هل تعجلت الحكومة في طرح "الشرقية للدخان"؟
هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام
علامات استفهام ملأت أذهان العاملين والمستثمرين في البورصة الأيام الماضية خلال متابعتهم للطرح الأول ضمن برنامج الطروحات الحكومية والذى خيب آمال المستثمرين والمتعاملين بسوق المال، فعملية طرح الشركة الشرقية للدخان بدء من الطرح الخاص "السري" - الذى تم بعد إغلاق البورصة لجلسة الخميس الماضي- وصولا إلي تواضع الحصيلة المحققة من الطرح.
البعض رأى أن تعجل وزارة قطاع الأعمال في تنفيذ الطرح لأنها قد تكون "مضطرة" تحت ضغط التزامها مع صندوق النقد الدولي بتوقيت تنفيذ برنامج الطروحات الذي تأخر كثير وهو الذى جعلها تسرع بالطرح بغض النظر عن تبعاته.
نسرد فى النقاط التالية بعض الوقائع التى صاحبت قيام وزارة قطاع الأعمال العام بعملية الطرح، فى محاولة لمعرفة أسباب مخالفة الطرح للتوقعات المرجوة، وهل بالفعل جانب الحكومة الصواب في الإجراءات الخاصة بتنفيذ طرح نسبة اضافية من الشرقية للدخان فى البورصة.
· توقيت الطرح:
ووضعت الحكومة نفسها في مأزق بسبب تأخير تنفيذ برنامج الطروحات إلى وقت لا يعد مناسبا في ظل تواضع السيولة في السوق وتراجع سعر السهم والذى كان يقدر بـ 28 جنيه ، لتعجل عملية الطرح في وقت غير مواتي لتحقيق سهم الشرقية والطرح العوائد المنتظرة منه كأول طرح حكومي في برنامج الطروحات الحكومية.
· سرية الطرح:
أثارت "السرية" التى صاحبت عملية الطرح العديد من التساؤلات حول أسباب ذلك ومن المستفيد منها، خاصة وانه كان منتظر من مستثمري أسواق المال محليا وخارجيا.
حيث فوجئ العاملون في البورصة وسوق المال بإعلان الشركة الشرقية للدخان عبر موقعها الإلكتروني مساء الخميس الماضي - بعد إغلاق جلسة البورصة - نتائج الطرح الخاص لحصة إضافة من أسهم الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني" في البورصة المصرية.
ووفقا للشركة تم طرح 101.250 مليون سهم من أسهم شركة الشرقية للدخان للبيع في البورصة، بسعر 17 جنيهًا للسهم الواحد، بواقع 95% منها للطرح الخاص و5% منها للطرح العام، وتديره المجموعة المالية هيرميس.
·تواضع الحصيلة المحققة:
بلغت حصيلة الطرح الاضافي بنحو 4.5% من حصة الشرقية للدخان في البورصة نحو 1.8 مليار جنيه تقريبا، وهذه القيمة أقل كثيرا من الحصيلة المتوقعة للطرح عند إعلانه العام الماضي، والتي كانت تتراوح بين 2 إلي 2.5 مليار جنيه، مما أهدر علي الخزانة العامة للدولة نحو 700 مليون جنيه.
خبراء المال أرجعوا ذلك إلي تأخر الحكومة كثيرا في تنفيذ تنفيذ الطرح والذى كان من الأفضل أن يتم خلال الربع الأول أو الثاني من العام الماضي في وقت وصل سعر السهم لنحو 28 جنيه.
·انخفاض سعر السهم بعد إعلان آلية التسعير :
إعلان هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، خلال الماضي عن آلية تسعير الطروحات الحكومية للشركات المقيدة وانها ستتم وفقًا لمتوسط السعر السوقى للسهم خلال أخر شهر تداول، مضافاً إليه أو مخصوما منه 10%، كان خطأ من وجهة نظر بعض خبراء المال لأنه أدى إلي قيام بعض المضاربين في البورصة بالسعي للضغط علي قيمة السهم لينخفض،وهو الأمرالذى أثر سلبا بالتبعية على تسعير الأسهم والحصيلة المستهدفة.
وتراجعت قيمة سهم الشرقية للدخان بنحو 44% خلال الشهور الماضية حيث انخفض من أعلى قيمة له في مارس 2018 عند 28 جنيه ليصل الى نحو 17 جنيه عند الإعلان عن تنفيذ الطرح وبالتالي انخفضت الحصيلة الإجمالية المستهدفة من الطرح من حوالي 2.5 مليار جنيه الى نحو 1.8 مليار جنيه .
·التأثير علي البورصة :
شركة الشرقية للدخان هو الطرح الأول من الدفعة الأولى لبرنامج الطروحات الحكومية والتى تشمل ايضا الإسكندرية لتداول الحاويات، ومصر الجديدة للإسكان والتعمير، وأبوقير للأسمدة، وذلك بعد استبعاد الإسكندرية للزيوت المعدنية "أموك.
وكان المتعاملين والمستثمرين بسوق المال يعولون علي برنامج الطروحات لإعطاء البورصة المصرية دفعة قوية عبر توسيع قاعدة المستثمرين في البورصة وجذب مستثمرين أجانب، غير ان طرح الشرقية قضي علي هذه الآمال.
فالطرح لم يحقق التأثير المرجو على أداء المؤشر الرئيسي للبورصة لأنه ليس طرح أولي، كما أن نسبة الأسهم المطروحة للطرح العام قليلة للغاية، مقابل نسبة الطرح الخاص.
·اتفاق الصندوق:
رغم أن البورصة ليست في أفضل أحوالها في الوقت الراهن وتشهد البورصة المصرية تراجعات حادة خلال الفترة الأخيرة، متأثرة بأزمة خروج الاستثمارات من الأسواق الناشئة وارتفاع الفائدة في أدوات الدين الحكومية، فأن تعجل الحكومة في تنفيذ طرح الشرقية للدخان قد يرجع الى تعهدها لصندوق النقد الدولي، بطرح ما لا يقل عن 4 شركات تابعة للحكومة ضمن برنامج الطروحات في البورصة قبل 15 يونيو 2019، وذلك في إطار مطالبة الصندوق للحكومة بتقليل نسبتها الحاكمة في الشركات المملوكة للدولة.
لكن يؤخذ علي وزارة قطاع الأعمال العام انها حتي وإن كانت مضطرة نتيجة التزامها بتوقيت زمني يدفعها للمضي سريعا في تنفيذ برنامج الطروحات، كان يمكنها معالجة ذلك عبر طرح أولي لشركة جديدة بالكامل فى السوق كشركة انبي أو بنك القاهرة أو اى شركة بقائمة برنامج الطروحات وغير مقيدة بالبورصة وهو الأمر الذى كان سيؤدي الى حدوث تغيرا فعليا فى نشاط البورصة بدلا من طرح حصص إضافية لشركات مدرجة وأسعار أسهمها تشهد حاليا انخفاض.