(1)
منذ عدة أعوام نشرت الصحف أخبار معرض زراعى أقيم فى فرنسا وحضرته وفود من مختلف الدول، ومنها وفد مصرى حكومى شعبى يضم عدداً من السادة المتخصصين فى الإنتاج الزراعى والحيوانى. وقال السادة العائدون من فرنسا الشقيقة إن العجول التى عرضها الفرنسيون فى المعرض المذكور كان وزن كل منها لا يقل عن ألف كيلوجرام، وإن الدواجن على اختلاف أنواعها كانت هى الأخرى ذات مواصفات استثنائية لا يوجد نظير لها فى مصر الشقيقة.
وقال إخواننا العائدون إن إخواننا الفرنسيين يستخدمون أجواء غير تقليدية فى تربية هذه الكائنات الحيوانية والداجنة. ففى عنابر تربية العجول يستخدم الفرنسيون مكيفات الهواء والتغذية العلمية، فضلاً عن موسيقى هادئة تتردد فى جنبات العنبر طوال النهار، وكذلك الحال فى الدواجن المخصصة لإنتاج البيض أو اللحوم أو سائر المنتجات الأخرى. وتؤدى هذه الأجواء النموذجية إلى مضاعفة إنتاج الألبان والبيض واللحوم، إلى جانب تحقيق أعلى قدر من الجودة فى كل هذه المنتجات. وقال بعض إخواننا العائدين من المعرض إنهم سوف يحاولون تنفيذ التجربة الفرنسية فى تربية المواشى والطيور المصرية، بينما سخر البعض الآخر مما شاهده هناك، وقالوا إن البهائم لا تفهم الموسيقى ولا يلزمها التكييف ولا يعنيها توافر مساحات واسعة تمنح كلاً منها خصوصية لا تتوافر للبشر فى مصر.
(2)
بعد شهور قليلة من الزيارة المصرية للمعرض الفرنسى، نشرت الصحف قراراً أصدرته حكومة أستراليا يقضى بمنع أو حظر تصدير الماشية والأغنام إلى مصر الشقيقة، وذلك بسبب انتشار مقاطع فيديو تصور التعامل الوحشى للعاملين فى السلخانات المصرية مع المواشى والأغنام قبل ذبحها. وظهر فى هذه المقاطع أشخاص يقومون بفقء عيون العجول وكسر سيقانها الأمامية حتى تسهل عملية ذبحها بعد هذا الفاصل من التعذيب الوحشى الذى لا يقره دين أو شرع أو أخلاق أو أى قدر من الرحمة والآدمية.
أما فى مجال تربية هذه الكائنات التعسة، فيقوم السادة رعاة الغنم بالطواف بها فى المدن الكبرى والوسطى والصغرى ويطلقونها أمام أى مقلب زبالة لتأكل ما تيسر من القاذورات المتاحة فى هذه المناطق. ورغم تكرار هذا المشهد المزرى أمام كل الناس فى عواصم محافظات كالإسكندرية والزقازيق وبنها والجيزة والقاهرة، لم يتدخل أى مواطن عادى أو حكومى لحصار هذه الظاهرة أو حتى الاستياء منها، ولكن العجيب أن بعض المارة يتجهون إلى راعى هذه الأغنام ويطلبون شراء أحد الخراف أو الماعز التى تتغذى أمام أعينهم على المقامة، ثم يقولون لك إن أكل الخنازير حرام لأنها تأكل الزبالة وتنقل الأمراض إلى آكليها من إخواننا الكفار.
(3)
إن لم تكن حضرتك من رواد المدبح أو من هواة ذبح العجول والأضاحى بيدك الكريمة، فلا بد أنك شهدت هذه المعجنة فى أفلام سينمائية مثل فيلم نجمة الجماهير نادية الجندى، أو الأستاذ بوحة، الشهير باللمبى، أو غيرها من الأعمال الفنية الأخرى، ولا بد أنك شاهدت أيضاً السادة نجوم كرة القدم وهم عاكفون على ذبح العجول، عسى الله أن ينصرهم بدمائها على منافسيهم فى مباريات الدورى والكأس. هذه الكائنات البشرية الذبائحية سوف تسخر منك وتجعلك مسخرة للعالمين لو طلبت منهم الاقتداء بفرنسا وأستراليا وسائر البلدان الكافرة الأخرى واستخدام الموسيقى والعلف النظيف فى تربية الماشية والأغنام والطيور الداجنة، وسوف يسخرون منك ويتهمونك بالكفر لو حاولت إقناعهم بإمكانية تخدير الحيوانات قبل ذبحها كما يفعل الأوروبيون. ولو استجاب لك شخص عاقل وقرر تجربة مسألة الموسيقى فى تربية قطعان من الماشية أو الدواجن، فإنه سوف يقدم لهم أغانى المهرجانات وموسيقى الفنان زكى جمعة والموسيقار كامل أبو صفاء والمايسترو حودة القرداتى، وهو الأمر الذى قد يؤدى لإبادة الثروة الحيوانية فى البلاد.