الإرهاب فعل شيطانى.. لكنه ليس نبتاً شيطانياً.. هو إفراز لمناخ تتوافر فيه شروط الوجود والبقاء والاستمرار.. وإن استبعدنا الظروف التاريخية التى ساعدت الفكر المتطرف للعودة والبقاء والانتشار على أرض مصر وكلنا يعرفها واقتصر الحديث على الحاضر وأوضاعنا الحالية، فالإرهابى ليس وحده المتهم بالقتل والتفجير.. إنما قائمة الاتهام طويلة جداً..
يدعم الإرهاب وبقوة كل ناقل وكل حامل وكل مروج لإنتاج ماكينة الشائعات الإخوانية التى لا تتوقف والتى عاش عليها تنظيمهم الممتد عبر عشرات السنين.. والتى كانت إحدى أدواتهم فى تصفية خصومهم والعدوان المعنوى على المختلفين معهم وواحدة من وسائل كسب التعاطف.. فلا تتوقف الشائعات عند حدود تشويه الإنجازات وتلفيق الاتهامات وإنما لتوجيه مسار تفكير وانتباه الناس نحو أشياء محددة.. وقد وقع الكثيرون فى الفخ ورددوا لسنوات أكاذيب ومبالغات التعذيب فى السجون وكانت حواديت زينب الغزالى وجابر رزق وأحمد رائف وأشرطة الشيخ كشك محل تداول واسع، وخلال سنوات مضت استفاق الكثيرون، ويبقى البعض يردد ذات الأكاذيب وبالتالى القابلية لترديد الأكاذيب الحالية لقنوات وإعلام الإخوان.. هؤلاء أكبر الداعمين للإرهاب وإرهابييه!
يدعم الإرهاب كل من يسمح وكل من يقبل بوجود إخوانى فى مؤسسة يترأسها أو يديرها أو مكلف برئاستها أو مفوض من المجتمع والدولة بإدارتها مهما كانت المبررات أو الأسباب، خصوصاً إن كان الإخوانى لم يتراجع عن أفكاره أو يعتذر عنها أو يخوض مع المجتمع معارك مواجهتها.. وهؤلاء ممن يتجاهلون وجود هؤلاء ويتقاعسون عن مواجهتهم بكافة الطرق المتاحة داعمون للإرهاب فى جرائمه مهما أقسموا على خلاف ذلك!
يدعم الإرهاب كل إعلامى أو صحفى أو ضيف على هؤلاء يساند أو يدعم أفكاراً متطرفة دون أن يدرى.. فلا ديننا دين تشدد أو قسوة، ولا ديننا دين يكلف الناس فوق طاقتهم.. وأى أحاديث منسوبة زوراً للرسول الكريم، عليه الصلاة والسلام، لا علاقة لها بصحيح الدين مهما كان راويها وناقلها وجامعها! ويدعم الإرهاب كل من يحرض على الكراهية وليس حتى العنف ضد الآخر غير المسلم.. فحاصل الأفكار المتطرفة فعل متطرف.. يشعر المغرر بهم أن دينهم فى خطر ومحل تآمر من الدولة والمجتمع وأن غير المسلمين يفعلون ما يحلو لهم ومع أفكار أخرى تتحدث عن الحاكم وشروط الخروج عليه يتحول الكثيرون إلى متطرفين يحملون السلاح والقنابل.. ويدعم الإرهاب كل عالم دين وكل معد برامج وكل ناقل لصلاتى الجمعة والفجر ولا يجد من أحاديث رسول الله، عليه الصلاة والسلام، إلا الضعيف منها الذى يروج له المتطرفون ويقيسون به وعى متابعيهم من عينة «يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود»، و«صنفان من أمتى إذا صلحا صلح الناس: الأمراء والفقهاء»، وفى لفظ «صنفان من أمتى إذا صلحا صلح الناس: الأمراء والعلماء»، و«من قرأ سورة الواقعة فى كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً»، وعشرات بل مئات الأحاديث المتداولة على المنابر والبرامج التليفزيونية ونقل الصلوات ضعيفة من ابن حزم إلى الألبانى، وبعد الألبانى لم يتقدم أحد لتدقيق الحديث الشريف أو لجمع الصحيح منه فى كتاب واحد.. والواحد المقصود يجوز يكون مؤسسة علمية.. ولكن النتيجة «لم يفعل أحد»!
