تفاعل القراء والحمد لله مع الجزء الأول من هذا المقال، وكثيرون منهم قدموا اقتراحات إضافية لتشملها المطالب باعتبارها أمنيات من الشعب المصرى فى بدايات عام جديد..
وللتذكرة فقد كان من بين ما تحدثنا عنه مافيا الميكروباص التى بلا دائرة حماية جيدة للمواطن، فلا أرقام شكاوى فعالة ولا حماية له من تقطيع المسافات لزيادة الأجرة، كما تكلمنا عن ظاهرة فرض رسوم على وقوف السيارات فى الشوارع من أشخاص لا يعرفهم أحد يملكون أحياناً فواتير لا نعرف من أين حصلوا عليها كما تكلمنا عن ظاهرة وقف معاشات آلاف الأسر لأخطاء بيروقراطية ولأسباب لائحية بما لا تتحمله هذه الأسر.. وغيرها.
اليوم نستكمل أنه سيكون غريباً على بلادنا أن تستمر ظاهرة التحرش بلا بحث عن حل حقيقى لها.. صحيح تم تغيير القوانين وتشديد العقوبات، لكن كل ذلك يتم فى الأصل لوقف ما يجرى بالشارع المصرى لكن ذلك لم يحدث.. بل للأمانة تتفاقم أكثر وأكثر.. وبات للأسف من الصعب أن تسير فتاة أو سيدة بمفردها.. أو حتى مجموعة سيدات أو فتيات مع بعضهن.. فإما تطولهم أيدى الشياطين أو ألسنتهم أو على الأقل عيونهم بعبارات ونظرات خادشة لكل حياء.. وهنا ننتقل إلى مطلب آخر هو خدش الحياء.. فالظاهرة هى أيضاً فى تزايد مخيف.. ألفاظ ومصطلحات وإشارات وبذاءات فى كل اتجاه لا تراعى مرور أسر بكاملها من بينها آنسات وأطفال، وفى أغلب الأحيان يكون بمناسبة مرورهم!
وقبل أن نترك الشارع المصرى وما يعج به من ظواهر مؤسفة انتشرت فى كل مكان ظاهرة احتلال أصحاب المحلات أو البيوت لحرم الطريق.. فى عدوان مباشر يتم بوضع حجارة أو أسياخ حديدية.. لمنع الآخرين من استخدام هذه المساحات فضلاً عن تشويه الشوارع وتضييقها رغم أنها ضيقة أصلاً.. ولا يصح الاحتجاج بأن هؤلاء ملاك لهذه المحال أو البيوت، فالملكية لا تمتد لمساحات عبور المواطنين، وهى ملك خالص للدولة.. كما أن فرض رسوم شهرية على هذه الموانع يمكنه إما أن يقلل من الظاهرة أو يدر دخلاً للدولة!
وفى الشارع المصرى أيضاً أصبحت ظاهرة التسول فى حاجة إلى ضبط وربط إما بتشريعات إضافية أو بشرطة خاصة بعد أن فاقت التصور.. حتى إن الناس يتندرون بأن هناك متسولاً بين كل متسول وآخر! وللظاهرة مردود سلبى على السياحة وعلى الأمن بشكل عام!
وفى الشارع المصرى لا حل فعالاً لظاهرة القمامة.. صحيح هناك شركة وطنية فى الطريق ومصانع لتدوير القمامة، لكن إلى حين دخول تلك المنظومة حيز التنفيذ يكون من الصعب أن يعيش المصريون فى الوضع الحالى الذى يمكن السيطرة عليه أو تحجيمه بأفكار بسيطة؛ منها الموافقة على شركات محدودة للشباب تعمل فى مربعات سكنية صغيرة، أو شركات أكبر للشباب أيضاً للعمل فى الأحياء والمدن بقروض ميسرة لتوفير الأدوات والمعدات!
وفى الشارع المصرى لم تزل ظاهرة مكبرات الصوت بالمساجد.. وهنا لا يطالب الناس بإلغاء الأذان إنما فقط تنظيم الأذان عندما يوجد أكثر من مسجد فى مربع سكنى واحد كل منهم يؤذن وكل منهم ينقل الصلاة كاملة عبر مكبرات مسجده بلا فائدة للناس، فى تنافس بين المساجد غير محمود بالمرة! إذ إن فكرة مكبرات الصوت وجدت أساساً للإبلاغ وإخطار المصلين بمواعيد صلاتهم، وهذا أصبح الجزء الغالب منه فى الهواتف وعلى شاشات الفضائيات وهواء الإذاعات وميكروفونات المساجد أيضاً لكن ليس بهذا الاختلاط الذى يتم!
وفى الشارع المصرى تظل ظاهرة الألعاب النارية بكل أشكالها وأحجامها لا تتفق مع المجتمع الذى نريده، وقد كنا عليه ونشأنا فيه.. هادئ بلا إزعاج وبلا اعوجاج فى شكل الفرحة.. كما أن للظاهرة أبعاداً أخرى آن الأوان للتوقف ورصدها؛ منها خلق أجيال تؤمن بالعنف ولا ترى عيباً فى أذى الآخرين كبار فى السن ونساء ومرضى.. الأمر هنا مرتبط بالأخلاق فى عمومها!
كثيرون يحتاجون لخدمات حكومية عاجلة فيلجأون إلى الأرقام المختصرة من شرطة النجدة إلى أرقام نجدة الأطفال إلى شكاوى التموين وغيرها من عشرات الأرقام المهمة لحياة طبيعية لملايين المصريين، إلا أن بعض هذه الأرقام لا يعمل وبعضها لا تكون استجابته إيجابية بالشكل الكافى، واختبار بسيط يجريه من يكلفهم الرئيس بذلك سيكون كاشفاً منذ اللجوء للرقم والاتصال به إلى فاعلية الشكوى.. ولذلك نجد الآن آلاف الشكاوى لم يحصل أصحابها على أى حقوق ضائعة رغم أحقيتهم ورغم رجوع الحق لهم متأخراً جداً لكن يكون الثمن غالياً جداً! وهذه المنظومات كلها تحتاج إلى تدخل حكومى فعال بإشراف الرئيس.. وقريباً من المشكلة نفسها أصبح مصطلح «السيستم واقع» واحداً من أكثر المصطلحات شيوعاً فى الأجهزة الإدارية التى تقدم خدمات للمواطنين وبما يتسبب فى مزيد من الجهد والوقت والأموال الضائعة عليهم!
تتبقى أزمة ترك الباب واسعاً للمدارس الخاصة فى رفع الرسوم السنوية أو التحايل برفعها من خلال مسميات أخرى.. حتى إن جنيهين فى لتر البنزين تعادل مئات الجنيهات سنوياً فى رسوم سيارات انتقال التلاميذ للتلميذ الواحد.. ورغم إعلان وزارة التعليم عدم مشروعية ذلك، لكن يحتاج الأمر إلى ضبط وإلى ربط لحماية الأسر المصرية!
الأصل فى رفع المطالب للرئيس السيسى هو حجم الثقة فى سيادته شخصياً ولقدراته على المتابعة والمحاسبة.. ونذكر بما قلناه الجزء الأول من المقال بأن مجموع المشكلات الصغيرة يعنى أزمات كبيرة يعيش فيها المواطن المصرى بما ينعكس على سلوكه العام والخاص.. سوء أداء وظيفى ووجود عائلى سلبى.. ينفجر فشلاً وعنفاً فى أحيان كثيرة.. بوجه المجتمع كله!
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.