«القرصنة الإلكترونية»: 15 مليار دولار حجم الخسائر سنوياً وخبراء: «الشرق الأوسط» فى مقدمة المناطق المستهدفة
ظاهرة الرسائل الإلكترونية الاحتيالية تستهدف أصحاب الشركات
انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة الرسائل الإلكترونية الاحتيالية التى تستهدف أصحاب الشركات، وتوهمهم بأنها من إحدى المؤسسات الدولية أو جهات يتعاملون معها بشكل متكرر، وتطالبهم بتحديث بياناتهم مثلاً، ما يشكل خطورة كبيرة على جميع البيانات والملفات لديهم، وقد حذر مختصون من خطورة فتح الروابط والرسائل المجهولة المصدر، وعدم تداول البيانات الشخصية عن طريق تطبيقات التواصل الاجتماعى.
واليوم ازداد تأثير الاحتيال بدرجة ملحوظة فى العالم، نظراً للاتجاه نحو الرقمية، فمع تسارع كافة الدول من أجل تطويع التكنولوجيا فى كافة المعاملات الحياتية، تزايد معها جرائم الخداع الإلكترونى، وسجلت خسائر الاقتصاد العالمى من نشاط القرصنة الإلكترونية نحو 15 مليار دولار سنوياً، كما قُدر إنفاق دول العالم على تأمين المعلومات بنحو تريليون دولار فى الفترة 2017-2021 وفقاً لموقع استاتيستا.
ويتفنن المحتالون والقراصنة بوسائل وطرق قيامهم بذلك سواء من خلال الاحتيال التسويقى الذى يتمثل فى وجود مواقع وهمية وحسابات مزيفة تنشر آراء غير دقيقة فى كل مكان، ما يؤدى إلى الحصول على النقد من الإعلانات بطرق غير قانونية، وحذرت مؤسسة «جونيبار» لأبحاث السوق من خسائر الاحتيال فى التسويق التى كلفت المعلنين ما يقدر بنحو 19 مليار دولار فى عام 2018 أى ما يقرب من %10 من نفقات الإعلان الرقمى العالمى.
ويتمثل نوع آخر من الاحتيال الإلكترونى الأكثر شيوعاً حول العالم فى بطاقات الدفع والحسابات البنكية، وكذلك سرقة البيانات والمعلومات فى مقابل الحصول على الكثير من الأموال بكافة الطرق الاحتيالية، حيث إنه كلما تقدم المجتمع وتنامى استخدامه للوسائل التكنولوجية كان أكثر عرضة للوقوع فى أيدى المحتالين، حال عدم اتباع وسائل حماية متطورة.
«صناعة التكنولوجيا»: التحول الرقمى فى مصر لا بد أن يصحبه تطوير نظم حماية البيانات.. و«اتصالات النواب»: تثقيف الشباب مسئولية شاملة
وبحسب موقع استاتيستا، فكثير من الدول والشركات باتت تعانى من هذا الاحتيال، وصٌنفت الصين من أولى الدول تعرضاً للقرصنة الإلكترونية تليها تايوان، وعلى مستوى الشركات فإن هناك 64% من المؤسسات شهدت هجمات على الإنترنت بنهاية 2018، 43% منها تستهدف الشركات الصغيرة، و38% فقط من الجهات استطاعت التعامل مع الهجمات الإلكترونية عالمياً. كما قدرت أسهم الغش الرقمى فى بريطانيا بخسائر سنوية نحو 190 مليار دولار، وفى عام 2017 خسر القطاع الصحى الأمريكى 68 مليار دولار بسبب اختراق بيانات العملاء وانتحال الهوية، والحال نفسه على مستوى القارة الأفريقية، حيث تعرضت نحو 62% من الشركات لحالات احتيال إلكترونى، وذلك وفقاً لمؤسسة بيو للأبحاث.