ويدعم الإرهاب كل مدرس لا يقوم بواجبه تجاه تلاميذه من التعامل مع أى أفكار متطرفة أو خارجة تتسرب إليهم سواء من المنزل أو من بعض الزوايا والمساجد..
ويدعم الإرهاب كل من يتقاعس عن العمل بين شباب مصر مفجراً طاقاتهم فى أعمال مفيدة رياضية وثقافية وفنية واجتماعية تساهم فى حبهم لوطنهم وانتمائهم له ورغبتهم فى الدفاع عنه وعن شعبهم وفدائهم بروحه وليس العكس..
ويدعم الإرهاب كل مسئول بوزارة الثقافة لا يستغل ما تيسر للوزارة وله من إمكانيات تبدأ بالمكان ولا تنتهى بمكتبات زاخرة بكل أنواع المعرفة وقاعات للتدريب المسرحى وللفنون التشكيلية تشكل الوجدان وتهذب المشاعر والسلوك وتحبب الناس فى الحياة فلا ينسوا نصيبهم من الدنيا يستطيعون بوجودها مواجهة الأفكار المعاكسة التى تعلمهم العكس.. ويدعم الإرهاب كل فاسد يستغل وظيفته ونفوذه فى مخالفة القانون وفى الحصول على ما لا يستحق على حساب آخرين لهم حق الحصول على المكان المناسب فى كلية مناسبة ووظيفة مناسبة تذهب بالوساطة لغير مستحقيها فيعتمل الغضب فى نفوس الآلاف يجد من يلتقطه ويوظفه..
ويدعم الإرهاب كل مجرم يتصور أنه من صناع الإعلام والدراما فيسىء للمجتمع ويشيطنه لعقول ونفوس بريئة تبحث عن حياة نقية فيجدون صوراً فجة.. وأحياناً فاجرة.. فيكون رد الفعل العكسى طبيعياً، خصوصاً أننا بصدد عشرات الألوف من الشباب لم يجد حتى اللحظة إعلاماً حقيقياً ولا تعليماً حقيقياً..
ويدعم الإرهاب كل من يستغل الناس وظروفهم وأحوالهم ويدعمه كل من يتقاعس عن التعامل مع مطالبهم ويترك مشاكلهم معلقة بلا سبب.. فلا ردع مع مستغلى الناس فى وسائل النقل الخاص برفع الأجرة وتقطيع المسافات، ولا حسم فى موضوع التوك توك، ولا فصل فى تعطيل مصالح الناس فى العديد من المصالح الحكومية بفعل الإهمال والفوضى أو بسبب روتين غبى وبيروقراطية موروثة.. وكل هؤلاء يتسببون فى تهيئة مناخ من الغضب يسمح بانتشار الأفكار المتطرفة..
ويدعم الإرهاب كل من يفتقد القدرة على نقل وشرح ما جرى من إنجازات كبيرة جداً خلال السنوات السابقة بعضها يمكن وصفه بالأسطورى.. يغلب الأسلوب الإنشائى على الأرقام والثرثرة على المعلومات.. يقف عند ظاهر الإنجازات دون شرح لأبعادها.. فمثلاً.. كثيرون تكلموا عن أفريقيا ولا أحد تكلم عن أن الأمن القومى لا يقبل القسمة على اثنين وأن الوجود الإسرائيلى بقارتنا لا يمكن أن يستمر وهذا يحتاج معركة كبيرة يجب أن يفهم الناس أبعادها والالتفاف حولها.. والكل يتحدث عن الطرق الجديدة ولا أحد تحدث عن أبرز وأهم نتيجة لها وهى انخفاض ملحوظ وكبير فى نسبة حوادث الطرق ولا فى الجودة القياسية لها بسبب محاصرة الفساد والنهب الذى كان يتسبب فى طرق عامة سيئة للغاية..
كثيرون هم الداعمون للإرهاب.. الذى أكد حادث الأزهر أن التطرف فكرة شريرة وليس ظروفاً اجتماعية.. وأن المعركة معركة المجتمع كله وليس الجيش والشرطة وحدهما.. وما قلناه فى السطور السابقة كتبناه قبل ذلك وعبر سنوات عشرات المرات.. ونعيده من جديد ربما نفعت الذكرى، هذه المرة، المؤمنين!