانية.
وثالثاً بالأجواء التنظيمية: فكم كان التنظيم احترافياً، بداية من اختيار نوعية المقطوعات الموسيقية وانتهاء بالعشاء الفاخر جداً، حيث تم تقديم مصر بشكل حضارى راقٍ للضيوف من الحضور وللعالم أجمع.
ورابعاً بكلمة سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى: وربما كانت هى الأهم على الإطلاق، حيث جمع وأكد وأبرز من خلالها ما بين الفكرة والمكان والتنظيم، لتخرج الرسالة التى أرادت مصر إيصالها للعالم أجمع مكتملة. وكما بدأت مقالى بآخر جملة للسيد الرئيس فى كلمته سأنهيه بما بدأ به تلك الكلمة:
«أود أن أتوجه إليكم جميعاً بالتحية والتقدير لوجودكم هنا على أرض سيناء الغالية، ملتقى الشرق والغرب، ومقصد الباحثين عن السلام، وملتقى التاريخ والجغرافيا، أرض الإله والأنبياء».
ولحديثى معكم بقية.. نستكمله معاً فى المقال المقبل بإذن الله.