وبالنسبة لمصر التى وصل فيها عدد مستخدمى الإنترنت لنحو 33.9 مليون مستخدم، وفى الوقت نفسه الذى يتوقع الخبراء فيه زيادة حجم المعاملات الإلكترونية ليصل إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2021، خاصة مع تشجيع الدولة للتحول إلى الرقمنة، تصبح هناك حاجة مُلحة إلى الالتفات إلى أهمية هذا الملف وطرحه، والسؤال هنا من أين نبدأ؟
وفى هذا السياق، قال المهندس وليد جاد، رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات باتحاد الصناعات المصرية، إن مصر لم تعان بشكل كبير من عمليات الاحتيال الإلكترونى، نظراً لضعف استخدام التكنولوجيا مقارنة بالدول الغربية التى اقتربت فيها نسبة الرقمنة إلى 100%، وأضاف أن ما ساعد على ذلك أيضاً القيود التى تحد من نشاط المحتالين، وأبرزها عدم إتاحة المعلومات الشخصية بشكل كاف لهم، وعدم استخدام الإنترنت فى بعض المناطق، وأيضاً فى بعض الأماكن يتم التشويش وانقطاع الخدمة بشكل متكرر، مضيفاً أن هذا لا يعنى أننا لا نمتلك نظماً قوية للحماية تماثل الخارج، ولكن نحتاج لتطويرها بما يناسب الانفتاح الذى سنقبل عليه، وأكد «جاد» أن هذه المهام يقوم بها «الأمن السيبرانى» الذى يضع أساليب للحماية دون حجب استخدام خدمة الإنترنت عن أحد، لافتاً إلى أهمية إيجاد أكثر من وسيلة للأمان، مثل استخدام بصمة العين لأن بذلك ستزداد التكاليف على المخترقين ما يجعلهم قد يمتنعون عن الاحتيال.
وقال أشرف صلاح الدين، رئيس شركة «هاى تيك فيجن» للحلول الذكية، إن الاحتيال الإلكترونى انتشر كثيراً فى الآونة الأخيرة على شكل رسائل إلكترونية احتيالية تصل إلى الشركات بأسماء إحدى الجهات المتعاملين معها ولديها البريد الإلكترونى، والتى غالباً ما تكون مرفقة برابط مدعوم بمزود خدمة وهمى، وأضاف أن الاحتيال يتم فى حالة الضغط على ذلك الرابط ليحدث شىء من ثلاثة اختيارات، اما أن يقوم بتحميل ملف صغير أو script على جهاز الكمبيوتر أو المحمول، من خلاله يتمكن «المحتال» من التحكم فى كافة المعاملات الخاصة بالمستخدم الرئيسى، والثانى: أن يتم تشفير البيانات أو حذفها، ثم طلب دفع فدية قبل استعادة هذه المعلومات، أو نسخ كل البيانات والصور التى قد تتعلق بحسابات بنكية أو وثائق هامة واستغلالها من أجل العملية الاحتيالية، وأوضح أن الرسائل الاحتيالية قد تكون أيضاً على شكل دعوة للتبرع باسم مؤسسة عالمية ومن ثم الانتقال لرابط موقع إلكترونى تم تقليده بشكل مطابق تماماً.
وفى هذا السياق قال النائب نضال السعيد، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن فكرة الاحتيال موجودة منذ زمن بعيد، وتنوعت طرقه ووسائله سواء من خلال اختراق الأجهزة والكروت الائتمانية أو سلب المال دون إرجاعه، كذلك التجارة الإلكترونية التى بات العالم بأجمعه يتوجه إليها، فهى أصبحت من أكثر السبل للاحتيال عن طريق إطلاق منتجات بمواصفات غير حقيقية وتختلف على أرض الواقع، وأكد أنه على المواطن أن يحظر التعامل مع الجهات التى لا تمتلك كياناً قانوناً وجهة مسئولة عنه للرجوع إليها فى حالة التعرض للمشاكل، والاحتفاظ بالكروت الائتمانية وتوفير الأمان الكافى لحمايتها والعمل على تغيير الكلمات السرية كل 6 شهور، كذلك الحذر من التعامل مع الصفحات الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعى، فلا يصح التعامل مع أى شركة لا يكون لها كيان على أرض الواقع، وأوضح أنه على الدولة نشر الوعى والتحذير من خطر الاحتيال واستخدام الأجهزة الإلكترونية بطرق غير سليمة، ابتداء من المدارس وداخل المراكز الثقافة والشركات والجامعات وفى كافة أرجاء الدولة، فالمواطن والمؤسسات والجمعيات الأهلية واجب عليهم التعاون معاً من أجل مواجهة هذا الخطر والسيطرة عليه بشكل أفضل، وطالب «السعيد» بضرورة تطبيق «قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات»، الذى شارك فى مناقشته والذى يتضمن 10 جرائم محددة أبرزها الاحتيال الإلكترونى، وتم فيه تعظيم عقوبته بما يصل إلى سنتين سجناً ودفع غرامة تتخطى الـ300 ألف جنيه، مؤكداً أنه قريباً سوف يتم الإعلان عن بدء إعداد اللائحة التنفيذية الخاصة بالقانون، وأشار إلى أنه سيتم تخصيص فرع من فروع المحكمة الاقتصادية منوطة بدراسة وتوفير أشخاص فنيين قادرين على التعامل مع هذه المشاكل الإلكترونية وحمايات أمن ومعلومات الأفراد والشركات.